بقلم: علاء الغطريفى |
تقول «ناوكو»: «هذه الأغنية تجعلنى أشعر بحزن جارف.. لا أعرف، يتراءى لى أننى أتجول فى غابة عميقة، وأنا وحدى فى ظلمة باردة، لا أحد يأتى لإنقاذى، لهذا لا تعزفها رايكو أبداً».. تخيل الرجل الخمسينى نفسه فى نفس موضع بطلة رواية «الغابة النرويجية» للكاتب اليابانى «هاروكى موراكامى» عندما رأى أسراب المنافقين تتدفق على قصر المقاطعة الإسكندنافية لتهنئ الأمير بعيد جلوسه، ينشدون الأغنيات ويحملون الورود ويتصايحون لتعلو أصواتهم ليسمعهم أميرهم، أملا فى التقرب والتزلف للوصول إلى دائرة البطانة الضيقة التى تحوم حول السيد. الأمير الديكتاتور يتلقف المنافقين، لأنهم يشعرونه بالحياة، فهم يغسلون سمعته لتصبح أكثر بياضاً، ومن ثم أسند إلى المتزلف الأكاديمى مهام سياسية وعهد إليه برئاسة أحد أهم دواوين الإمارة، النابه انضم إلى زمرة المنافقين، لكنه يعرف أنه مختلف عن الآخرين، فهو يملك عقلا وليس حذاء مثلهم، سذاجتهم تضحكه كثيرا لكنه فى قرارة نفسه يعيش صراعا بداخله بين الخير والشر، فعلمه سُخر – بضم السين - للسلطان رغم أنه ملأ الدنيا فى الماضى بأحاديث عن الإصلاح والتغيير وكلمة «الديمقراطية» التى أساء إليها. بين الجمع المحتشد لتهنئة الأمير خرج مطربون بينهم سذج لا يقرأون ويكتبون، ومعهم آخرون من بقايا البشر فى أطراف المدينة، يرددون بجهلهم أغنيات تمتدح الأمير، وعلى يمين الحشد وقف بعض المهرجين ممن ضاقت ملابسهم بكروشهم ومؤخراتهم، يهللون ويزمرون ويطبلون، بشعارات «عاش الأمير، لقد ولدت إمارتنا من جديد»، وأخذ أكثرهم تفاهة وانحطاطاً فى إطلاق نكات لإضحاك الأمير، صانعاً بجسده حركات تمثيلية تبعث على القىء من فرط سذاجتها، يزاحمه آخر ممتلئ يسير فى خطوات واثقة ليعكس حكمة يفتقدها، يطلق أوصافا كوميدية على معارضى الأمير، يعود سيدهم إلى الوراء ويرسل فى الهواء ضحكات غير مفهومة، هل هى من فرط سذاجتهم أم من فرط وهن عقله وإدراكه؟ يتذكر آخر الحكماء الباقين مع الأمير، مسرحية موليير «المنافق»، ويطلب من الجميع الإجابة عن سؤال «من هو المنافق؟» المهرجون والمطربون والمتملقون الجدد فطنوا إلى أنه يحاول إحراجهم فبدأوا فى المزايدة عليه، فخرج أحدهم قائلا «النفاق هو أن تتآمر على الأمير وتفسد فرحته بالجلوس على الكرسى»، استجاب الأمير الذى يعيش فى عزلة عن مواطنيه للتحريض وأمر بنفى الحكيم، فراح الحكيم يردد بصوت عال، «نافق ينافق نفاقاً وهى من المنافقة (أحد مخارج اليربوع)». نقلا عن المصري اليوم |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا |
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا |
تقييم الموضوع:
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |