بقلم: منير بشاي ورغم إصرار مَن قاموا بها على تسميتها ثورة شعبية ولكن الدلائل تشير أن الشعب لم يكن له دورًا مباشرًا فيها، وأنها كانت مجرد انقلاب عسكري. إلى أين سيقود سباق الغلاء المخيف في ظل محدودية الدخل؟ وكيف سيستطيع المواطن العادي أن يملأ معدته من مجرد الخبز بمرتبه الهزيل إلا إذا افترضت الدولة أن الرشوة والفساد والسرقة أصبحت أعمال مشروعة في مصر لا تستقيم الحياة من دونها؟ ففي مجال التعليم هناك التعليم الخاص الذي يكلف من المال ما لا طاقة لمعظم فئات الشعب على تحمله. وفيه يتعلم الطفل أساسيات التعليم وعندما يدخل الجامعات الخاصة يتعلم المهارات الهامة التي يحتاج إليها في سوق العمالة مثل إجادة اللغات الأجنبية والكومبيوتر. وبعد التخرج يجد فرصة في الشركات الخاصة للعمل بمرتبات مجزية. مشاكل مصر الآن لا حصر لها، خذ على سبيل المثال مشكلة الإسكان. لقد أصبح حق المواطن في الحصول على مكان يأويه وسقف فوق رأسه نوعًا من الرفاهية لا يتمتع به غير فئة محظوظة من الناس. والخيار للحصول على مسكن أمام شبابنا الذين يفكرون في الزواج منعدم وهو إما التمليك بشراء شقة يفوق ثمنها ما يمكن أن يحصل عليه الزوجان من مرتب خلال كل حياتهم الوظيفية. ولا أظن أن التغيير بهذه السهولة التي يحاولون أن يقنعونا بها، ولا أعلم مدى مقدرة نور والبرادعي على إحداث التغيير إذا وصل أحدهما إلى السُلطة. الأمور غير واضحة المعالم ومن الآن وحتى وقت ظهور الرئيس القادم يمكن أن تحدث صراعات داخلية سواء داخل الحكومة أو الحزب الوطني أو من الجيش أو من الأمن. ومن المحتمل أن تؤدي هذه الصراعات إلى ظهور أسماء جديدة على الساحة يكون الرئيس القادم واحدًا منها. وسيظل التغيير حلمًا جميلاً يداعب أفكارنا. ولكن حتى إذا كان هناك شيء من التغيير فليس من المؤكد أنه سيكون تغييرًا للأفضل. ومخاوفنا هي أن يتحول حلم التغيير إلى كابوس مزعج. وما زال عالقًا بالأذهان ما كانوا يعدونا به عند قيام (ثورة) يوليو ١٩٥۲ من أن الثورة قد قامت من أجل القضاء على فساد النظام الملكي وإرساء قواعد العدالة الاجتماعية...إلخ. والآن وبعد مرور أكثر من نصف قرن على قيام الثورة يمكن معرفة التغيير الحقيقي الذي حدث بمقارنة أحوال مصر أثناء حكم الملكية (البغيض) وبعد الخراب الذي أتت لنا به الثورة (المباركة). هذا بالنسبة لأحوال مصر عامةً وهى تنعكس على جميع المواطنين مسلمين ومسيحيين. أما أحوال الأقباط بصفة خاصة فلا أحد ينكر مقدار تراجعها في الثلاثة عقود الأخيرة. فالاعتداءات الإرهابية عليهم تصاعدت، والحظر على بناء الكنائس مستمر، وحرمان الأقباط من الوظائف العليا قاعدة معروفة، والتهميش لهم أصبح من معالم النظام القائم. ولا أظن أن هناك حاكمًا لمصر سيأتي ويحمل معه أجندة عادلة وحقيقية لإعطاء الأقباط حقوقهم كاملة حبًا في سواد عيونهم. والسبب ببساطة أن هذه الحقوق أصبحت قضية لا تحظى بقبول الغالبية المسلمة في البلاد. ومن الطبيعي أن الحاكم الجديد سيحاول أن يرضى التيارات القوية في مصر على حساب الضعيفة لضمان استمراره في الحكم. واعتقادي أنه من الخطأ أن يفترض الأقباط أن حاكمًا لمصر سوف يُنصفهم حبًا في العدالة وفي ظل سلبيتهم السياسية. والحل لتحسين أحوالهم دائما سيظل ينبع من داخلهم ويكون نتيجة فرض وجودهم على الساحة السياسية بتكوين كتلة انتخابية قوية والمشاركة في النشاط الحزبي الموجود والمطالبة المستمرة بحقوقهم والاحتجاج على الظلم الواقع عليهم، وليس في استجداء الفتات الذي يتعطف به الحكام عليهم. |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا |
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا |
تقييم الموضوع: | الأصوات المشاركة فى التقييم: ١٠ صوت | عدد التعليقات: ٤ تعليق |