CET 00:00:00 - 19/05/2010

مساحة رأي

بقلم : لطيف شاكر
سئل أحد العلماء العباقرة: لماذا تقرأ كثيراً؟ فقال: (لأن حياة واحدة لا تكفيني !!).
التكنولوجيا ونبض الحياة السريع على طريقة موسيقى الروك اند رول ,سريعة,صاخبة خاطفة,افقدتنا متعة التأمل والتنقل عبر أدمغة الكُتاب والفلاسفة, يتجولون في زوايا الفكر وموائد العلم والمعرفة,  لقد افقدتنا سرعة تداول المعلومة عبر الانترنت ووسائل الاتصال المختلفة خصوصية العلم, والاستمتاع الحقيقي بجمال الكلمة ,ورشاقة الحروف, وجزالة المعاني, والتركيز على كنه الموضوع  ,والتحليق عبر سماء الافكار والاراء نبني, نحلل ونركب, لنخرج بافكار واتجاهات فيها اتساع  ورحابة من التجدد, وتقبل التغيير, والتعود على وجود الاخر, ليتسع الصدر ولتنتشر  اجنحة  الابداع الفكري والانساني, لا متكبره ولا متطرفة بل محتضنة لكل جديد ومتقبله لكل مختلف.

والامر الذي لاشك فيه : إن القراءة تفيد الانسان فـي حياته، فهي توسع دائرة خبراته، وتفتح أمامه أبواب الثقافة، وتحقق التسلية والمتعة، وتكسبه   حساً لغوياً أفضل، ويتحدث ويكتب بشكل أفضل، كما أن القراءة تعطي الانسان قدرة على التخيل وبعد النظر، وتنمي لديه   ملكة التفكير السليم، وترفع مستوى الفهم، والقراءة   تساعد على بناء شخصيته وتعطيه القدرة على حل المشكلات التي تواجهه بعكس الانسان الذي لايقرأ .

لكن موهبة القراءة كاي موهبة اخري تحتاج الي تنميتها باستمرار والعمل علي صقلها بالقراءة المستمرة في كل نواحي الحياة . ولابد ان نعود اطفالنا علي القراءة منذ الصغر حتي نشب علي محبة القراءة ولا ننفر منها ونستطيع ان نتفعم مضامين الكتاب بسهولة  ويلزم الامر ان نكون قدوة للاجيال القادمة ومن  الحسن  ان يراني اولادي ماسكا بكتاب اقرأه افضل من رؤيته لي امام التلفاز اشاهد برامج غير هادفة .

إن غرس حب القراءة فـي نفوس اطفالنا ينطلق من البيت الذي يجب عليه أن يغرس هذا الحب فـي نفس الطفل، فإن أنت علمت أولادك كيف يحبون القراءة، فإنك تكون قد وهبتهم هدية سوف تثري حياتهم أكثر من أي شيء آخر!! ولكن كيف السبيل إلى ذلك؟ ولا سيما فـي عصر قد كثرت فيه عناصر الترفيه المشوقة والألعاب الساحرة التي جعلت الطفل يمارسها لساعات متواصلة وليست للطفل فقط بل للكبار ايضا خاصة في ظل  الفضائيات والالعاب الالكترونية والثورة التكنولوجية والحقيقة علي قدر عظمة هذه  الوسائل الا انها سلاح ذو حدين  فقد تؤثر في ادمان الانسان لها وتكون بمثابة كيف  لايمكن التخلي عنها مما تسبب له كثير من الامراض .

قبل ثورة الفضائيات كان لايوجد امام الانسان سوي الكتاب فكان خير صديق له يقرأه بنهم وكان جزء من حياة الانسان يصحبه في استرخائه وفي حجرة نومه حتي في وسائل النقل وربما في حمامه ويحاول ان يختلس الوقت للقراءة وهنا اقصد كل انواع القراءة كالصحف والمجلات والكتب بانواعها القصصية والمعرقية والعلمية وغيرها .

يقول الكاتب المبدع انيس منصور : رأيي الخاص: أن أي شيء.. أو ورق يقع في يدك يجب أن تقرأه، المهم أن تكون القراءة عادة. وأن تصاحبها لذة المعرفة.. ولا خوف على هذا القارئ الذي يبحث عن الكلام اللذيذ .. عن الموضوعات الممتعة. لأن هدف القراءة هو أن تتحقق المتعة والبهجة لديك.. وهذه المتعة هي التي تجعلك لا تتوقف عن القراءة ولذلك فالآباء يجب ألا يخافوا من أي شيء يقرؤه الابن صغيراً كان أو كبيراً .. المهم أن يكون هناك كتاب.. وأن يكون هناك حرص على شرائه والاحتفاظ به بعد ذلك نواة لمكتبة خاصة..

حتى لو قرأ قصصاً بوليسية أو حكايات غرامية أو رحلات علمية أو رحلات تاريخية أو فلكية ؟! نعم المهم أن يشغله الكتاب وأن يشعل النار في خياله ويجدد أحلامه ويفتح شهيته على دنيا جديدة في أي اتجاه أدبي أو علمي أو جغرافي أو فلكي.. لقد كان العالم الفيزيائي الكبير أينشتاين يحب قراءة القصص البوليسية.. وله رأي مشهور وهو: أنني أحسد كل مؤلفي القصص البوليسية لأنهم يعرفون الحل ولكنهم يخفونه عن القارئ ويدوخونه وينشفون دمه .. ثم يتقدمون بالحل في النهاية .. أما أنا فدائخ وريقي ودمي نشف ولكن لا أعرف حلا لكل هذه المشاكل بين السماء والأرض!
وكان الفيلسوف الألماني العظيم «كانت» يقول إنه عندما يكتب فإنه ينظر إلى الآثار التاريخية القديمة التي أكلها الزمان والمكان.. لماذا؟ لأنه يريد أن يعيد بناء القديم وأن يبني صروحاً عقلية جديدة!!

وكذلك كان الفيلسوف الإنجليزي برتراند رسل يقول:عندما أشرف في الكتابة فإنني أعود إلى الكتب القديمة والأساطير القديمة .. وأجد متعة في ذلك: فمن آمالي ألا أكتب مثلها.. وألا أكون غامضاً مثلها.. وإنما أن أشيع النور والمنطق في كل سطر أكتبه..
فالقراءة متعة للقارئ ومعرفة له ولغيره وحياة يعيش في صفحات الكتاب  الذي يقرأه  ,في حين ان مشاهد التلفاز او الجلوس امام الفضائيات هي بمثابة تسلية تنتهي  بانتهاء البرنامج او المشهد وهناك فرق بين كتاب يدخل العقل ويعيش في الوجدان وبين مشاهد عابرة لاتشبع من جوع او تروي من عطش المعرفة في الكتاب والتسلية في المشاهدات التلفازية فالمؤلف يضع عصارة فكره واختباراته وفلسفته بين دفتي الكتاب بعكس البرامج التي تخاطب عاطفة المشاهد وقلبه وليس عقله .

لذا فلزاما علينا ان نعود انفسنا علي القراءة وندرب اولادنا عليها اذا كنا  نرغب في تربية صحيحة لابنائنا خاصة ان التلفاز لايخلوا من التفاهات والقباحات الذي لانرغب ابدا ان يشاهدها الابناء فتفسد اخلاقهم .
ولا اقصد ان نمنع انفسنا واولادنا عن رؤية التلفاز بل مطلوب الترشيد لنا ولهم حتي لايكون ادمان لنا لانستطيع الفكاك منه وعاقبته سقيمة وغير محمودة
 يقول الوحي الالهي في انجيل يوحنا  في البدء كان الكلمة  ويقول لنا فتشوا الكتب .. فالكلمة والقراءة  وصية الخالق المحب للمخلوق صنعة يدية والله يريد لنا الخير... والخير والسعادة في الكلمة وقراءتها .

 يقول الناقد الكلاسيكي . بوالو : ( إن ما نجيد فهمه ، نجيد التعبير عنه ) والفكر نتاج القراءة والقراءة الكثيرة تؤدي الي وضوح الفكر والأفكارُ التي تفتقد الوضوح ، تفتقد الألفاظ التي تعبر عنها ؛ فضحالة الأفكار تجعل الإنسان عيياً لا يقدر أن يحير جواباً ، وضحل الأفكار وإن تشدق وأطلق العنان لصف من الألفاظ ، فكلامه مثل كلام النائم ، أو كلام ذي غيبوبة لا صلة بين أجزائه . وهذا ما يحدث للغة في عصور التخلف بعيداا عن الكتاب  حيث تصبح الأفكار ضحلة فتفتقد اللغة دورها الإيجابي  ويكون الفكر فقيرا او رخيصا او منعدما .(الإنسان القارئ تصعب هزيمته).

تعتبر قراءة الكتب من امتع الهوايات التي يستكين لها محبيها وطالبي العلم , كل حسب اهتماماته وميوله الخاصة. يجلس المطالع الى كتاب يضعة بين يديه ,ينتقل بين اسطره ,يقلب صفحاته يستكشف غاية الفكرة او الموضوع,ينتقل عبره الى عوالم متجددة من المعرفة والمتعة
  سنين العمر قليلة لا تكفينا للننهل من هذه البحور الا القليل القليل فلا مجال الا ان نسبر غور حياة الاخرين وادمغتهم,  عن طريق قراءة كتاباتهم, ومعرفة زوايا النظر المختلفة, وطرق التفكير المتنوعة ,ونوازع النفس, وتقلباتها في تلك العوالم البشرية, الممتده الى عمق الشعور الانساني, المتنوعة بدوافع الحياة, بتفائلها وتشائمها ,بحلوها ومرها,

 نظرتنا الى الكتاب والقراءة,قد تبدلت وتغيرت, وفقدت تواصلها واسباب بقائها, في ظل إنطواء الابناء وتقصير الاباء والمربين, على تشجيع الابناء على القراءة , اقلها تقدير قراءة قليل من صفحات في اليوم من كتاب جيدمشوق في اوقات معينه من النهار او قبل النوم كافضل موعد,او في الاجازات والعطلات والأهم من ذلك هو قدوة الاباء للابناء, فكما يسهل على الطفل تقليد والدة المدخن ,لا بد ان رؤية الكتاب في يد الاب سيكون لها اعتبارات تربويه وتوجيهية تغير الكثير من نظرة الاستهجان التي نلاقيها في نظرات من حولنا ونحن منشغلين بالقراءة,.لان صورة الفرد الغربي  الذي يحمل كتابه في جيبه دائما ,ينشغل به اثناء انتظارة في عيادة الطبيب اوموقف الباص او عندما يجلس تحت اشعة الشمس على ركن في الحديقة ,من الصعب ان نتمثل بهذه السلوكات بعد ان قطعنا اشواطا طويلة في الانعزال عن القراءة كعادة وكاسلوب,يهذب النفس ويرقيها,و يحمي الاخرين من نظراتنا وتعليقاتنا  ومراقبتنا شؤون الاخرين وانشغالنا بإطلاق الاحكام عليهم, وانتقاد تصرفاتهم ,تاركين لانفسنا حرية اذى الاخرين والحكم عليهم,لا اجد الا كتابي يخرجني من هذه الفوضى ,اين وضعت الكتاب ,انا ذاهبة اليه!!!

لذلك في ضوء هذه الكلمات اري ان التلفاز سيحجم عنه الكثير في المستقبل وسيلتجأ الاباء الي القراءة واشباع عقولهم بالفكر وبالتالي سيكونون قدوة لابنائهم فيشبوا علي القراءة بدلا من برامج تزهق العقول وتغيب الافكار وليكن لنا نصيبا طيبا في كحكة الثقافة العالمية في المستقبل القريب خاصة في ظل برامج تليفزيونة رخيصة وافلام منحطة فالكتاب والقراءة متعة الانسان العاقل اذا كانت قراءتنا للفهم وليس للحفظ ,يقول احد الحكماء (من أسباب نجاحي وعبقريتي أنني تعلمت كيف انتزع الكتاب من قلبه).

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١ صوت عدد التعليقات: ٨ تعليق