CET 00:00:00 - 26/05/2010

مساحة رأي

بقلم : هاني الجزيري
لاشك ان المخرج المحترم المحترف المعروف شريف عرفة والمؤلف وحيد حامد ومؤلف الروائع ، والعبقرى عادل إمام حينما فكروا فى تصوير فيلم النوم فى العسل كانت لديهم رؤية واضحة ومستقبلية فى قراءة الأحداث .

فرئيس مباحث العاصمة يستشعر خطراً يهدد الشعب الذى هو مسئول عن حمايته من خلال جريمتى قتل وعدد من المشاجرات بين العائلات فى جميع أقسام العاصمة ولكن بدرجات متفاوتة .وترك رئيس المباحث الواقعة ليبحث عن أسبابها ، فسهل جداً أن يمارس عملة ويبحث عن القاتل أو المتهم ويقدمه للتحقيق وهذه هى مهمته وبذلك يكون قد أدى واجبه على أكمل وجه ، ولكن ضميره دفعه إلى البحث عن السبب. ولما وجد أنه سبب إجتماعى وظاهرة جديدة ، لم يكتفى بتسليم المتهم ولكنه بحث فى الجريمة نفسها وتوصل أن وراءها وباء ينتقل من منطقة إلى المنطقة المجاورة ولكن بعد حين إكتشف نوع الداء وهو الإحباط والقهر .  الإحباط والقهر الذى يجعل أتخن شنب ممتد ومنتصب يبدوا هزيلاً مذلولاً .

حاول مجدى أو البطل أن ينقل الصورة إلى القيادة داخل وزارة الداخلية ولكن البعض أستهزأ به ، والبعض عنفه ، والغالبية قالت وأنا مالى مش شغلى ، ولكنه ظل يرصد الظاهرة ويحملق فى كل من حوله ، فوجدها قد أصابت الجميع رجل الأعمال والرجل الكسيب والموظف والبائع المتجول . حتى ان عيادة الطبيب إمتلأت وتشكلت من كل فئات الشعب ودخل الجدل والشعوذة ليغتنم الفرصة ويلعب دوره .
وأصيب البطل بنفس الداء وبدأ يتابع كى يجد الدواء ولكنه كان حلاً وليس علاج ، كان الحل عجيباً أن يبتعد عن العاصمة ويخرج الناس للخلاء ، أإلى هذا الحد مدينتنا كئيبة ، القاهرة الجميلة التى يقصدها العرب للترفيه والتريض تقتل سكانها ،لا، لايمكن أن تكون القاهرة كئيبة .
 
إذن أين تكمن الكآبة ، تكمن فى حكومتها ، فى وزراءها ، فى مجلس شعبها ، الحكام أصابوا الشعب بالكآبة ، ونوابه إستخفوا به والمسئولون إنشغلوا عنه والقيادات أهملت مسئوليتها ، حتى القيادات الدينية أوكلت هذا الإحباط إلى الشعب وإتهمته بأنه شعب غير مؤمن وبعيد عن الله ،

خرج البطل وهو يشعر بمأساه شعب هو جزء منه ولما فشلت كل محاولاته فى إقناع القيادات بأن هناك مشكلة ووباء ، والقيادات مازالت تنكر المشكلة وإتهمته بأنه سبب الفتنة ومثير للقلاقل ،وهنا خرج الحل العبقرى ، صرخ الشعب كله آه آه ..وتشعر بها صادقة ، نابعة من القلب . وتوجه البطل إلى الجماهير وقادهم إلى مجلس الشعب ليواجه الشعب نوابه الذين باعوه ، أو ليواجه النواب الشعب الذى إختارهم أو أجبر على إختيارهم ،

كل هذه المقدمة الطويلة تدعونا لنتأمل ، كيف توقع هؤلاء العباقرة عادل وشريف ووحيد مايمكن أن يحدث ، أبطال الفيلم الذى أنتج عام 1996 توقعوا أن يتوجه الشعب إلى مجلس الشعب ليقفوا أمامه ويهتفوا ضد نوابه .
نحن الآن فى عام 2010 أى بعد أربعة عشر عاماً تحقق مارأيناه فى الفيلم ، العبقرية أن تتخيل وتتوقع وتسجل خيالك ثم يتحول الخيال إلى واقع ، وصل الشعب المصرى والجماهير المصريه والمعارضة المصرية وهدد وندد وشجب وهتف آه آه كما صرخ عادل إمام .

ولكن عندنا هنا فى مصر الواقع لايمكن أن تتخيله ، واقع ولا فى الأفلام ، الشعب المهان من أعضاء مجلس شعبه إفترش الأرض ، نام على الرصيف ، إلتف بالبطاطين ، إستغاث . ولم يستجب أحد . لم يرمش جفن لنائب . واقع ولا فى الأفلام النواب المحترمون يطالبون بضرب الشعب بالنار يطالبون بإطلاق النار على الشباب المعترض على تخاذلهم وجهلهم . وأخيراً مالم يتوقعه المخرج المحترف ولا المؤلف الموهوب ولا الفنان العبقرى . هو التظاهربالملابس الداخلية . الملابس الداخلية الممزقة التظاهر عريانا . يقولون أن السينما تضخم الواقع ولكن فى بلدنا مصر الواقع أضخم من الخيال بكثير . والشعب حينما يعانى من جحود السلطه تظهر عبقريته فى التعبير عن نفسه ويصبح الواقع ولا فى الأفلام . 

رئيس مركز المليون لحقوق الإنسان

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٤ صوت عدد التعليقات: ١ تعليق