بقلم: نبيل المقدس
اتأسف لهذا العنوان ... فقد أخذت أبحث عن عبارة تعطي معني الزواج للمرة الثاني في قواميس وكتب جميع أديان العالم , لم أجد تعبيرا يعطي هذا المعني إلاّ تعبير (النكاح الثاني ) .... أكرر أسفي لكن أعمل ايه . ؟؟ ما بيدي حيلة . فلو كتبت العنوان ( زَوّجْهُما الزواج الثاني) سوف لا يفهمها القراء , فهي مشهورة ومعلومة بهذا التعبير والذي استخدمته كعنوان لهذا الموضوع ... كذلك لم تتعود الأذن بأن تسمع كلمة الثانية بعد كلمة الزواج إلا في حالة وفاة أحد الزوجين. لكن إعفوني من التعبير الأصلي , ونتكلم بالتعبير المجازي وهو ( الزواج الثاني) .... تعبير أرحم مع أنه لم نعتاد عليه في ثقافتنا الروحية ...!!
نويتُ أن أزور صديق لي ساكن في شارع من شوارع شبرا ... ذهبت إليه عن طريق مترو الأنفاق ... وأخذتُ طريقي إلي السلم الذي يؤدي إلي أقرب مكان للشارع الذي أقصده ... يادوب خرجت ودخلت الشارع والذي يتفرع منه شارع آخر حيث يسكن صديقي , وأجد قوة من دفاع الأمن والشرطة , ومباحث أمن الدولة تُحوّط المكان بكردون من الشريط الأصفر العريض والذي نشاهده دائما في الأفلام الأجنبية عند حدوث حادث طريق او حادث سرقة بنك او حادث قتل . سألتُ المتجمهرين عن ماذا حدث ؟ قالوا لي : بيقبضوا علي واحد كاهن إرهابي .... صرخت وبصوت عالي : كاهن مسيحي طلع ارهابي !!!؟ سألتهم : هل وجدوا متفجرات في بيته ؟؟؟ وإذ بصوت الجماهير يعلو قائلاً : ياريت !!! سألتهم : هل قتل أحداً : ردوا في نفس واحد ...ياريت !! هل قام ما سمح الله بسرقة أحد الجيران أو محل ذهب ؟؟؟ صرخوا بقوة : ... ياريت !!! تعجبت جدا ... لا يتبقي إلاّ انه متهم في جريمة أخلاقية ... فسألتهم وأنا مكسوف جدااا : هل ولا مؤاخذة وقع في المحظور مع أحدهن .... هاجوا وصرخوا ..... ياريت ده كان يبقي الموضوع أسهل ...!! قلت في عقل بالي ... مش باقي إلا انه قام بالتبشير ... لكنهم هاجوا وماجوا وبأصوات جعورة .... ياريت ده أفظع من كده بكثير !!! .
لا وجود لمتفجرات ... لا سرقة محل ذهب ... لا قتل ... لا تبشير ... لا وقوع في المحظور ... لا تبشير , ماذا يا تُري فعل هذا الكاهن في حق الدولة ؟؟ ... أكيد هذا الكاهن تزعم رجالا لكي يقلبوا نظام الحكم ! ... وها حالة الطواريء تمارس واجبها ... أخذت طريقي وسط هذا الزحـــام , وبالعافية وصلت علي بعد امتار من مكان الكاهن ... وجدت الكاهن جالس علي كرسي أمام مكتبه , وأمامه تجلس عروسة بثياب الفرح وماشاءالله وجدت عقد لولي يحيط برقبتها وحامل صليب عريض ماشاالله لوحده يسوي آلاف الجنيهات , وقاعد جنبيها عريسها الثاني بعد الأول منذ سنة , لابس بدلة الفرح هي هي اللي كان لابسها في فرحه الأول ... يعني لابسين عِدة الشغل ... الإثنين مُطلقين طلاق مدني , ماشاالله الإثنين خبرة ولهما سوابق .
أتاري الحكاية راحوا للكاهن في الكنيسة عشان يتمم لهما الزواج , ومعاهم ورقة من المحكمة تثبت حقهم في الزواج الثاني لكل منهما ... مارضيش الكاهن ... ذهبا جري إلي القسم وأشتكياه ... علي طول تم إبلاغ مديرية الأمن ... في خمس دقائق كانت القوات كلها محاوطة المكان متهمين الكاهن بمخالفة القانون ... إتهموه ياعيني بعدم تنفيذ حكم المحكمة ... قالوا له انت كده إرهابي ... بتثير الفتنة ... وعشان أحنا في حالة طواريء هنجبرك علي عقد زواجهما وننهي الموضوع سلمي وكأنه يادار مادخلك شر ! .. يا إما الحبس في حالة الرفض ..... !!!!
بعد .. شوية دخلوا ناس ومعاهم مسدسات وصوبوها علي رأس الكاهن وهددوه بإتمام الزواج أو القتل ... رد مسئول القوة وقال : فعلا القتل أحسن عشان يكون عبرة لغيره ....!!!
أحبائي ... هل تعتقدون أنه سيأتي الوقت وتحدث مثل هذه القصة التي تصورتها وسردتها لكم ؟؟... بعد ما علمنا من الصحف والفضائيات أن نبيه الوحش، المحامى أرسل، إنذارا رسمياً فور صدور الحكم مباشرة على يد محضر للبابا شنودة الثالث، بطريرك الأقباط الأرثوذكس، يطالبه فيه بتنفيذ حكم المحكمة الإدارية العليا، الذى يلزمه بالتصريح للمطلقين بالزواج مرة أخرى وإلا سيقع تحت طائلة القانون ومواجهة جريمة الامتناع عن تنفيذ حكم قضائى ..؟؟؟
أنا مازلت مندهشا ... اننا تركنا المؤسسة الدينية والتي يمثلها البابا بمفردها تواجه هذا المصير الظالم ... لم أري جموع الشعب المسيحي خرجت علي رصيف مجلس الشعب لكي تعبر عن رفضها لهذا الحكم الذي يناقض عقيدتنا ... لم أسمع أي تحرك من جمعيات الحقوق المدنية , فهذا الحكم لا يتداخل لا من قريب أو من بعيد عن المناداة بالدولة المدنية ...
لم أجد المنظمات القبطية , الداخلية أو الخارجية انها قد إتخذت اي خطوة إحتجاجية وإيجابية في نفس الوقت ... لم أجد أو أسمع ردود فعل الطوائف الأخري بغض النظر عن التصريحات التي خرجت من المؤسسة الأرثوذكسية ... فهذا ليس وقته .... وانا علي علم تام أن جميع الطوائف الأخري وخصوصا الإنجيلية , لا تقبل الطلاق ولا إتمام الزواج الثاني ... فكل ما يُقال عنها أو ما يتردد انها لا تدين الزواج الثاني , فهو نوع من عدم معرفة قوانين هذه الطوائف الأخري , والتي تتخذ من الكتاب المقدس قوانينها وواصاياها ... فهذه الطوائف تؤمن أن الزواج رباط مقدس لا يمكن فصله , لأن الله نفسه يتممه علي يد من يُعيّن لذلك , كما أن الكنيسة تُصلي للعروسين مع جميع شعب الكنيسة لكي يكون الروح القدس هو مرشدهما في حياتهما الخاصة بعد ذلك ... كما تطلب هذه الكنائس بمشاركة شعبها البركة والنعمة من رب المجد , وأن يصبح هو مالك هذه الأسرة الجديدة. فهذه الكنائس تُعلن جهرا وعلي الملا وبدون ملاوعة او خوف أن الزواج لا يكون إلاّ في المسيح , ولا طلاق إلا لعلة الزني . وأن كل ما يسميه الناس طلاقا هو طلاقا باطل مهما كانت الهيئة التي تعتمده , كنيسة أو غير كنيسة . ( من كتاب العقيدة الإنجيلية للقس الدكتور لبيب مشرقي ] .
لذلك أطالب كل الطوائف بإرسال تصريحات إحتجاجية في الصحف ... وأطالب كل الطوائف بأن تتوحد ضد هذا الحكم الذي هو بداية الطريق لهدم أساسيات المسيحية .. كما أناشد جميع الجمعيات الخيرية والمؤسسات التي ترعي الطفولة ... والايتام و وكل هيئة لها صلة روحية بالكنائس أن تقدم ولو ورقة إحتجاج إلي مجلس الشعب لأنها هي التي سوف تتحمل الجزء الأكبر من توابع هذا الحكم .
نحن الان بدأنا البداية الحقيقية في مواجهة المادة الثانية ... علينا بالتكاتف حول الرئاسات الكنسية ... كما أناشد الأخوة والجماعات العلمانية أن تتوحد مع آراء الكنائس ... فالعلمانية هي المساواة في السماح في تغيير الديانة ... لكن ليست في تغيير أساسيات الإيمان لكل دين .
نعم ... المسيحية التي لا روح الرب فيها ... تنقصها قوة المناعة في تغلغل افكار الآخرين فيها .
ملحوظة : فكرة الزواج بالطبنجة هي فكرة الأستاذ ادوارد المعلق المحبوب في الموقع ... بعد محاثة شيقة دارت بيننا ... لذلك استاذن الأستاذ ادوارد علي هذا الإقتباس وشكرا ...! |