CET 00:00:00 - 11/05/2010

مساحة رأي

بقلم : عبدالخالق حسين
مقدمة
أعرف مسبقاً أن هذا الموضوع شائك ومعقد ومثير للجدل، ومن يخوضه ربما لن يسلم من تهمة التحيز لهذه الجهة أو تلك، فكل واحد يفسره حسب موقفه السياسي مما يجري في العراق. لقد قيل الكثير عن مثالب ومناقب الانتخابات الأخيرة، وما رافقها من جدال حول نزاهتها أو عدمها، إلا إنها في رأيي، وبالمقاييس العراقية، كانت خطوة جيدة إلى الأمام في العملية السياسية، وترسيخ الديمقراطية في العراق الجديد،

مع الأخذ في نظر الاعتبار أن الديمقراطية العراقية مازالت ناشئة وجديدة على المجتمع العراقي، وأنها في كل مكان وزمان، لا تولد متكاملة وسوف لن تكتمل، بل هي عملية تراكمية مستمرة تنمو مع نمو وعي الشعب وتحضره، وهي (الديمقراطية) مثل السباحة، لن يتعلمها الشعب بقراءة الكتب والمحاضرات، بل عن طريق الممارسة والتربية، ولا بد من وقوع أخطاء. وفي ظروف كهذه، لا بد وأن تكون الانتخابات العراقية ليست بمستوى ما يجري في الدول الديمقراطية العريقة، ولا بد من أن يشوبها بعض النواقص والتذمر والشكوى من نتائجها، وخاصة من قبل الذين لم تأتِ النتائج مطابقة لتوقعاتهم.

من المؤسف أن جاءت النتائج مخيبة لآمال قوى التيار الديمقراطي واليساري، المعروفة بمواقفها الوطنية المناوئة للطائفية، ومنها الحزب الشيوعي العراقي، وحزب الأمة بزعامة مثال الآلوسي، وتنظيم أحرار العراق بزعامة أياد جمال الدين، إذ لم يحصل أي من هذه الكيانات السياسية الديمقراطية على أي مقعد في البرلمان، بينما حصدت التحالفات الكبرى معظم المقاعد. وقد اختلف المعلقون والسياسيون في تفسير أسباب خيبة أمل قوى التيار الديمقراطي، والتي يمكن إيجازها بما يلي:
1- التلاعب والتزوير في الانتخابات،
2-  تدخل العامل الخارجي في الشأن العراقي،
3- ضعف القدرة المالية للأحزاب الصغيرة لتمويل الحملة الانتخابية،
4-  قصور قيادات هذه الأحزاب والقوى السياسية في الارتفاع إلى مستوى المسؤولية،
5- تأييد هذه القوى للغزو الأمريكي للعراق، ومشاركتها في حكومة نصبها الاحتلال، لذلك عاقبا الشعب!!
6- قانون الانتخابات مجحف بجعل كل محافظة دائرة انتخابية بدلاً من جعل العراق كله دائرة انتخابية واحدة،
7- وفيما يخص الحزب الشيوعي، راح البعض ينتقد قيادته ويصفها بأنها ليست بالمستوى المطلوب، لذا عليها أن تستقيل لتفسح المجال لقيادات شابة جديدة! كما وألقى آخرون اللوم على اسم الحزب، وطالبوا بتغييره إلى اسم آخر مثل (الحزب الاشتراكي الديمقراطي)، إلى آخره من الاجتهادات.

مناقشة الأسباب المطروحة أعلاه 
والآن دعونا نحلل هذه التأويلات، إذ في رأيي أنها غير صحيحة، وذلك كما يلي:
أولا، حول التلاعب بالنتائج، لا أريد هنا الدفاع عن المفوضية العليا للانتخابات، ولكن باعتراف المراقبين الدوليين، أن العمليات الانتخابية ونتائجها كانت سليمة، وحتى لو فرضنا جدلاً أن حصل تلاعب في العد والفرز، فقد كان على نطاق ضيِّق بحيث لم يكن له ذلك التأثير الكبير على النتائج النهائية بشكل واضح، كما وأعتقد أن إعادة الفرز اليدوي لمنطقة بغداد الجارية الآن، سوف لن تخرج بفارق كبير، لأنه إذا كان التلاعب قد حصل فعلاً، فكان قد دبِّر بشكل ماهر بحيث من الصعوبة اكتشافه، إذ هناك من يقول أن في الربع الساعة الأخيرة من يوم الانتخابات تم تعطيل أوراق التصويت لكتل معينة في مناطق اعتبرت مغلقة لقوائم معينة.

ثانياً، دور العامل الخارجي، لا شك هناك دعم خارجي مالياً وإعلامياً للقوى التي تميل إلى هذه الدولة أو تلك، ولكني في نفس الوقت، أعتقد أنه لم يكن له ذلك الدور المؤثر والفعال ما لم يكن المجتمع نفسه مهيئاً لهذا التدخل، وفي هذا الخصوص قال نائب الرئيس الأمريكي، جو بايدن أن إيران صرفت نحو 100 مليون دولار لمنع فوز قائمة "العراقية" ولكنها فشلت. إن صدق هذا القول فهذا يدل على إن الدعم الخارجي لم يكن له ذلك التأثير الكبير. (راجع مقال ديفيد أغناتيوس في صحيفة الشرق الأوسط، 11/4/2010، نقلاً عن صحيفة نيويورك تايمس).

ثالثاً، ضعف القدرة المالية: لا أعتقد أن شح المال كان كافياً لفشل قوى التيار الديمقراطي واليساري، وذلك لعدة أسباب: أولاً، وعلى سبيل المثال صرفت قائمة أحرار العراق نحو عشرة ملايين دولار في حملتها الانتخابية على الدعاية، وتوقع زعيمها السيد أياد جمال الدين فوز قائمته بـ“35 مقعداً كحد أدنى، حسب ما أكد له بعض الخبراء في معرفة نبض الشارع العراقي”. ثانياً، يصح القول أن الحزب الشيوعي وأنصاره في قائمة إتحاد الشعب، أفقر قائمة وليس لهم تمويل خارجي، أو من قبل رجال أعمال، فهم يعتمدون على إمكانياتهم الذاتية، ولكن على العموم لم يقصروا في حملتهم الانتخابية وجهودهم الاعلامية. كذلك عندنا مثال من تاريخ الحزب في عهد ثورة تموز، فقد كان معظم الشيوعيين في السجون قبل ثورة 14 تموز 1958، ولم يتمتعوا بقدرات مالية كبيرة أو صغيرة، ولكنهم بعد فترة قصيرة من اندلاع الثورة حققوا أوسع شعبية وجماهيرية في جميع مناطق العراق تقريباً، وتبيَّن ذلك من فوز اليسار بقيادة معظم منظمات المجتمع المدني: النقابات والجمعيات والاتحادات...الخ، ولذلك يعتقد أنه لو كانت قد أجريت الانتخابات التشريعية عام 1959 لاحتل الشيوعيون معظم المقاعد البرلمانية. ومن هنا نعرف أن شح المال لم يكن السبب الرئيسي في عدم فوز التيار الديمقراطي. 

رابعاً، قانون الانتخابات: قيل الكثير عن قانون الانتخابات حيث وُصِفَ من قبل الكثيرين بأنه مجحف وأنه (شرعن سرقة أصوات الناخبين وحرمان القوى "الصغيرة")، إلا إن الوجه الآخر من هرم الحقيقة يعطي صورة أخرى، حيث نشر الأستاذ ييلماز جاويد دراسة إحصائية قيمة بعنوان: (أينَ الخطأ في العملية الانتخابية؟) بيَّن فيها، أن الفرق بين نظامَيْ (تعددية الدوائر الانتخابية وجعل العراق دائرة واحدة يكون المستفيد الأكبر منه هو التحالف الكردستاني بنحو 12 مقعداً، وليست القوى الصغيرة. والسبب هو اختلاف القاسم الانتخابي في حالة تعددية الدوائر الانتخابية، أي جعل كل محافظة (دائرة انتخابية) حيث "كان أعلى قاسم انتخابي 49037 في محافظة السليمانية، أي أنه يتطلب هذا العدد من الأصوات لفوز نائب واحد، بينما القاسم الانتخابي الأدنى كان في محافظة ميسان بمقدار 27282 صوتاً ، أي أن 27282 مواطناً في ميسان)، إذ تعتمد النتائج في هذه الحالة على كثافة مشاركة الناخبين في التصويت في كل دائرة انتخابية، ويكون القاسم الانتخابي واحداً في حالة جعل العراق دائرة انتخابية وهو بحدود ( 35466 صوت). لذا فحتى لو حصلت القوى الوطنية الديمقراطية الصغرى على مقعدين لكل منها لم يكن له ذلك التأثير الكبير على المحصلة النهائية.

كذلك مسألة القائمة المفتوحة لم تغيِّر النتائج بشكل إيجابي كما كنا نتوقع، إذ هناك دراسة للمحامي طارق حرب، بيَّن فيه بشكل واضح أن 15 نائبا فقط انتخبهم الشعب والباقي انتخبتهم الكيانات، ولا مرشحة واحدة حققت القاسم الانتخابي. (طارق حرب، جريدة الصباح، 10 نيسان 2010).
خلاصة القول، صحيح أن قانون الانتخابات مجحف، ولكنه لم يكن السبب الرئيسي في تراجع قوى التيار الديمقراطي. على أي حال يحتاج القانون إلى تعديل وتقع مسؤولية تعديله على عاتق الكتاب والسياسيين لمناقشة هذه المسألة المهمة والخطيرة، في ندوات ومقالات من أجل فرض الضغوط على ذوي العقد والحل لتغييره إلى الأفضل، فهناك أنظمة انتخابية عديدة في العالم، يجب البحث عن أي منها يكون الأفضل للعراق وفق تعددية مكونات شعبه.  

خامساً، تهمة فشل قيادات الأحزاب في مستوى المسؤولية: هذه التهمة وجهت من قبل بعض المتايسرين ضد قيادة الحزب الشيوعي العراقي، ولا أريد هنا الدفاع عن أحد، ولكن يجب أن لا نسمح بوقوع الظلم على أحد. فعلى قدر ما يخص زعيم الحزب الشيوعي، السيد حميد مجيد موسى، وإنصافاً للحقيقة، فقد أثبت الرجل كفاءة فكرية وسياسية وقيادية في أحلك الظروف، مما استحق عليه كسب إعجاب الكثيرين بمن فيهم بول بريمر الذي لم يسلم من نقده في مذكراته معظم السياسيين العراقيين الذين عمل معهم في بغداد من خلال (مجلس الحكم)، حيث ذكر بأن السيد موسى واحد من أنضج السياسين العراقيين الذين التقاهم، كذلك قال عنه قيادي في أحد الائتلافات الكبيرة، أن السيد حميد مجيد موسى لو لم يكن شيوعياً، لكان أصلح وأكفأ شخص لقيادة العراق كله. لذلك لا أعتقد بأن تغيير زعيم الحزب الشيوعي كان سيغيِّر أي شيء من وضعه.

سادساً، قضية الاسم والأيديولوجية بالنسبة للحزب الشيوعي، هذا الموضوع هو الآخر لن يصمد أمام أية محاجة منصفة، إذ هناك كيانات سياسية وطنية وديمقراطية عابرة للطائفية والمناطقية (الجهوية)، وتحمل أسماء لا تمت إلى الشيوعية بأية صفة، مثل حزب الأمة العراقية، والوطني الديمقراطي، وأحرار العراق، ومع ذلك فشلت هذه الكيانات في الحصول على أي مقعد.

سابعاً، الإدعاء بخطأ المشاركة في العملية السياسية: هذا أيضاً موجهاً ضد الحزب الشيوعي العراقي، حيث انتقد البعض، وخاصة من اليسار المتشنج، قيادة الحزب على المشاركة في العملية السياسية بعد سقوط حكم البعث، وقالوا بأنه كان عليها المشاركة في "المقاومة" لمناهضة الاحتلال والحكومة التي نصبها!!. هذا الانتقاد أثبت فشله، إذ ليست في العراق مقاومة بل إرهاب لإجهاض العملية السياسية. فقد اثبت الواقع أن مشاركة الحزب في العملية السياسية كان واجباً وطنياً، والعزل السياسي ليس حلاً، ولا في صالح الحزب، بل كان لصالح أعدائه. ومن الجهة الأخرى فقد انتصرت في الانتخابات تلك القوى التي دعت للتدخل الخارجي من أجل خلاص الشعب العراقي من أبشع نظام عرفه التاريخ، وشاركت في العملية السياسية بكل نشاط وحماس وعلى نطاق واسع. 

إذنْ، ما هي الأسباب الحقيقية وراء إخفاق التيار الديمقراطي وبالأخص اليساري؟

أولاً، التغيير في المفاهيم والبنية الاجتماعية والردة الحضارية
إن الظروف التي يعيشها العراق اليوم تختلف كلياً عن الظروف التي تأسست فيها الأحزاب الوطنية الديمقراطية واليسارية مثل الحزب الشيوعي العراقي في الثلاثينات، والوطني الديمقراطي في الأربعينات. وهنا أتفق مع الأستاذ طلال شاكر، في بحثه القيِّم الموسوم (في ضوء انتخابات 2010 الحزب الشيوعي العراقي: أمام تحديات مركبة... تستدعي بناء رؤية واقعية). فهذه الأحزاب تكونت في مرحلة بدايات تكوين الوعي الوطني والطبقي في النصف الأول من القرن العشرين. وفي تلك الفترة كان التركيز على تعميق المفاهيم الوطنية في وعي الجماهير، والانتصار للطبقات الفقيرة والمكونات المهمشة من الشعب.

وفي ظروف الحرب الباردة بين المعسكرين، الشرقي الاشتراكي بقيادة الإتحاد السوفيتي، والغربي الرأسمالي بقيادة أمريكا، كان هناك استقطاب عالمي وداخلي لهذين المعسكرين ولأيديولوجية كل منهما، فكانت القوى الوطنية، وخاصة اليسار العراقي، منحازة إلى الأول لأنه كان ينتصر لحركات التحرر الوطني في العالم الثالث، بينما كان المعسكر الثاني بقيادة أمريكا تناهض هذه الحركات، وتدعم القوى والأنظمة الرجعية.

لذلك انتعشت الشعارات، والمفاهيم، والقيم الوطنية التحررية التي تبنتها قوى اليسار، وعملت على ترسيخها في الوعي الجمعي للشعب العراقي. وقد ظهرت هذه المفاهيم بأوضح أشكالها، وبلغت الذروة بأبهى تجلياتها بعد ثورة 14 تموز 1958، وما رافقها من المد الوطني الديمقراطي اليساري الذي أرعب حكومات الدول الإقليمية، والمعسكر الغربي، وكان رد الفعل لهذا الرعب هو انقلاب 8 شباط 1963 الدموي الذي أغرق البلاد والعباد في أنهار من الدماء. ومنذ ذلك اليوم وإلى عام 2003، تعرضت القوى اليسارية، وخاصة الحزب الشيوعي، إلى ضربات متلاحقة وحملة إبادة بلغت الذروة  في عهد حكم البعث الصدامي. كما وتعرض الشعب العراقي بأكمله، إلى الظلم، والقهر والاستلاب، والحروب، والحصار، والتجهيل المتعمد، فحصل تراجع مريع في القيم الوطنية والإنسانية، وتزييف الوعي، والعودة إلى التخندق بالولاءات العشائرية، والطائفية، والعرقية على حساب الولاء للوطنية. (راجع مقالنا: الخراب البشري في العراق).

والجدير بالذكر، أن نحو 85% من الشعب العراقي ولدوا خلال هذه الفترة القاسية المظلمة التي تم فيها تزييف الوعي الوطني لدى الأجيال الجديدة، حيث تم تغييب القوى الديمقراطية واليسارية عن الساحة، وعزل الشعب عن العالم وما يجري فيه من تطورات، رافقتها حملة واسعة ومستمرة في غرز الأيديولوجية البعثية الفاشية المعادية للقيم الوطنية والإنسانية، فتم اختزال الدولة الوطنية إلى الدولة القطرية "صنيعة الإستعمار!!". وهكذا فباسم الوطنية والقومية العربية تم سحق الإنسان العراقي، وكرامته، وتجويعه، وتشريده، وإذلاله، وقتله، لذلك فقد هذا الإنسان الإيمان بالوطن والوطنية، إذ ما قيمة الوطنية إذا لم تكن للمواطن فيه كرامة، حيث صار هم العراقيين الوحيد مغادرة هذا الوطن، وما حصل من الهجرة المليونية في الشتات، وصارت الألوف منهم طعاماً للأسماك في زوارق الموت عبر البحار. لذلك ليس مستغرباً أن يفقد الإنسان العراقي إيمانه بالوطن والوطنية، حيث صارت الشعارات الوطنية التي ترفعها  قوى التيار الديمقراطي بضاعة بائرة.

ثانياً،انهيار المعسكر الاشتراكي
إن انهيار الاتحاد السوفيتي والمعسكر الاشتراكي، أثر سلباً على الفكر الشيوعي بصورة عامة في كل مكان من العالم، والعراق ليس استثناءً، ولسان حال المواطن يقول: إذا فشل هذا الفكر في الاتحاد السوفيتي، فكيف له أن ينجح في بلد مثل العراق، لذلك فقد هذا الفكر بريقه وجاذبيته لدى معظم الناس.

ثالثاً، تصاعد المد الإسلامي
 إن فشل الأنظمة القومية العربية شبه العلمانية، وانهيار المعسكر الاشتراكي، وانتصار الثورة الخمينية في إيران، وتفاقم المشاكل المعيشية في البلاد العربية – الإسلامية، ساهم في فسح المجال للإسلام السياسي بملء الفراغ الأيديولوجي، فتصاعدت شعبية الأحزاب الإسلامية في العالم العربي والإسلامي. وفي العراق نجد الأحزاب الإسلامية طائفية (سنة وشيعة) لأن الشعب العراقي منقسم إلى سنة وشيعة. وكما بينا أعلاه، نتيجة لتعرض الشعب إلى المظالم الفادحة، ولعجز القوى الوطنية الديمقراطية والعلمانية إنقاذه من حكم البعث الجائر بسبب شراسة القمع، فقد الإنسان العراقي الثقة بهذه القوى الوطنية وشعاراتها، وتوجه إلى الله، والدين، والغيبيات، بل وحتى التصديق بالخرافات للخلاص من المحنة، وهذه الظروف هي التي ساعدت على تخندق المواطن بالعشيرة، والطائفة، والأثنية على حساب الولاء للوطن والوطنية، وهي التي وفرت البيئة الملائمة، والتربة الخصبة لانتعاش الأحزاب الدينية وتفشي النزعة الطائفية. 
 
الاستنتاج

ومن كل ما تقدم، نستنتج أن سبب إخفاق التيار الديمقراطي العراقي في الانتخابات الأخيرة هو تبنيه للشعارات الوطنية والعدالة الاجتماعية التي هي أساس فكر هذه القوى منذ التأسيس، والتي فقدت جاذبيتها بسبب تزييف الوعي والتشويش على المفاهيم الوطنية، وصار ما يهم المواطن اليوم هو استمرار بقائه على قيد الحياة، وأمنه ومعيشته، واعتقاده أن هذه الأهداف يحققها من خلال تخندقه بالولاءات الثانوية، أي الطائفة والقبيلة والقومية. وهذا لا يعني أن المواطن العراقي تخلى عن وطنيته، إذ مازال مخلصاً لوطنه ومستعد للتضحية في سبيله، ولكنه ينظر إلى الوطن من خلال الطائفة وعبر الولاء لها، لذلك منح صوته لمرشح الطائفة.

ما العمل؟
هل يعني هذا أن على القوى الوطنية والديمقراطية واليسارية التخلي عن مبادئها الوطنية، ومفاهيم العدالة الاجتماعية، ودولة المواطنة؟ الجواب: كلا، بل يجب على هذه القوى الصمود و الإصرار على مبادئها الوطنية النبيلة، والعمل على نشرها، وزرعها، وترسيخها في أعماق المجتمع، ورفع الوعي الوطني لدى العامة، فمرحلة المد الإسلام السياسي، والتخندق الطائفي هي مرحلة عابرة فرضتها ظروف موضوعية قاسية جداً، وستزول بزوال هذه الظروف، وعلى هذه القوى السياسية والنخب الثقافية التقدمية النضال من أجل تغيير هذا الواقع الطارئ، فالمستقبل هو للدولة الوطنية العلمانية الديمقراطية، يكون فيها الدين لله والوطن للجميع.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العنوان الإلكتروني للكاتب: Abdulkhaliq.Hussein@btinternet.com
الموقع الشخصي للكاتب:  http://www.abdulkhaliqhussein.com/

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١ صوت عدد التعليقات: ٠ تعليق