بقلم : عـادل عطيـة
كان ذلك في عام 770 ميلادية .. عندما دار هذا الحوار بين الخليفة "أبا جعفر المنصور"، وطبيبه "جورجيس بن بختيشوع" ..
قال "أبا جعفر" : "من يخدمك هنا ؟".
قـال الطبيب : "تلامذتي" .
قال "المنصور" : "سمعت إنه ليس لك امرأة" .
قال "جورجيس" : "لي زوجة كبيرة ضعيفة ، لا تقدر على النهوض من موضعها".
هز الخليفة رأسه حزيناً من أجله، وتركه ومضى إلى ديوانه، وهناك أمر خادمه أن يختار من الجواري الروميات الحسان ثلاثاً، ويحملهن هدية إلى طبيبه مع ثلاثة آلاف دينار !
فلما رأى "جورجيوس" الجواري ؛ جُن من أجل تصرف تلميذه "عيسى بن تهلافا"، ونهره وزجره، قائلاً : "يا تلميذ الشيطان، لمَ أدخلت هؤلاء إلى منزلي؟ .. أهكذا أردت أن تنجسني"؟! ..
فمضى ورد الجواري إلى الخليفة "المنصور".
فلما رأى "المنصور" ذلك تعجب ، وسأله :
"لمَ أعدت الجواري يا ولدي .. لقد رأيت مذلتك في البيت" ! ..
قال "بن بختيشوع" للخليفة :
" نحن النصارى يا سيدي لا نتزوج أكثر من واحدة، نعطيها قلبنا، وحبنا، وولاءنا، ولا نرضي بغيرها بديلاً. أما هذه التي تقول عنها إنها مذلتي، فهي مفخرتي يا سيدي إنها تاج رأسي، وأليفة صباي، وشريكة حياتي، لقد سهرت عند فراشي يوم مرضت، وحزنت من أجلي يوم حزنت، ولن أستطيع أن أدنس فراشها، أو أخون عهدها"!
دهش الخليفة من أجل هذه الكلمات العجيبة، وقال :
" الآن عرفت سر عظمتكم أيها النصارى" !
وأمر"المنصور" أن يكافأ الرجل على عفته، وأمانته، ووفائه، وزاد قدره في عينيه !...
قد تقولون : إنها من التاريخ ، والذكريات ..
ولكن المسيحية، هي صانعة التاريخ لا الذكريات !... |