بقلم: أماني موسى
حل يوم جديد ليحمل عم سعيد مسعد أبو السعد همومه وشنطته ويذهب لعمله، وكان بياخد شندويتشات من عند "علي إدرة" بتاع الفول اللي على ناصية الشارع وقابل جاره عم حسن الأقرع أو (حسن أحفظ لسانك) كما يشاع عليه في الحارة، وهنعرف إيه سبب الاسم دة وإطلاقه على عم حسن، المهم أن عم سعيد أول ما شافه قاله (أهلاً أهلاً بجارنا العظيم، صباح الفل يا حامي النظام واللسان في حارتنا المصون)، فنظر له "حسن أحفظ لسانك" قائلاً: أهلاً بيك وأكمل قائلاً: لكني زعلان من ابنك قوي فضل امبارح يلعب هو والعيال في الحارة ويشتموا بعض بكلام ميصحش زي ما أنت عارف، فاعتذر له عم سعيد وقاله امسحها فيا.
وعم حسن أحفظ لسانك دة كان راجل وقور وأصلع ذو صوت جهوري، وضخم الجثة عريض المنكبين وكان شغال مدرس، ودلوقتي على المعاش ومش وراه أي شغلانة ولا زوجة ولا عيال وبالتالي مفضي نفسه للاهتمام بالنظام والنظافة في الحارة وكمان أهم حاجة كان حسن أحفظ لسانك بيعملها ولأنها كانت بتزعجه جداً هي أنه يزعق لأي حد يشتم في الحارة ويقوله (أحفظ لسان).
وطبعاً يا عيني كان ليل نهار بيفضل يقول (أحفظ لسانك) لأن الناس في الحارة ليل نهار بيشتموا بعض وكان السباب والشتم كالحلوى أو اللبانة في بقهم، فكانوا يتبادلون الشتائم في خناقة مثلاً أو يهزروا مع بعض بالشتيمة، أو واحد بينادي على صاحبه من تحت البلكونة فيبدأ بصفارة ثم أنت يا واد يا ابن الكل.... يا جذم..... يا حيو..... ومن ثم نجد أن كل الحارة تشتم وتسب سواء في الجد أو الهزار وكان ساعتها عم حسن يغضب زي التور الهايج ويصرخ ويقول (أحفظ لسانك)، وحين كان الشباب يسخرون ويضحكون من كلامه كان عم حسن يملا جردل ميه ويقذفه على رؤوسهم وبالتالي لم يسلم أي واحد من الحارة من جردل عم حسن.
وكان عم حسن غاضب جداً من سلوكيات أولاد حارته من شتيمة وعدم نظافة و.... وفي الجانب الآخر كانوا كل الجيران غاضبين كمان من عم حسن لأنه كان دائم التوجيه ليهم كأنه ناظر عليهم ولم ينسى مهنته السابقة وكان مغرقهم ميه من جردله الأصفر الشهير اللي كان شغال طول اليوم ليل ونهار، وطول فصول السنة صيف وشتا على الكل باختلاف أطوالهم وأحجامهم،، وهنا قرر "سرور" الواد الفاشل ابن عم سعيد عمل اجتماع سري لكل شباب وعواطلية الحارة أصحابه.
وبدأ سرور الاجتماع وكان عمال يعدل في شعره ولياقة قميصه اللي معندوش غيره وبدأ كلامه بلغة الشباب فيها كم شتيمة على كم سباب عشان يطري القعدة وعشان يكسب تأييدهم له في كل اللي يقوله وتوصل بذكائه السبوب المسبب إلى اختراع مفتكس، وهو أن كل واحد منهم يشتم ويسب براحته لكن سيكون ذلك من خلال شفرة بينهم ولغة خاصة بالمسببين والمسببات الأحياء منهم واللي أبوهم ارتاح من قرفهم ومات والشغالين منهم والعاطلين ، وفرح جميع الحاضرين وصفقوا بشدة لسرور على اختراعه العبقري اللي هيخليهم يشتموا براحتهم.
وسأله فلحوس صاحبه وقاله بس قول لنا إزاي؟؟، فأجابهم على سبيل المثال حمار هتبقى (....نهيق)
ابن الكل..... هتبقى ( هوهو)
جذم..... هتبقى (كعب عالى)
معفن.... هتبقى ( إف يع)
ودي هتبقى لغتنا الخاصة بينا من غير توجيهات حسن احفظ لسانك ومن غير جرادل ميه، وهيبقى شعارنا (أ.ب. خ) يعني اشتم برااااحتك خالص أو ممكن نخليه (أ.ب. و.س.ا.ح.ي) يعني اشتم براحتك وسيب اللي حواليك يشتموا وأهو كله بثوابه.
وانتهى الاجتماع وانتهت معاه توجيهات عم حسن أحفظ لسانك لأنهم ابتكروا طريقة جديدة يشتموا بيها بعض من غير ما عم حسن يفهمها.
عادي في بلادي: أن تصبح الشتيمة هي لغة التعبير المستحبة للمصري ، وأن يخترع المصري أساليب مبتكرة للتحايل على النظام!!! |