CET 00:00:00 - 25/04/2010

مع القراء

الراسل : بطرس
ذهبت إلى وادي النطرون لقضاء خلوة روحية في أحد الأديرة العامرة هناك.. وسمي الوادي بهذا الاسم نسبة إلى ملح «النطرون» الذي كان يستخدم في تحنيط جثث الموتي عند قدماء المصريين.. والتسمية الأخرى لهذا المكان هو برية شهيت التي تعني (ميزان القلوب).

والخلوة الروحية هي فترة تتراوح من يوم إلى ثلاثة أيام، يمكث فيها الشخص في أحد الأديرة التي تسمح له بذلك لقضاء هذه الفترة في الصلاة وقراءة الكتاب المقدس والتأمل.

البداية: تبدأ الخلوة بداية قلبية عندما يشتاق الإنسان أن يعيش وقتًا أكثر مع الله بعيدًا عن ضوضاء العالم وهمومه.. فكما يقول المرنم «كما تشتاق الأيائل إلى المياه هكذا تشتاق نفسي إليك يا الله».. هكذا طالب الخلوة يشتاق إلى ينبوع المياه الحي حتى يرتوي من الحب الإلهي ويتمتع بشركة أكثر في حضرة الله.

فعندما فتحت الصحراء يديها لاستقبالنا لقضاء الخلوة بدأت أشعر بقداسة المكان الذي عاش فيه أبومقار والأنبا موسى الأسود والأنبا إيسندروس ومكسيموس ودماديوس مرورًا بآباء بطاركة وأساقفة ترهبنوا في هذه البرية الروحية حتى آباء هذا الجيل.. هؤلاء جميعًا الذين عاشوا كما يحق لإنجيل المسيح مرددين قول القديس بولس الرسول: «الذي من أجله خسرت كل الأشياء وأنا أحسبها نفاية لكي أربح المسيح» متأملين في قول القديس أغسطينوس «جلست على قمة العالم عندما علمت أنني لا أريد شيئًا على الأرض».

اليوم في الدير: يبدأ اليوم في الدير في حوالي الساعة الثالثة صباحًا عندما تخرج من بيت الخلوة وتذهب إلى الكنيسة الرئيسية لتصلي (تسبحة نصف الليل) مع رهبان الدير والتسبحة هي صلوات كنسية تًقال بألحان مميزة وتصليها الكنيسة علي مدار السنة.. وهي ألحان عذبة تجعل الحاضر يشعر أنه في السماء ويشترك في عمل الملائكة وهو التسبيح.. وعند الانتهاء من التسبحة تبدأ صلوات القداس الإلهي.. وبعد الانتهاء من صلاة القداس نعود إلى بيت الخلوة (وهو البيت الذي يقضي فيه طالبو الخلوة وقتهم الروحي) لنتناول وجبة الإفطار.. وعند تناولنا وجبة الإفطار يقف أحد الأفراد يقرأ لنا ونحن نأكل كتاب (بستان الرهبان) وهو كتاب فيه بعض تأملات وتعاليم وقصص الآباء الرهبان في القرون الأولى في مواضيع روحية شتى كالصلاة والصوم والعفة.. إلخ.
وأشهر هذه الأقوال هي أقوال القديس مار إسحق.. ويظل القارئ يتلوها علينا حتى ينتهي أحد الأشخاص من تناول وجبة الإفطار فيقوم ليقرأ بدلاً من الشخص الذي كان يتلو علينا هذه التعاليم.

وبعد الانتهاء من الإفطار يقوم الراهب المسئول عن بيت الخلوة بتوزيع المقيمين فيه على بعض الأعمال الموجودة بالدير وتتراوح مدة العمل من ثلاث إلى أربع ساعات.. وعند الانتهاء من العمل المكلف به نعود إلى بيت الخلوة استعدادًا لوجبة الغداء التي يتكرر فيها نظام الإفطار.. وبعد راحة الغداء نبدأ في صلاة (الغروب والنوم) مع بعضنا البعض.. حيث يقود الصلاة أحد المقيمين ببيت الخلوة.. وعند الانتهاء من صلوات (الغروب والنوم) يذهب كل شخص منفردًا بكتابه المقدس وكراسة أو كتاب روحي ليقضي جلسة روحية منفردة مع الله لمدة ساعتين يكون فيهما الكتاب المقدس مصدرًا لتأملاته.. وعند انقضاء الوقت المحدد مرة أخرى نعود إلى بيت الخلوة لنصلي (صلاة نصف الليل) من كتاب (صلوات الأجبية) مع بعضنا البعض حتى ننتهي منها لنجلس لاستماع كلمة روحية (عظة) من أحد رهبان الدير وتستمر الكلمة بين نصف الساعة والساعة.

وبعد الانتهاء من الكلمة الروحية نتناول العشاء سويًا بنفس نظام الإفطار والغداء ثم نذهب لننام لنستيقظ في منتصف الليل لنصلي (تسبحة نصف الليل) مع الملائكة الأرضيين (الرهبان) لنعمل عمل السمائيين وهو (التسبيح).

كانت أيام الخلوة في الدير أيامًا روحية مملوءة بالتأمل والحياة مع الله في أقدس أيام السنة (الصوم المقدس) لنُعد قلوبنا لأقدس أقداس أيام السنة (أسبوع البصخة) لكي نفرح بعيد القيامة.. ونكنز كنزًا روحيًا في قلوبنا.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٣ صوت عدد التعليقات: ١ تعليق