لا يستطيع أحد إنكار أن أزمة إقليم دارفور بجنوب السودان من أهم الأزمات التى طفت على سطح الأحداث السياسية العالمية والمحلية، والتى ترددت أخبارها فى وسائل الإعلام المختلفة، واهتم بها أهالى السودان ودارفور وانشغلت بها حكومة الخرطوم والبلدان الأفريقية والعربية والقوى الخارجية.
الدكتور زكى البحيرى، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر فى كلية التربية جامعة المنصورة، والمتخصص فى شؤون السودان منذ ما يقرب من ٣٠ عاما، يؤكد أن المشكلة تاريخية وليست وليدة اللحظة وأن هناك قوى عالمية وراء دعم وتعاظم الخلافات بين السودانيين. وقال، فى الحوار الذى أجرته معه «المصرى اليوم»، إن مشكلة دارفور قديمة بين القبائل العربية والأفريقية.
وإلى الحوار:
* مشكلة دارفور برزت على الساحة السودانية والمحلية والدولية، ما حقيقة الوضع هناك؟
- أسباب المشكلة، من نظرة تاريخية، أنه توجد قبائل فى الشمال ذات أصول عربية مثل الهبالية والتعايشة والرزيقات والكبابيش وبنى هلبة والقبائل الجنوبية وهى قبائل زراعية ذات أصول أفريقية، وهم عكس العرب الذين يميلون إلى الرعى مثل المساليت والزغاوة والتكارنة وغيرهم.
الخلاف بدأ من القبائل الشمالية عندما كانت الأمطار تسقط بشكل طبيعى، وكانت مناطق الشمال تتساقط فيها أمطار كثيرة ومع تغير المناخ، بدأت الأمطار تقل فى الوقت الذى كانت فيه مناطق الجنوب، التى بها مساحات الزراعة محدودة، تسير خلالها القطعان فى المراحيل بشكل سهل، ثم أصبحت أكثر صعوبة مع قلة الأمطار وزيادة الأراضى الزراعية ولكن مع قلة مساحات المراحيل وزيادة القطعان فى الشمال وقلة المياه، اضطروا إلى النزول للجنوب والمرور من المناطق الضيقة وكانوا يغيرون على الأراضى ويتعدون على الزراعات، وهو ما أوجد الخلافات.
تاريخيًا منذ سنة ٤٦ وحتى عام ٤٩ كان حاكم السودان يصرخ من المشكلات التى تحدث ولكنها كانت تُحل من خلال تدخل المشايخ والوسطاء، والمجالس العرفية، لكن فى الفترات الأخيرة ومع زيادة القطعان وقلة المياه ازدادت عمليات الإغارة ومع ضعف سيطرة الإدارة الأهلية المتمثلة فى زعماء القبائل وقلة سيطرة الإدارة المحلية والحكومية، ونتيجة ضعف قبضة الحكومة على الإدارات المحلية، وظهور حروب فى المناطق المجاورة مثل تشاد وليبيا، وبين أناس آخرين فى السودان وتشاد وتواجد السلاح بكثرة فى هذه المنطقة، إضافة إلى مسألة الصراع الذى كان قد اشتعل بين المسيحيين والمسلمين وهو «كلام فارغ ليس له أساس» بسبب حسن الترابى، الذى طالب الناس بالجهاد، وزوّدهم بالسلاح،
وعندما فضوا العملية وتمت إزاحة الترابى من السلطة عاد الناس إلى أماكنهم، لكن ظل السلاح موجودا معهم وبدأت المشاكل تظهر.
يضاف إلى ذلك أنه فى الفترات الأخيرة الممتدة من عام ١٩٩٩ بدأت أمريكا تغذى الخلافات الداخلية بشكل قوى، بين القوى المتصارعة وقامت بدعم بعض الجهات التى تخدم مصالحها.
* ما مصلحة الولايات المتحدة فى ذلك؟
- عندما بدأت الشركات الصينية والماليزية والهندية التى تعمل فى مجال التنقيب عن البترول فى السودان رأت الولايات المتحدة أن تتواجد بقوة فى هذه المنطقة بما يخدم مصالحها، خاصة أنها دخلت من خلال شركة «شفرون»، إضافة إلى أنها دعمت بعض الحركات المسلحة مثل «العدل والمساواة» التى يقودها الدكتور خليل إبراهيم و«التحالف الفيدرالى»، التى يقودها إبراهيم دريج وحركة تحرير السودان بقيادة عبدالواحد نور وغيرها حتى تقوم هذه الحركات بعمليات عسكرية تحرج بها الحكومة والنظام السودانى، لكن لا نستطيع أن نقول إنه لم يحدث صدام حقيقى بين هذه القوى المتمثلة فى الحركات المتمردة وبين القبائل العربية التى ربما تكون قد دعمت من جانب قوى مختلفة قد تكون الحكومة بينها، كى تقر الأمر فى هذا المكان.
هذا الصراع الذى حدث كان سببًا فى تفاقم الوضع على المستوى المحلى والدولى والعربى والأفريقى.
* لماذا اتهموا الحكومة السودانية بعمل مذابح وإبادة جماعية للسكان الأصليين؟
- الحكومة دعمت بعض القوى العربية مثل قبيلة «الجنجويد» أو غيرها، والترابى هو الذى بدأ ثم فشلت الحكومات المتعاقبة فى تغيير الوضع، لأن القبائل العربية بدأت تستغل ذلك.
* ما فعله الترابى حصدته هذه الحكومات وهو حصاد خاسر وسلبى؟
- مشكلة دارفور لها تاريخ تراكمى، لأنه عندما افتتح محمد على السودان لم تُضم دارفور إلى حكومة السودان، وأيضا لم تُضم فى عصر من خلفه، ولم تُضم إلا عام ١٨٧٤، وتم ضمها مع بداية قيام الثورة المهدية وانسحاب الجيش المصرى، أى أن دارفور ظلت تابعة للجيش المصرى ١٠ سنوات تقريبا فقط من ١٨٨٥ إلى ١٨٩٩ وحكومة المهدية، من ١٨٩٩ حتى ١٩٠٢، وعندما دخل الحكم الإنجليزى ومعه الجيش المصرى بقيادة إنجليزية، لم يدخلوا دارفور إلا فى عام ١٩١٦، لأنها منطقة نائية، وبعيدة، ولم يهتموا بضمها إلا عندما وجدوا سلطانها «على دينار» ينضم إلى الحكومة العثمانية ضد إنجلترا وحلفائها، فدخلوا دارفور وقضوا عليه، ولهذا فقد تأخرت دارفور فى الإصلاح والإدارة.
ظل وضع دارفور حتى استقلال السودان ١٩٥٦ منطقة غير مهتم بها، خاصة أن الحكومات الوطنية استمرت فى نفس المنوال وهو إهمال دارفور وعدم إنشاء الطرق، أو إدخال السكك الحديدية، والمدارس والجامعات.
* ما تقييمكم للدور المصرى فى السودان؟
- أنا أعتبر أن هناك تقصيرًا لا حدود له من وزارة الخارجية والحكومة المصرية فى كل قضايا السودان، وأولاها مشكلة الجنوب، فقد كنا تجاهها متفرجين ومشاهدين فى الوقت الذى تدخلت فيه كينيا وأمريكا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا.
ولم يكن لمصر دور حقيقى فى رفع المعاناة عن الشعب السودانى، وكان من المفروض بعد ظهور مشكلة دارفور أن تتنبه لخطئها وألا تكرره، وأن تتدخل بشكل مختلف سواء العلاقات أو الإعانات أو الموقف الدولى ويمكن تلخيص الوضع فى أن أمريكا تتدخل والمصريين يتفرجون.
* ولكن كانت هناك مؤخرا زيارة للرئيس مبارك للسودان؟
- عندما أتحدث عن قصور الخارجية المصرية أو قصور الحكومة المصرية أنا أقول هذا، لأن الدور المصرى يجب أن يكون أكبر من ذلك بكثير، وبالتالى فإن مثل هذه الزيارات «بتلحق الموقف بعد ما عدى وبعد ما نفذ السهم وفات الأوان»، فالدور متأخر ومحدود ولابد أن يكون لهذا الدور استراتيجية، لأن الأمن القومى المصرى يبدأ من السودان، وينتهى فى الشمال فى فلسطين، وانتصار الجنوب على الشمال سيكون على حساب الأمن القومى المصرى وسيكون على حساب ورود ماء النيل ووصوله بالشكل الطبيعى، النيل الذى يساوى مصر.
* هل بالفعل كانت هناك إبادة جماعية؟
- لا نستطيع أن نقول ذلك، وكوفى عنان وكولن باول - فى تقاريرهما - لم يقولا هذا الكلام، هما قالا إن هناك انتهاكات وقتلاً، لكنها لم تصل إلى الإبادة، ومن يقولون هذا الكلام مدَّعون.
* تقارير المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو تؤكد عكس ذلك؟
- أوكامبو يعتمد فى تقاريره على المتمردين، وهم يرغبون فى إدانة الحكومة، كما أنه اعتمد على الأشخاص الذين تم إضرارهم ضررا بالغا، وكذلك من «الناس اللى بيشتغلوا بشكل تجسسى»، ومن المعارضين للحكومة، خصوصا حسن الترابى.
* حكومة البشير لم تتحرك إلا بعد تحرك المحكمة الجنائية ضدهم؟
- تحرك الحكومة جاء متأخرًا بعض الشىء، وهو ما أدى إلى وصول الوضع إلى هذا الشكل الدعائى والتفاقمى الحالى، خصوصا الدعاية الأمريكية واللوبى الصهيونى والجمعيات الأهلية الدولية والبعثات وجمعيات المعونات التى صنعت دعاية ضخمة للموضوع، وأتصور أن ما حدث بين قبائل التوتسى والهوتو فى الكونغو ورواندا كان أكبر من ذلك بكثير، ولم يأخذ هذا الزخم الشديد.
* هل هناك مخطط دولى لتقسيم السودان إلى عدة دويلات؟
- هناك مخطط بالفعل موجود منذ عهد بوش، وكان السيناريو مخططا له بشكل مشابه لما حدث فى العراق ما دامت المشاكل مستمرة، وعندما تحل الانتخابات الخاصة فى ٢٠١١ سيقررون الانفصال – يقصد الجنوب - لأنهم لا يمكن أن يتواجدوا مع دولة فى ظل المشاكل وعدم الاستقرار فينفصلوا، وإذا انفصل الجنوب فستتطلع دارفور أيضا إلى الانفصال، وربما يفكر الشرق - فى مناطق كسلة أو غيرها - فى الانفصال، وربما أيضا الشمال.
* هذا المخطط هل يتأجل مع قدوم الإدارة الأمريكية الجديدة؟
- أنا أتصور أن الموقف سوف يتحدد متوازيا مع الموقف من البشير نفسه، وهل يقبض عليه بالفعل وبشكل ملزم ليكون أول رئيس موجود فى السلطة يحدث له هذا الموقف فى التاريخ ويمثل أمام المحكمة الجنائية الدولية، التى أقيمت من أجل العالم الثالث أم لا.
* ماذا لو تم القبض على البشير؟
- فى نظرى يبقى أوباما صورة جديدة لنفس السياسة الأمريكية، والاستغلال الأمريكى الدائم بالنسبة للسودان، وأميل لهذا الاتجاه أكثر.
* كيف تقيّم اتفاقية السلام الشامل فى السودان؟
- أتصور أن الاتفاق الذى تم فى عام ٢٠٠٥ بين الجنوب والشمال كان خطوة مهمة جدا وإيجابية جدا، وأن الحكومة السودانية تحاول تنفيذ بنود الاتفاق وربما توجد بعض المشكلات البسيطة التى يمكن حلها، لو استمر البشير على رأس السلطة، وظلت الحكومة متماسكة، ولن تستطيع أمريكا ولا أى دولة أوروبية أن تسقط نظام السودان وأن تمنع الوحدة القومية، لأن البشير هو الرجل الذى اتفق مع الجنوب وأبرم اتفاق أبوجا.
وهو المسؤول عن التطور والتنمية التى حدثت فى الفترة الأخيرة، وهذا أحد الأشياء التى تؤلم أمريكا، أن تتطور السودان بعيدا عنها، فى أحضان الصين التى لها شركاتها فى مناطق متعددة إضافة إلى شركات ماليزية وفرنسية، وهى تريد أن تسحب البساط من تحت فرنسا نفسها على الرغم من أنها عضو فى التحالف الغربى.
* هل هناك جهات أخرى تدعم الخلاف السودانى غير أمريكا؟
- إسرائيل على رأس القائمة، والدليل التحالف الذى تم بين شريف حرير وأحمد إبراهيم دريج الذى ذهب إلى إسرائيل .
وكذلك حركة التحرير السودانى بقيادة عبدالواحد محمد نور الذى لديه مكتب فى إسرائيل ويدخل ويخرج عن طريق تشاد التى دخل منها خليل إبراهيم، زعيم حركة العدل والمساواة التى قادت الهجوم على أم درمان الذى أبرم الاتفاق الأخير الذى حدث فى الدوحة، وهنا نتساءل: من أين جاء خليل إبراهيم بالـ ٣٠٠ مليون دولار، التى قاد بها حملته من أجل الهجوم على عمر البشير.
* هل إسرائيل تطمع فى السيطرة على بعض الدول الأفريقية؟
- إسرائيل تلعب فى هذا المنطقة، وهى متفاهمة مع أمريكا، وهدفها مياه النيل فى المقام الأول، وستبحث لها عن وجود فى إثيوبيا ودول أفريقيا حتى تتوقف أو يكون لها يد فى عملية التنمية ومشروعات النيل وهى تريد تسعير مياه النيل حتى يتمكنوا من شرائها.
* هل توجد دول أفريقية مستفيدة من الوضع السودانى؟
- كل دول أفريقيا تنظر للقضية من خلال أبعادها الخاصة حتى إنه ربما ليبيا لها مصالح فى أن تعلى قدرها فى الساحة الأفريقية، وأن تكون دولة ذات شأن وقرار، حتى إن معظم الاتفاقيات التى تمت فى دارفور وغيرها من القوى السياسية، شارك فيها أشخاص من مصر وتشاد وليبيا وكانت تنعقد فى طرابلس أو بنى غازى.
* هل البشير هو الذى صعد الأمر ضده من الجنائية الدولية بعدم استجابته لمطالبها بتسليم بعض المسؤولين عنده؟
- ربما يكون هذا الأمر، لأنه لم يوافق على تسليم من طلبتهم الجنائية الدولية، وهو بذلك يكون أقر من جانبه بالحكم الفيدرالى، إضافة إلى أنه لم يقدمهم إلى المحاكمة لأنه إذا فعل ذلك يعترف ضمنيا بالمسؤولية عما حدث وبالتالى يكون مفروضا عليه المساءلة، إضافة إلى أن شعب دارفور والقبائل كلها يطالبون بالتنمية، بدلا من إنفاق الأموال على الحرب والقوات العسكرية سواء المتمردة أو الحكومية، لتحسين حالتهم التعليمية.
* هل ما حدث فى دارفور حرب أهلية؟
- ٩٩% من شعب دارفور من المسلمين، فكيف يكون الصراع بين هؤلاء خاصة أنه لا يوجد خلاف دينى، إلا أن الصراع انطلق بين القبائل الأفريقية والقبائل العربية ولذا فإنه على قبائل الشمال أن ينظروا إلى قبائل الجنوب بنظرة مساوية لهم، وليست فوقية لأنها أحد أسباب المشكلة وهم الذين جعلوها حربًا أهلية.
* ما الدور الذى لعبته تشاد؟
- تشاد يتم تحريكها من قوى خارجية، قد تكون فرنسا أحيانا أو إسرائيل أحيانا أخرى أو الولايات المتحدة من خلال إسرائيل، فهى تستخدم كذراع فى المنطقة لهذه القوى، ونظرا لأن قبيلة الزغاوة التى يعيش نصفها فى دارفور ونصفها فى تشاد - الرئيس التشادى إدريس ديبى نفسه من قبيلة الزغاوة - ولذلك فخروج عدد من هذه القبيلة إلى تشاد شكل ضغطا عليها، وأوجد أساليب سياسية لدعم قوى التمرد والمعارضة ضد الحكومة وربما تكون الحكومة السودانية نفسها تدعم بعض فرق التمرد داخل تشاد، وخلافا لذلك أنه ينفذ بعض الأجندات المفروضة عليه من الخارج.
* هل يتم تهريب الأسلحة من خلال الأراضى التشادية؟
- بالتأكيد، لأن الحدود مفتوحة وضخمة ولا يمكن السيطرة عليها، كما أن بقايا الأسلحة التى استخدمت فى حرب ليبيا وتشاد موجودة فى دارفور لأن الدارفوريين تم تجنيدهم فى تلك الحرب، وكذلك فى الحرب التى تمت بين الشمال والجنوب كانوا أيضا موجودين فيها، الأمر الذى جعلهم يمتلكون أسلحة كثيرة كما أنهم يستطيعون الحصول عليها من خلال الدعم الكبير الذى يصل إليهم، وحدود تشاد المفتوحة.
* منظمات الإغاثة الموجودة هناك يقال إنها منظمات استخباراتية تعمل وفق أجندات معينة؟
- أنا أتفق مع هذا الرأى، هذه البعثات التى جاءت للمساعدة لها أجندات محددة هدفها استمرارية الصراع وزيادة وقود الحرب، والتعرف على ما يحدث فى السودان خاصة مخزونها من البترول الذى لا يقل حجمه عن الموجود فى السعودية، إضافة إلى اليورانيوم الموجود هناك والأراضى الزراعية الموجودة بكثرة والتى يمكن زراعتها.
* ولكن منظمة مثل منظمة الصليب الأحمر لا أعتقد أن لها أجندة خاصة؟
- لا نستطيع أن نأخذ كل المنظمات فى سلة واحدة وبالطبع يوجد بعض المنظمات التى تهدف لعمل إنسانى لكن الغالبية العظمى تعمل فى هذا الإطار الذى تكلمنا عنه.
* هل يوقظ اتفاق الدوحة السلام فى دارفور؟
- بالعكس القوى الكبيرة المعارضة فى دارفور هى حركة تحرير السودان، وجزء منها - أركو مناوى - اتفق معهم فى أبوجا وحركة العدل والمساواة أبرمت اتفاق الدوحة الذى سوف يستكمل.
أما التحالف الفيدرالى لإبراهيم دريج فمضمون لأن إبراهيم اتجاهه إنسانى قومى وطنى ولديه استعداد لحدوث مصالحة، وأن تتحقق التنمية فى دارفور، هنا يتبقى جزء من حركة تحرير السودان بقيادة عبدالواحد نور وهى الجهة الوحيدة التى لم يتم الاتفاق معها، وإن حدث الاتفاق معها سوف تكون الأمور ممهدة لسلام دائم فى دارفور.
* هناك من يرى أن اتفاق الدوحة تقدم بلا مستقبل؟
- هؤلاء الناس متشائمون من نقطة مهمة، وهى أن عبدالواحد محمد نور «مستعصى» على قبول الاتفاقية مع الحكومة، لكن إذا تدخلت قوى وسيطة عربية أو أفريقية على ألا تكون دولية فقد يحدث ذلك.
* ما المطلوب من مصر؟
- أن تتابع الاتفاقيات الجارية الآن، وأن يكون لها دور مباشر فى الدوحة، وأن تتوسط وتعمل على تقارب وتصالح بين الحكومة وقوى التمرد وأن تسير فى برنامج التكامل الاقتصادى بينها وبين السودان لأن الوضع الاقتصادى هو الذى ينعكس على كل الأوضاع الأخرى، خصوصا السياسية، وأن يذهب مصريون للسودان لإقامة مشروعات زراعية واقتصادية لأنها واجب ضرورى وملح للسودان، والسودانيون يتمنون ذلك.
* ما توقعاتك للمستقبل؟
- هناك سيناريوهان للأحداث، أولا: القبض على البشير وتفاقم المسألة أكثر مما نتصور وسوف يفشل اتفاق الجنوب والاتفاقيات الخاصة بدارفور وربما تنفصل أجزاء من السودان وهذا ليس فى صالح مصر أو السودان.
ثانيا: لا يقبض على البشير أو يقبض عليه ويحل محله أحد السياسيين الموجودين ويقبضون على الأمور بنفس الطريقة وأن يجمعوا أطراف الخلاف ويضمدوا الجراح ويقيموا اتفاقيات وينفذوا اتفاقية الجنوب ولا يتركوا الفرصة للقوى الخارجية.
وأقول أخيرا إن هذا الإصرار من جانب المحكمة الجنائية الدولية، التى تخطط سياساتها فى أمريكا، ليس إلا لأن البشير قد جعل السودان مستعصيًا على الدخول من جانب القوى الغربية.
|