بقلم: القمص. أثناسيوس ﭼورﭺ ففي ساعة انتقاله.. تركزت صلواته وآلامه وتضرعاته وتأملاته وبذله وأعماله٬ ما نعرفه ومالا نعرفه٬ و كل محصلة أتعابه، تنسَّمها المسيح ملكنا كرائحة رِضَى، بعد أن نال رضى القدوس. ألبستك الكنيسة ثياب التقديس التي لن تخلعها أبدًا٬ حاملاً في يدك صليب وإنجيل الخلاص٬ إذ أنه منذ الآن انتهى للزمن أن يكون له عليك سلطان،خادمًا للأقداس مع الأربعة والعشرين السمائيين كهنة الحق.. لقد ذقت النعمة، واقتنيت المحبة الإنجيلية، وسكبت حياتك في بوتقة الخدمة مُكمِّلاً السعي.. وقد أبرزتَ على نحوٍ خاص الوجه الحقيقي للروحانية المسيحية في بساطتها وطيبتها وحكمتها٬ كنسمة وديعة هادئة٬ عملت عمل الخميرة النشطة التي تُخمِّر العجين كله بلا ضجيج ولا افتعال٬ نظراتك هادئة، وابتسامتك عذبة تنظر إلى القلب محتضنًا الكل في اتساع وأصالة، تتحدث إلى الله والناس من مَعِين قلبك٬ ولم تحد إطلاقًا في خدمتك لله عن هذا الخط٬ فكنت بعيدًا عن التصنع والإفتعال.. نبراتك عميقة تؤكد بساطتك ورسوخ اعتقادك التي تركت في النفوس إنطباعًا روحيًا عميقًا.. حقاً.. إنك خادم من طراز فريد. ولأن المثيل يستريح إلى مثيله، فقد أحببتَ المتنيح الأنبا "مكسيموس" مطران القليوبية، والمتنيح الأنبا "مينا أفا مينا"، والطيب الذكر أبونا القمص "بيشوي كامل"، نيح الله نفوسهم.. وقد بادلوك هم أيضًا الحميمية الروحية٬ وهم الآن يستقبلونك في مواضع النياح والراحة. كنتَ من المساكين بالروح الذين عبروا برِّية هذا العالم لابسين ثياب التواضع، وقد رأيتُك أثناء خدمتي بالدار البطريركية، كيف كنتَ مُلازمًا بالتلمذة والحب الصادق والتقدير للآباء الأجلاء؛ القمص "مرقس باسيليوس"، والقمص "جرجس رزق الله"، والقمص "بطرس رياض"،والقمص "متياس روفائيل"، وكم كنت وَدوُدًا معهم، ووفِيًّا بهم، وكم هم أحبوك وضموك. لقد هربت من الحكم على الآخرين كمَنْ يهرب من أسد مفترس٬ لذا عُرفتَ بدعتك، واتَّبعت الجهالة من أجل الله أحيانًا لتنجي نفسك وتكسب الكثيرين بالحب٬ عندما نظرت إليهم بنظرة التحنن التي لأبيهم السماوي٬ فأعدتَ للأذهان صورة ونمط طريقة القديسين، والجميع يشهد لك كم سعيت في جهادٍ كثير، من محرس الصبح إلى آخر ساعات الليل، طوال سِنِيّ كهنوتك لتصير بيعة الله التي للملاك الجليل "ميخائيل" على ما هي عليه الآن، مكتسية بالبهاء والجمال الروحي. تقواك أقوى من كل عظة٬ وقدوتك ومثابرتك أسرع من كل سهام الكلمة، تركض باجتهادٍ وأمانة في سماحة وصفاء.. وها ثمار سهرك ودموعك مع زِقّك، وكتاب وكالتك مُدوَّنًا لك في سِفْر الحياة، وسيكون لك تذكارًا مؤبدًا ستنال عنهم الجُعالة الحسنة، والأجر السمائي، والرتبة الحسنة. إنني أراك بعين الإيمان في سفرك السعيد إلى المصاعد التي بغير قياس، في المساكن التي لها الأساسات٬ بعد أن جاهدت الجهاد الحسن، وعُدت كطائر يدخل من نافذة، ويخرج من أخرى٬ وقد جمعت وخزنت كنوزًا سمائية في الوطن الأفضل ليفتح لك المسيح الأبواب بسعة، وليمنحك النياح والراحة وعدم الفساد، وليعيننا الله كما أعانك لنتمثل بحياتك٬ ولتكثر لنا التعزية بصلواتك. |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا |
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا |
تقييم الموضوع: | الأصوات المشاركة فى التقييم: ١٤ صوت | عدد التعليقات: ١٧ تعليق |