CET 09:07:39 - 02/06/2010

أخبار عالمية

AlAzma - كتب - أيمن عبد الرسول

تباينت ردود الفعل حول الاستخدام المفرط للقوة الإسرائيلية ضد "أسطول الحرية"، غير أن الموقف التركي الذي بدا أقرب إلى ما يمكن وصفه بالاستخدامٍ المُفرطٍ هو الآخر للتهديد والوعيد، جاء غير متسقٍ مع الدهشة العربية حيال اكتشافها الآن وفجأة، أن إسرائيل غير جادة في السعي إلى السلام، على حد تصريح عمرو موسى أمين الجامعة العربية، عقب الاجتماع غير العادي لمندوبي الجامعة الدائمين، وتبقى تهديدات إيران الرسمية خارج المنافسة إذ صرح أحمدي نجاد بأن التصعيد الحالي ضد غزة، هو "بداية لاجتثاث الكيان الصهيوني"، على حد تعبيره.

وبين المشاركة الهادفة من قِبل الـ"عثمانيون الجدد" في الأسطول المنكوب، وعدم مشاركة إيران في تقديم مساعدات إنسانية للقطاع المحاصر تحت حكم ربيبتها الصغرى "حماس" علامات تعجب واستفهام لفتت انتباه بعض المراقبين، حول العلاقات التركية الإسرائيلية من جهة، والدور الإيراني في المنطقة العربية، خصوصًا في ظل صراعات إعلامية متبادلة، وتوترات طالت مدنيين كما في حادث الاعتداء على "قافلة الحرية".
كيف سيقود هذا التوتر في العلاقات مستقبل التعاون الإسرائيلي التركي، في ظل مخاوف من انقلاب عسكري على حكومة أردوغان، التي تم اختراقها من قِبل خبراء إسرائيليين؟

علاقات متينة
كانت تركيا أول دولة في العالم الإسلامي تعترف بإسرائيل سنة 1949م، وقد جاءت هذه الخطوة ضمن مجموعة من الخطوات التي اتخذتها تركيا لتتكامل عملية خلع ثوب الخلافة العثمانية، ومحاولة الالتحاق بأوروبا، وقتها اختارت تركيا الرهان على هوية أوروبية، رغم أن المساحة التركية التي تقع في القارة الأوروبية لا تتعدى 3% من مساحتها الإجمالية، غير أن هذا الإجراء يقطع نهائيًا بين تركيا الحديثة والقديمة ويقلعها عن جذورها في المنطقة الآسيوية المحيطة بها، وفي هذا الإطار وجدت تركيا نفسها ساعية إلى الحصول على اعتراف الغرب بها كدولة أوروبية واكتشفت مبكرًا أهمية إسرائيل بالنسبة لهذا الغرب فلم تتوان عن الاعتراف بها ومد جسور التعاون معها.

خبير إسرائيلي يتحدث عن العلاقات التركية..
حافظت تركيا على سرية تحسين العلاقات مع إسرائيل منذ اعترافها بها وذلك حفاظًا على علاقتها مع المنطقة العربية وخصوصًا على الجانب الاقتصادي غير أن هذه العلاقات كانت تمضي قدمًا في إطار من السرية وقطعت شوطًا لا بأس به وربما شكلت خطرًا على المنطقة بكاملها فيما أفضت إليه الآن من معطيات.
منذ نهاية الخمسينات وقعت المؤسسة العسكرية التركية مع نظيرتها الإسرائيلية اتفاقا سريًا لتبادل المعلومات الاستخبارية عن الإرهاب والحركات التخريبية العربية، كما سمحت أنقره وبشكل سري لأجهزة الأمن الإسرائيلية بالعمل في الأراضي التركية.
في السبعينات اتفق الجانبان على تعزيز التعاون الأمني لمراقبة الوضع في لبنان.
شهدت مرحلة الثمانينات ترددًا مكثفًا لقادة عسكريين وأمنيين إسرائيليين على تركيا، كما قامت أنقره بإرسال رسائل إلى تل أبيب تفيد بأن تركيا جاهزة للإعلان عن علاقات أكثر تميزًا مع إسرائيل.
في غضون تلك الفترة سمحت الحكومة التركية لرجال أعمال إسرائيليين بالسيطرة على بعض وسائل الإعلام وبث دعايتهم عبرها ضد العرب وتذكير الأتراك بأنهم (أي العرب) هم أعداء تركيا وقد ساهموا في إسقاط الإمبراطورية العثمانية وغدروا بها.
شهدت الأشهر الأولى في 1995 تبادلاً مكثفًا لزيارات بين المسؤولين الإسرائيليين والأتراك تُوّجت بزيارة الرئيس التركي "سليمان ديميريل" إلى إسرائيل واعتبرت زيارته أول زيارة يقوم بها رئيس تركي إلى إسرائيل تم خلالها التوقيع على اتفاقات اقتصادية مهمة (اتفاق التجارة الحرة)، إضافة إلى اعتماد اتفاق استراتيجي أمني وقعه مسؤولون عسكريون إسرائيليون وأتراك في بداية 1996 م ينص على النقاط التالية:
1 - السماح لإسرائيل باستخدام الأجواء والأراضي والمطارات التركية في عمليات تدريبية.
2 - التنسيق الاستخباراتي بين الجانبين في جمع المعلومات وبخاصة عن سوريا وإيران.
3 - الاستفادة التركية من الخبرة والخبراء الإسرائيليين في مكافحة حزب العمال الكردستاني وبخاصة عملياته في المدن.
4 - تقدم إسرائيل إلى تركيا خبراتها في مجال الصناعة العسكرية والتكنولوجية الإلكترونية المتطورة لتحديث الطائرات التركية المقاتلة.

تقرير عن زيارة باراك إلى تركيا..
كما يحتوي (اتفاق التجارة الحرة) بين الجانبين على البنود التالية:
1 - إزالة الحواجز الجمركية بين الجانبين.
2- أن يصل حجم التبادل التجاري بين الجانبــين إلى مليـــاري دولار خلال العام 2000 بدلاً من 363  مليون دولار قيمة التبادل التجاري في السابق.
3- تمنح إسرائيل تركيا جزءًا من حصتها في أسواق الولايات المتحدة في مجال صناعة النسيج وهي نسبة 35% بعد أن تعتمد الشركات الإسرائيلية صناعة الأنسجة في تركيا من أجل تصديرها إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
وفي إطار تحسين العلاقات ومد جسور التعاون بين الجانبين قام رئيس الأركان التركي بزيارات عديدة إلى  تل أبيب قوبل خلالها بحفاوة بالغة واهتمام خاص من قبل الحكومة، وقد وصف مسؤول عسكري إسرائيلي هذه الزيارة بقوله إنها واحدة من أهم الزيارات التي قام بها رؤساء أركان أجانب إلى إسرائيل وستكون لهذه الزيارة نتائج جوهرية على مدى استمرار العلاقات الاستراتيجية بين البلدين.

شبح انقلاب
أجمع عدد من المراقبين السياسيين على أن السياسة الخارجية التركية منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم عام 2002 شهدت تحولات سياسية خصوصًا بصدد إعادة النظر في أولويات هذه السياسة والتي كان من أبرز معالمها الحد من العلاقة مع إسرائيل وإعادة الاعتبار للعلاقة مع الجوار العربي والإسلامي.
وشهدت العلاقات بين تركيا وإسرائيل في الأشهر الأخيرة توترًا بعد الانتقادات غير المسبوقة التي وجهها رئيس الوزراء التركي أردوغان إلى إسرائيل منذ بداية عدوانها على قطاع غزة في ديسمبر2008.
ويبدو أن التوتر في العلاقات التركية - الإسرائيلية آخذ في التزايد رغم محاولات الجانبين التقليل من حدته، وقد كشفت العلاقات المتوترة بين البلدين عن نفسها بصورة واضحة بعد منع أنقرة مشاركة إسرائيل في مناورات نسر الأناضول الصيف الماضي.

بيرس يسلم تركيا وثائق حول نشاط إيران الإرهابي..
ومن الواضح أن تدهور العلاقات التركية - الإسرائيلية سيترتب عليه المزيد من التداعيات على حسابات الفرص والمخاطر بالنسبة لكلا البلدين، وعلى سبيل المثال فإن أنقرة ستواجه مخاطر انقطاع التعاون العسكري - الأمني مع إسرائيل حيث تتضمن علاقات أنقرة وتل أبيب العديد من الاتفاقيات الهامة ومن أبرزها الاتفاقيات العسكرية والأمنية التي ما زال الكثير منها يحمل طابعًا سريًا ولا يجوز التعرض لها بشكل علني لا بواسطة الإعلام ولا بواسطة السياسيين الأتراك!

ورغم محاولات "أحفاد السلطان عبد الحميد" (آخر سلاطين الباب العالي في اسطنبول) كما هتفوا عقب العدوان الإسرائيلي على مواطنيهم في قافلة الحرية، في رسم ملامح جديدة لخريطة العلاقات العربية الإيرانية والإسرائيلية، من خلال العودة إلى الشرق بعد فشل الاندماج مع الغرب الأوروبي في الوحدة، ومع صعود حكومة حزب العدالة والتنمية وزيادة التوجه شرقًا، تبقى مشكلة أردوغان في التعامل مع الجيش التركي أو المؤسسة العسكرية المعلمنة هناك، والتي لا تتفاعل بالإيجاب مع حكومة أردوغان، ولن تنسى تعاونها شبه الدائم مع تل أبيب حيال أي تصعيد سياسي تركي.
على صعيد آخر عبر محللون عن ضرورة أن تقوم إسرائيل بما فعلته ضد تركيا في التصدي إلى أسطول الحرية لكسر الآمال المتوقعة لشوكة تركيا في فض الحصار على غزة، والأكثر من ذلك هو درس قوي وحاسم، أو رسالة على حد تعبير عمرو موسى، إلى كل من يحاول اختراق حدود سيادة إسرائيل ولو كان حليفًا استراتيجيًا مثل تركيا!

والأمر كذلك لابد من أن توافق تركيا على تخفيف لهجة بيان مجلس الأمن، ولا غضاضة في أن يهدد أردوغان في خطابه أمس إسرائيل بأن "عداوتنا شديدة مثل صداقتنا"، في تلويح مباشر بأن ما حدث قد ضرب العلاقات التركية الإسرائيلية ضربة وصفها بأنها قاضية، إلا أن خبراء عسكريين تحدثوا لـ"الأزمة" أكدوا أن الأيام الأولى من العام الجاري شهدت محاولات انقلابية ضد رئيس الوزراء، وبالتأكيد سيكون للمؤسسة العسكرية رأي مختلف!
في الأشهر الأخيرة من العام الماضي، نادرًا ما كان يمر يوم دون الكشف عن مؤامرات انقلاب ضد الحكومة يجري إعدادها داخل مراكز قيادة رئاسة الأركان العامة التركية، وغالبًا ما وجد رئيس الأركان الجنرال إيلكر باشبونغ نفسه في ورطة ما بين الدفاع عن مؤسسته وزملائه أو الدفاع عن سيادة القانون، ترتب على ذلك اعتقال عدد كبير من الضباط المقربين من هيئة الأركان العامة، اعتقلتهم الشرطة وتم احتجازهم لادعاءات تورطهم بمحاولة انقلاب ضد حكومة رجب طيب أردوغان.
وتشير بعض الوثائق التي زُعم العثور عليها في أجهزة كمبيوتر عدد من المسؤولين، إلى مخططات ومؤامرات اغتيال تستهدف الرئيس عبد الله غول ورئيس الوزراء أردوغان.

الجيش التركي ينفي نيته في الانقلاب..
وهكذا دخلت تركيا العام الجديد وسط أحدث فضيحة تتعلق بالمؤسسة العسكرية، فقبل أيام قليلة من ليلة رأس السنة، اعترضت الشرطة ضابطين في ملابس مدنية مع سيارتين بالقرب من منزل نائب رئيس الوزراء بولنت أرينج وسرت شكوك في كونهما جزءًا من مؤامرة لاغتياله، بل وصادف أن كان هذان الضابطان- أحدهما عقيد والثاني رائد- من عناصر القوات الخاصة السرية في تركيا.
وتسلم التحقيقات في القضية قاضٍ مدني ومدعٍ عام مدني وجرت في أكثر الغرف سرية للجيش المعروفة باسم "الغرف الكونية" حيث تحفظ معظم الوثائق الحساسة المتعلقة بالعمليات السرية، وجرى التحقيق في القضية وأُدين المتهمون مما سجل للمرة الأولى في تاريخ المؤسسة العسكرية تعهد القضاء المدني بإجراء تحقيق في مركز هو من أكثر المراكز خصوصية للمؤسسة العسكرية وحدها، كما أنه دلّ على قفزة كبيرة في الجهود التي تبذلها تركيا لإحلال الديمقراطية، أي سيادة القانون.
عندما تتردد عبارة "سيادة القانون" أو "حكم القانون" في تركيا في الآونة الأخيرة، فهي تعني المرادف لوضع الجيش تحت سيطرة السلطة المدنية، ولكن في ظل التوترات الحالية لا يمكن لتركيا أن تنفعل في الخطاب السياسي للأكثر من حدود المعلن غير المدعوم على الإطلاق من ناحية القوة العسكرية التركية وإمكانية عدم التعاون في المناورات المشركة مع إسرائيل والمزمع إجراؤها في يونيه الجاري!

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١ صوت عدد التعليقات: ٠ تعليق

خيارات

فهرس القسم
اطبع الصفحة
ارسل لصديق
اضف للمفضلة

جديد الموقع