بقلم: أماني موسى
سيدي الرئيس تحية طيبة وبعد
أتقدم إليك برسالة مني أنا المصري أفندي سابقًا والذي لم أعد الآن سوى بقايا إنسان أو خيال مآتة متحرك على أرض مصر.. أما لقب أفندي فقد اُنتزع مني بعدما قهرتني الظروف وسوء الأحوال، ولم أصبح إلا مصري فقط، واسمي هذا هو كفيل أن ينم عمّا وصلت إليه من حال، فقديمًا عندما كان يُذكر اسم المصري كان مقترن بالحضارة والتقدم في الطب ومختلف الفنون والعلوم أيضًا ولكن الآن اقترن اسمي بحمل الهموم والانكسار وكم لا بأس به من المصائب و....
أتقدم إليك بشكواي بعد أن ضاقت بيَّ الأحوال المادية والصحية والاجتماعية، أتقدم إليك بعد أن صُمّت آذان المسئولين عن السماع لشكواي أو الاهتمام بأمري وتجويد مستوى معيشتي.
وشكواي سيدي الرئيس لا تحدها تلك السطور بل هي عديدة ومتسعة اتساع أرض الكنانة، التي باتت أرض العكننة....
-فأنا المواطن الذي أهلك السرطان جسده بعد تناول كم كبير من الأطعمة المسرطنة، وحين تطلعت للعلاج كحق طبيعي لي كمواطن، لم أجد من المستشفيات ما يتسع للاهتمام بحالتي خاصةً بعد انهيار معهد الأورام، ولم أجد أمامي سوى المستشفيات الخاصة التي تتكلف الكثير والكثير وأنا لا أملك إلا القليل، فتركت حمولي على الله وتركت ذلك المرض اللعين لينهش فيما تبقى من جسدي الضعيف.
-وأنا المواطن المصري الذي يعمل بالمؤسسات الحكومية منذ ما يقرب من العشرين عامًا وأفنيت عمري بالعمل بحثًا فقط عن حياة كريمة لي ولأسرتي، ومع ذلك لم يتعدى راتبي الـ 300 جنيه!! لم أطمع في أن أملك فيلا بالساحل الشمالي، فقط كانت أربعة جدران تأويني وأسرتي هي حلمي، لم أطمح لرغد العيش بل إلى ما يكفيني.. لم أتطلع لتعليم أولادي بمدارس خاصة أو أجنبية بل إلى تعليمهم بمدارس الحكومة التي تعطي العلم مجاني كالماء والهواء –كما قال طه حسين رحمه الله- ولكن ظروف المعيشة القاسية وراتبي الضئيل لم يمكنني حتى من تحقيق جزء من أحلامي وحقوقي كمواطن، فاضطررت لإخراج أولادي من التعليم وتسريحهم بسوق العمل ليعاونوني على المعيشة!!!
-أنا المواطن الذي أفنىَ شبابه بخدمة بلاده في العمل بمؤسساتها الحكومية وحين أصبحت بآخر العمر لم ألقىَ أي تكريم أو مكافأة بل تذوقت الأمرّين في الحصول على مستحقاتي التأمينية ومعاشي الذي لا يكفيني لتناول العيش الحاف فقط، فهل تلك هي مكافأة الحكومة على تعبي بعد كل تلك السنين؟؟ أم أننا ككلاب الجيش أو الخيول حينما تتقدم بالعمر ولا تعد قادرة على العطاء يتم إلقائها بالرصاص؟!
- أنا المواطن الشاب الذي في مقتبل عمره وبعدما قضيت سنوات بالدراسة هذه عددها، وتخرجت للحياة بأمل وطاقة الشباب، آملاً في تحقيق طموحاتي العملية والنجاح في إيجاد مكان لي بالحياة لم أجد من الأشغال ما يناسبني، فإما أنه يتطلب مواصفات وقدرات لم أعلم عنها شيئًا طوال سنوات الدراسة، إما أنها ذات أجور زهيدة وبعيدة كل البعد عن مجال دراستي، إما أنها تتطلب واسطة كبيرة أنا لا أملكها!! فماذا أنا فاعل الآن؟؟ لم أجد سوى المقاهي لتحتملني وسوى الحشيش الذي يُذهب عقلي في رحلة جميلة من الأحلام البعيدة عن واقعي المرير، الذي فقدت فيه طموحي وأحلامي وحبيبتي أيضًا التي تزوجت بآخر لديه الإمكانات المادية للزواج، سيدي الرئيس ماتت جميع أحلامي وطموحاتي على أعتاب باب الحياة العملية.
-أما أنا فمواطنة بسيطة لم أطمح بعد دراستي الجامعية وفقداني الأمل في الحصول على وظيفة، إلا لأن أتلقىَ تعويض القدر بالحصول على بيت وأسرة لأقدم لهم طاقتي في العطاء وأفيد بهم المجتمع من حولي، ولكني لم أتمكن من الحصول على عريس نظرًا لسوء الأحوال الاقتصادية وعزوف الشباب عن الزواج، فبلغت من العمر عامي التاسع والثلاثون وجف جسدي كالصحراء وذبلت أحلامي وانطفأت زهرة شبابي وأصبحت حاملة للقب ألا وهو "عانس"، أشعر بأن العمر قد ضاع من بين يديَّ دون جني ثمار تفرح القلب. تُرىَ هل سينقضي الباقي منه أيضًا دون هدف؟!
-أما أنا فمواطنة بائسة أشعر بالقهر، لكون زوجي تحول عن ديانته المسيحية –وهذه حريته الكاملة- ويلكن ما يحزنني ويزعج صغاري هو أنه يريد أن ينتزع مني أولادي عنوة بقوة القانون ليُجبرون على حياة لا يريدونها، فهل تمتد يدك لتنصفني؟ وأنا مواطن يعاني في التنقل بين المحاكم لإثبات معتنقه الجديد وتغيير أوراقي الرسمية ولكني مُنعت من السفر وتوقفت حياتي فأحيا كالأموات، هل تمتد يدك لتنصفني؟
-أنا مواطن أحمل ديانة الأقلية وجل أحلامي أن أشعر بالسلام في وطني، فلا يأتي مختل عقليًا ليلقي رصاص غدره في صدر ولدي وينتزع مني فرحتي والحكم ببراءته، أحلم بأن أتوجه لمقر عبادتي لأصلي فيه إلى ربي دون خوف وحراسات أمنية مشددة خوفًا من طعنات الغدر من إخوة الوطن، أطمح لأن ابني مكان عبادتي دون تعقيدات وهدم وتدمير.
-بالنهاية سيدي الرئيس ذلك جزء من كل، قليل من كثير مما أعانيه أنا المصري فهل تسمعني؟ هل تنصفني؟ |