بقلم : نبيل المهندس
في عالم التجارة تتواجد الصفقات بين الأفراد أو بين الدول مع بعضها البعض في تبادل السلع والمنتجات ... كذلك في عالم الصناعة يتم فيها صفقات بين شركة صناعية كبري وأخري صغيرة لكي تَصْنَعَ لها بعض التجهيزات أو المنتجات الصغيرة لتكمل بها الشركة الكبيرة منتجاتها ... ومعروف أن إتمام الصفقات أمر مشروع ومألوف في حياة الأمم . وقد وجدنا في تاريخ البلاد كثيراً من الصفقات التي تمت وتتم بين دولة ودولة أخري في سبيل أن يكون بينهما سلام , أو بغرض حماية البلدة الضعيفة من أطماع بلدة أخري مجاورة ... و صفقات تُبرم في البلد الواحد بين الحزب المعارض والحزب الحكومي في مصلحة البلد أو ربما لمصلحتهما طبقا لضمائرهما ... كما نسمع عن صفقات تتم بين الأحزاب مع بعضها البعض ضد الحزب الحاكم لكي يحتلوا مقاعد في الوزارة أو المجالس المحلية وغيرها بأكثر عدد من المقاعد لكل حزب .
لذلك إقتبست فكرة الصفقة هذه لكي نحاول بها إيجاد حلا للمشكلة الخاصة بنا كأقلية في مصر ... ربما لا تجذب مسئولي الطوائف المسيحية , وربما تعجب البعض منهم ولا يستطيعوا الإفصاح أو إعطاء الرأي عنها لأمور لا يعلمها إلاّ الله وحده ... وربما يقبلها بعض من الشعب المسيحي أو يرفضها ... وأخيرا ربما لا يرضي عنها رجال السلطة ويعتبرونها خروج عن النظام الأمني, بحجة أنها سوف تكون منبعا للفتنة ... أو سوف يطلقون عليها ( لوبي) مسيحي , ووقتها سوف تلتقوا بي علي رصيف مجلس الشعب لكي تَمِنوا عليّ بقطعة من الحلاوة الطحينية ... بس ياخسارة أنا ممنوع من تناولها .
أنا هاجي من الآخر ..... واضح اننا فشلنا في إسترداد الكثير من حقوقنا كمسيحيين حتي الآن , ولا داعي لذكرها لأننا نجيد معرفتها لكن لا نجيد إستردادها ... فبعد فشل مجهودات المعانقات والقبلات والمصالحات العرفية , وقبل ما يتطور الأمر تحت هذه الضغوط الواقعة علي الأقلية بأن تتحول المعانقات إلي ملاكمات و القبلات إلي لطمات والمصالحات العرفية إلي معارك ضارية ... وتجنبا لهذه الأمور لصالح البلد , لماذا لا نفكر في تكوين مجموعة من المسيحيين مشهود لهم بالحس الوطني والسياسي من جميع الطوائف ومن جميع المستويات ولا مانع ينضم معهم مجموعة من الكهنة من جميع الطوائف المسيحية بصفتهم الشخصية وليست بصفتهم الكنسية , لكي يجتمعوا ويدرسوا جميع الطلبات التي ننشدها , ويخرجون لنا بورقة عمل مدونة فيها هذه الطلبات بطريقة محددة وواضحة, ونقدمها كصفقة إلي كل من يريد أن يرشح نفسه في الإنتخابات النيابية و الرئاسية .؟؟؟؟؟؟ وأحب أن انوه انه علينا إبلاغ الرياسات الحكومية بهذه المجموعة وعن اساس عملها رسميا ... فأنا لا اجد ان هذا العمل غير شرعي , بل من حقنا.
سوف نتقدم بهذه الصفقة إلي كل الأحزاب ... وياليت تجتمع هذه المجموعة مع كل حزب علي حده ... وتمارس معها عملية تبادل الصفقات بأنه سوف نعطيهم صوتنا في الإنتخابات النيابية أو حتي الرياسية في مقابل أخذ وعد منهم مُعلن في أجندتهم رسميا ويوضحون لنا بمدي مقدورهم بتطبيق وتنفيذ هذه الصفقة ... من الطبيعي سوف تحدث مجادلات ومساومات في هذه الصفقة ... وبناء علي قوة الشخص أو الحزب في تحقيق وتنفيذ معظم مطالبنا سوف يكون دعمنا لـه ... وعلي رأي المثل مابين الشاري والبائع يفتح الله ...!!!من هنا سوف لا يهمنا من هو الشخص او الحزب الذي سوف يفوز بالأغلبية ..!!
وأتصور أن أول مشكلة سوف نواجهها معهم في الصفقة هو جهلنا التام عن تعدادنا ... هنا أحمل المسئولية علي الكنائس , لأن هذا جزء غير مباشر من عملها الروحي ... وسبب عدم معرفتها بالتعداد السليم هو أن الكنائس فتحت الأبواب للذين يدخلون , لكنها لم تخرج هي منها لكي تفتقد رعاياها روحيا وإجتماعيا . فأنا اتصور بل متيقن تماما أن عملية معرفة تعداد المسيحيين كان يمكن أن تكون من قبل في متناول اليد عندما كانت الكنيسة أكثر نشاطا من اليوم, وبسبب هذا التقاعس الكنسي أصبح الآن من الصعب تحديد الرقم الحقيقي لتعدادنا , وكنت أأمل أن الكنيسة تكون هي المرجع الوحيد والصادق للحكومة في تعداد رعاياها. فكل البيانات التي تخرج عن تعداد المسيحيين هي غير حقيقية ... فالبعض يقول 4 مليون وآخر يفتي وبعد حساب دقيق يقول 8 مليون ومجموعة تتحدي كل هذه الأرقام وكأنها قامت بِعَدْ كل مسيحي حتي وصلت إلي 18 مليون ... أنا اتحدي أي مسئول كنسي أو سياسي أو إجتماعي لديه الرقم الصحيح لتعدادنا ... حتي الأسماء الموجودة الرسمية في الكنائس عن طريق التعميد او الزواجات والوفيات لا تتكلم عن الحقيقة ... لذلك أول خطوة هامة لهذه المجموعة والتي معها تفاصيل الصفقة أن تكون مُلمة بالتعداد الحقيقي للمسيحيين لكي تستطيع أن تساوم بجرأة وتساوم علي أساس صحيح وأننا قوة لا يستهان بها , ويمكنها تغيير اللعبة في أي وقت , هذا لو إلتزم الشعب المسيحي بممارسة حقهم في الإنتخابات.
ربما تواجه هذه المجموعة التشابه الشكلي أو المظهري في مباديء جميع الأحزاب او الأشخاص المرشحين للرياسة ... وسوف يتلقون منهم الجملة المشهورة والتي تقول : [ مبدأنا هو قيام دولة أساسها المواطنة وحرية الفرد ] ... وربما منهم من يضيف كلمة (علمانية) علي الدولة .. كل هذه الأقاويل والمباديء إن لم تصاحبها تغيير في الدستور وإلغاء البند الثاني , فهي تصبح مباديء واهية ومتناقضة . لأن من أساسيات الدولة العلمانية والقائمة علي المواطنة هي فصل الدين عن الدولة إنفصالا تاما .
هل يُوجد رجال لهم القدرة علي تجهيز هذه الصفقة ... هل لدينا رجال من ذوي الحس السياسي والوطني لهم القدرة أن يعرضوا هذه الصفقة علي كل من يرشح نفسه لمجالس الشعب والشوري حتي الترشيح للرئاسة ... وينتزعون منهم وعودا موثوقة و رسمية ... إذا لو لدينا فعلينا أن نتخذ الخطوة الأولي . وهي كما جاءت في امثال 18 : 17 [ الأول في دعواه محق , فيأتي رفيقه ويفحصهُ...!!]
نعم هي صفقـــــــة , وأتمني انها لا تصبح علي وجوهنا صفعـــــــة ! |