CET 08:54:57 - 02/05/2010

مقالات مختارة

بقلم: ياسر عبدالعزيز

إذا كنت من هؤلاء الذين يمكن أن يستمعوا إلى ما يقوله المهندس أحمد عز، فأنت بلا شك واقع فى بلاء عظيم، ليس لأن الرجل عاد مجدداً ليؤكد أن «مصر تتطور فى جميع مناحى الحياة اليومية»، ولكن لأنه أيضاً اعتبر أن البرادعى «متحالف مع جماعة الإخوان المسلمين اليمينية المتشددة التى تتبنى الديمقراطية على طريقة الرئيس الإيرانى أحمدى نجاد».

ليس هناك ما يمكن استبعاد سماعه من المهندس أحمد عز، فبعد جهوده فى تحجيم فاعلية قانون الاحتكار، وعلاقته بمحاولة تمرير فكرة إباحة الاتجار فى الآثار، وإطلاقه شعارات «جمال مبارك مفجر ثورة التحديث والتطوير»، بالتزامن مع الارتفاعات القياسية فى أسعار الحديد، بات توقع المزيد من قلب الحقائق وممارسة أساليب الدعاية السوداء من جانبه أمراً مستساغاً.

ها هو البرادعى يُصنف على شاشة «سى إن إن»، وفق مقولة عز مساء الأربعاء الماضى، على أنه «حليف لجماعة تتبنى طريقة أحمدى نجاد فى تطبيق الديمقراطية»، على الرغم من أن الشيخ يوسف البدرى، الداعية الإسلامى الشهير، أصدر للتو فتوى دينية تعتبر البرادعى نفسه «خطراً على الإسلام»، لأنه «دعا إلى فتح محافل للماسونيين والبهائيين فى البلاد، وهذا أمر يساعد على تدمير الدين وتخريب عقائده»، وفق ما نشرته صحيفة «الشرق الأوسط»، أمس الأول الجمعة.

الفتوى التى أصدرها البدرى جاءت استجابة لطلب مما يسمى «الجبهة الشعبية لحماية مصر»، وهى جبهة تضم عدداً من أعضاء بعض أحزاب المعارضة المغمورة، وتعمل أساساً تحت شعار عريض مفاده «لا للبرادعى»، وهو ما يقدم للحزب الوطنى، فى معركته ضد الأخير، خدمة جليلة.

فى شهر أكتوبر الماضى، كان مرشد «الإخوان» السابق مهدى عاكف، الذى اشتهر بمقولة «طظ فى مصر»، يكشف عن تفاصيل صفقة عقدها مع «مسؤول كبير»، تم بمقتضاها ترشيح ١٥٠ إخوانياً فى انتخابات مجلس الشعب عام ٢٠٠٥، وهى الانتخابات التى أسفرت عن فوز مرشحى الحركة المحظورة بـ ٨٨ مقعداً برلمانياً.

وفى صيف العام ٢٠٠٨، نشرت «المصرى اليوم» حواراً مع القيادى المهم فى الجماعة يوسف ندا، عرض فيه الرجل ترتيب العلاقة بين «الإخوان» وجمال مبارك، فى إطار «حزمة تطبيع متكاملة»، تضمن تحقيق مصالح الطرفين.

وحتى بعض كبار رجال الدين المسيحى لم يتوقفوا يوماً عن خلط الدين بالسياسة على طريقتهم ووفق ما نعرفه عن أجندتهم. وها هو الأنبا بسنتى أحد رموز الكنيسة القبطية يعبر، فى حوار نشرته «المصرى اليوم» فى منتصف نوفمبر الماضى، عن تأييده لموقف قداسة البابا الداعم لجمال مبارك كمرشح للرئاسة بقوله: «اللى نعرفه أحسن من اللى ما نعرفوش.. ثم إن جمال مبارك هو ابن الرئيس مبارك، الذى عشنا فى ظل حكمه فى سلام، كما أنه ابن الرئيس الذى يرفض أن تتحول مصر إلى دولة دينية.. وأعتقد أن جمال مبارك سيسير على النهج نفسه».

أما الأنبا بيشوى، سكرتير المجمع المقدس، فقد سألته «المصرى اليوم» أيضاً فى حوار نشر فى ١١ أبريل الماضى، عن موقف الكنيسة من المرشحين المحتملين للرئاسة، فقال: «من الممكن أن تقول الكنيسة كل واحد حر فى إبداء رأيه، ومن الممكن أن تقول إن لديها التزاما مع رئيس الجمهورية، لأن بولس الرسول يقول فى الكتاب المقدس (إن السلاطين الكائنة هى بترتيب من الله ومن يقاوم السلطان يقاوم ترتيب الله)».

 لم يكتف الرجل، الذى يوصف على نطاق واسع بأنه من «حماة الكنيسة»، بهذا التوضيح والاقتباس الموحى، لكنه راح يفسر قائلاً: «الانطباع الذى نأخذه من الكتاب المقدس أنه ليس من تعاليم المسيحية أن نخرج على الحاكم أو نحاول تغيير نظام الحكم».

لا يبدو أن هؤلاء الفرقاء السياسيين وفروا أسلوباً أو إمكانية لتحقيق مصالحهم المتضاربة فى كل الأحيان وغير المتسقة مع المصلحة العامة فى معظمها، لكنهم الآن يغرقون فى توظيف الدين لتحقيق مآربهم توظيفاً ممجوجاً وسخيفاً وخطيراً فى آن.

يتحدث أحمد عز عن «ديمقراطية نجاد» كفزاعة للغرب تصور البرادعى على أنه «حليف للفاشية الدينية»، ويوعز حزبه لأنصاره فى الوقت ذاته باستخدام الفتاوى الجاهزة لتصوير الرجل على أنه «حليف للماسونية وخطر على الإسلام» فى الداخل. ويلعن «الإخوان» مصر، ويتحالفون مع النظام، ثم يسعون إلى التفاوض مع «الوريث» والتحالف مع البرادعى فى آن.

أما فضيلة الإمام شيخ الأزهر فيرى أنه «لا تعارض بين منصبه وموقعه فى الهيئة القيادية للحزب الوطنى»، قبل أن يعود ليستقيل من الحزب تحت وطأة الضغوط العارمة، فى وقت تكرس قيادات قبطية فيه حكم الرئيس، مستعينة بـ«أقوال الرسول بولس» تارة، ومعلنة تأييدها لجمال مبارك «لأنه سيسير على نهج أبيه» تارة أخرى.

ليس أخطر على مصر من الانسداد السياسى الذى تشهده راهناً سوى استخدام السلطة أدواتها الخشنة فى تمرير مشروعاتها الفاسدة وقمع معارضيها، وليس أخطر من الاثنين سوى استخدام الدين كمطية لتحقيق مصالح سياسية غارقة فى الانتهازية وقصر النظر.

نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١ صوت عدد التعليقات: ٠ تعليق

خيارات

فهرس القسم
اطبع الصفحة
ارسل لصديق
اضف للمفضلة

جديد الموقع