وضعت اللجنة الأمريكية للحريات الدينية مصر فى المرتبة الثانية ضمن قائمة الدول الأكثر انتهاكا للحقوق الدينية فى تقريرها لعام ٢٠١٠، وذلك للعام الثامن على التوالى، مطالبة واشنطن بوضع جدول زمنى للقاهرة لإلغاء قانون الطوارئ وتنفيذ إصلاحات سياسية، مشيرة إلى أنه فى حال عدم التزامها بهذا الجدول، فـ«على الولايات المتحدة مراجعة نفسها فى المساعدات التى تمنحها للحكومة المصرية».![لجنة الحريات الأمريكية تضع مصر ضمن الدول الأكثر انتهاكاً للحقوق الدينية للعام الثامن](/uploads/427/amdh_fes_consulat.jpg)
وذكر التقرير، الذى يقع فى ٣٧٣ صفحة، ويعرضه رئيس اللجنة ليونارد ليو فى مؤتمر صحفى صباح اليوم الخميس، أن مصر تواجه «مشاكل خطيرة فى التمييز الدينى وانتهاكات صارخة لحقوق الإنسان، خاصة الأقباط والبهائيين واليهود وطائفة شهود يهوه والقرانيين والشيعة، بينما لا تأخذ الحكومة المصرية خطوات حاسمة لوقف التمييز الدينى والعنف الطائفى»، معتبرا أن «تفضيل الأغلبية المسلمة هى السياسة واسعة الانتشار فى مصر».
وطالب التقرير، الذى حصلت «المصرى اليوم» على نسخة منه، الحكومة الأمريكية بوضع خطة زمنية لمصر لتقوم بتنفيذ التزاماتها بإلغاء العمل بقانون الطوارئ وإصدار القانون الموحد لدور العبادة، وتنفيذ الإصلاحات فى مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات الدينية، وتقديم الجناة الحقيقيين فى أحداث العنف الطائفى إلى العدالة، وإلغاء المادة ٩٨ التى تمنع المواطنيين من تغيير دياناتهم.
وقال: «اذا لم تلتزم مصر بالجدول الزمنى، فإن على الولايات المتحدة أن تراجع نفسها فى المساعدات والمنح التى تمنحها للحكومة المصرية من أموال دافعى الضرائب الأمريكيين، منوها بأنه «على الحكومة المصرية أن تستغل الفرص وتقدم الجناة فى الحوادث الطائفية إلى العدالة قبل أن يتجه اهتمامها وتنشغل بالانتخابات البرلمانية فى ٢٠١٠ والانتخابات الرئاسية فى ٢٠١١».
وأكد التقرير أن هناك مشاكل خطيرة تتعلق «بالتمييز الدينى وانتهاكات حقوق الأقليات الدينية والتمييز لصالح الأغلبية المسلمة فى مصر، وتصاعد فى موجة العنف ضد الأقباط المسيحيين الأرثوذكس»، وأفرد فصلاً كاملاً إلى أحداث العنف الطائفى فى مرسى مطروح وديروط ونجع حمادى وفرشوط وعزبة بشرى، فضلاً عن أحداث دير أبوفانا.
وانتقد التقرير الحكومة المصرية لعدم قيامها باتخاذ خطوات فعالة لوقف التمييز الدينى ضد الأقباط والديانات الأخرى، مرجعا أسباب ازدياد العنف الطائفى إلى فشل الحكومة المصرية فى تقديم الجناة الحقيقيين إلى العدالة، مما خلق مناخاً من عدم وجود عقوبة رادعة لأحداث العنف الدينى، منتقداً «بطء تنفيذ الأحكام الصادرة لصالح البهائيين بإصدار بطاقات هوية لهم، وكذلك المسلمون الذين تحولوا إلى المسيحية».![جوادث العنف الطائفي تلقي بظلالها على الاجواء المصرية دون محاكمات عادلة او راجع قانوني](/uploads/427/coptickill.jpg)
وأشار التقرير إلى الرحلة التى قامت بها لجنة الحريات الدينية إلى مصر فى يناير الماضى بعد عدة أيام من مذبحة نجع حمادى، ومنع الحكومة المصرية أعضاء اللجنة من مقابلة أهالى الضحايا، وإلغاء المقابلات مع المسؤولين الحكوميين، مستطرداً: «لكن رغم تلك القيود استطاع أعضاء اللجنة لقاء مجموعة من نشطاء المجتمع المدنى والقيادات الدينية وشيخ الأزهر الراحل ووزير الاوقاف».
وأضاف أن «مذبحة نجح حمادى أيقظت الرأى العام المصرى على رد الحكومة الضعيف تجاه تصاعد العنف الطائفى».
ولفت إلى لقاءات تمت بين اللجنة والسفير المصرى فى واشنطن سامح شكرى فى مارس ٢٠١٠ للترتيب لزيارة أخرى للجنة إلى مصر وإثارة قضية الحريات الدينية أمام المسؤولين، وقال التقرير: «للأسف تعامل السفير سامح شكرى بغضب وعدائية مع اللجنة، ورفض كل المخاوف التى أثارتها اللجنة من تصاعد العنف الطائفى فى مصر».
واعترف التقرير بأن لجنة الحريات الدينية قدمت خطاباً إلى وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون فى سبتمبر الماضى، تنصحها بمعارضة ترشيح فاروق حسنى، وزير الثقافة، لتولى منصب مدير منظمة اليونسكو، بسبب تصريحاته حول حرق الكتب اليهودية.
فى المقابل، امتدح التقرير التوسع فى مناقشة قضايا العنف الطائفى فى وسائل الإعلام بشكل أكثر حرية، منوها بأنه أمر لم تكن الحكومة المصرية تسمح به من قبل.
كانت لجنة الحريات الدينية قد أدرجت مصر فى قائمة «Watch List» منذ عام ٢٠٠٢ وحتى التقرير الصادر لعام ٢٠١٠.
وتعد لجنة الحريات الدينية لجنة مستقلة ترفع توصياتها سنوياً إلى الرئيس الأمريكى ووزيرة الخارجية والكونجرس حول وضع الحريات الدينية فى العام، ويرصد التقرير الصادر لعام ٢٠١٠ الانتهاكات فى مجال الحرية الدينية فى ٢٨ دولة فى الفترة من أبريل ٢٠٠٩ إلى مارس ٢٠١٠، ويشمل فصولاً لكل دولة وأدلة موثقة فى انتهاكات الحرية الدينية فى تلك الدولة، وقسم التقرير الدول الواردة به إلى ثلاث مجموعات، الأولى هى الدول الأكثر انتهاكا للحريات الدينية المرتبطة بتسامح الحكومات تجاه تلك الانتهاكات.
وتوصى اللجنة وزارة الخارجية الأمريكية بالتعامل مع تلك الدول بتركيز كبير باعتبارها دولاً تفتقد للحرية الدينية وهى ثمانية جاءت بالترتيب التالى:الصين، مصر، إيران، نيجيريا، باكستان، السعودية، السودان وفيتنام.
والمجموعة الثانية وتشمل الدول التى تحتاج إلى اهتمام كبير لتحقيق الحرية الدينية، فضلاً عن دول أخرى فى المجموعة الثالثة تراقبها اللجنة بشكل دقيق.
وقال التقرير إنه منذ خطاب الرئيس الأمريكى، باراك أوباما، فى القاهرة فى يونيو ٢٠٠٩ أصبح الحديث عن الحريات الدينية نادراً وتم استبدال مصطلح الحرية الدينية بمصطلح حرية العبادة، مشيراً إلى أن حرية العبادة هى عنصر من بين عدة عناصر تشملها الحرية الدينية.
وناشد التقرير المسؤولين الأمريكيين الرجوع إلى المصطلح القديم كما طالب إدارة الرئيس أوباما بتعيين مبعوث عام للحريات الدينية فى العالم، لافتاً إلى قيام أوباما بتعيين مبعوث خاص للمجتمعات الإسلامية ومبعوث خاص اخر إلى منظمة المؤتمر الإسلامى.
وانتقدت لجنة الحريات الدينية عدم إعطاء الأولوية لقضايا حقوق الإنسان والحريات الدينية فى سياسات الولايات المتحدة تجاه مصر، وأنه برغم التقارير التى تثبت الانتهاكات فى هذه المجالات، فإن الولايات المتحدة لا تضغط بالشكل الكافى على الحكومة المصرية لتحقيق تقدم فى مجال حقوق الأقليات وحقوق المرأة والتصدى لموجات التطرف والعنف الطائفى، مضيفاً أن سجل مصر ضعيف بشكل عام فى قضايا حقوق الإنسان.
وأشار التقرير فى الجزء الخاص بمصر إلى أنه يوجد ألفا بهائى فى مصر و٣٠٠ شيعى و١٢٥ يهودياً وما بين ٨٠٠ و١٢٠٠ شخص ينتمون إلى طائفة شهود يهوه، مؤكداً أن الحكومة المصرية تراقب مساكنهم وتليفوناتهم وتحركاتهم.
وأدان التقرير اعتقال المواطنين وتعذيبهم، وقال إن الحكومة المصرية تسيطر على المنظمات والجمعيات الإسلامية بما فى ذلك الجوامع وتدفع رواتب الأئمة، فيما تمنع جماعة القرآنيين من ممارسة حريتهم الدينية وتمنعهم من مغادرة البلاد. |