بقلم: مينا ملاك عازر
علمني أبي أن الكبير بفعله وعقله وليس بسنه وكلامه، ومن يومها اهتممت أن أكون أد كلمتي، وفعلي يعبر عني، ولذا لم أطلب من أحد أن يحترمني لكنني أسعى بفعلي لأن أكون محل احترام الآخرين، وعرفت من أبي أن رأي الإنسان ووجهة نظره في الحياة هما سر تقييمه ولا أهتم بمسألة السن، وتذكرت يوسف الصديق أصغر إخوته لكنه كان أحكمهم، ويعقوب كان الأصغر لكنه كان الأنجح، رأيت أوباما ينجح في أمريكا ويتفوق على من هم أكبر منه سنًا لأنه اختار أن يكون كبيرًا بفكره وعقله وفعله وبكلمته.. ورأيت وزارة الداخلية المصرية رغم كبرها كجهاز أمني قديم وعريق ولكنها تأبى أن تقول إنها أخطأت في حق خالد محمد سعيد حتى لو كان متهمًا مما جعل كبرياءها يوقعها في مساءلة، حيث صارت مصداقيتها في مهب الريح، وحينما حاولت الداخلية أن تبرر عملها شوهت نفسها أكثر مما شوه المخبرون خالد.
وهل نستنكر على الداخلية أن يكون من بين رجالها منحرفون والانحراف ساد البلد كلها، هل نسينا رشوة مرسيدس، هل نسينا أرض جزيرة آمون التي لولا الرئيس لما كنا عرفنا أن أحد المسؤولين سيشتريها بتراب الفلوس، هل سننكر أن محكمة أخطأت في حق الكتاب المقدس حينما لم تقدر مكانته ونفت أحكامه.
هل رأيتم كيف يتصرف الكبار في العقل مثل البابا في تصرفه الحكيم الهادئ حيال أحكام القضاء، هل تريد منا الداخلية أن ننسى ما فعلته في انتخابات الشورى من تشويه في النتائج، صدقوني كان أقسى في مرارته من تشويهها لوجه خالد سعيد.
أنا لا أنكر أن يكون للكبير هيبته، ولكنني أنكر أن يكون الكبير بالسن وبالسلطة أو بالعافية، فالكبير كبير بثقته في نفسه وفي أفعاله. والسؤال الآن هل تستطيع أن تقول لي من الكبير في أزمة القضاء والمحامين، من أضرب عن العمل أم من استغل سلطاته وحكم على المتهم دون فرصة للدفاع عن نفسه، ونسى أنه حتى لو كان متهمًا فهناك طرف آخر متهم لكنه لم يقدم للمحاكمة؟ فهل هذا سلوك كبار؟!
لماذا لا يوجد كبار يحتون الأزمات ويقودونا، فقد صار الكبار الحقيقيون قلة وكأنهم مندسون علينا.. مستقبلنا سوف يصبح في مهب الريح بدون الحكماء أمثال البابا والرئيس، ستصير البلد في يد من هم كبار الأجسام وعقولهم مثل عقول العصافير، تصرفاتهم تصرفات مطيورة وغير مسؤولة.
المختصر المفيد من رفع نفسه فوق قدرها صارت نفسه محجوبة عن نيل كمالها. |