بقلم: خالد منتصر |
وصلتنى تعليقات وردود فعل كثيرة على ما كتبته تعليقاً على تصريح البابا شنودة السلبية عن النحات وتشبيهه بالزانية والمرابى!، بعض التعليقات من الأقباط تؤكد أن البابا فى عظته الأسبوعية لم يكن يقصد صانع التماثيل، بل كان يقصد صانع الأصنام، والبعض الآخر كان يستنكر، ومنهم من كان موافقاً على تأثيم النحاتين، والمدهش أن فريق مكفرى النحاتين كان يضم مسيحيين ومسلمين، وكل منهما له أسانيده ونصوصه. الكل تمسك فى رده بالنصوص، ولم يسأل حسه الجمالى، فمنهم من ذكر إصحاح ٢٠ فى العهد القديم والذى يقول «ملعون الإنسان الذى يصنع تمثالاً منحوتاً أو مسبوكاً»، أما المعترض المسلم على النحت فقد ذكر قائمة من الأحاديث التى تحرم فن التصوير مثل «من صور صورة فى الدنيا كلف يوم القيامة أن ينفخ فيها»، و«كل مصور فى النار»، و«أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون»، و«أيكم ينطلق إلى المدينة فلا يدع لها وثناً إلا كسره .....»، ولن أستغرق فى مناقشة دينية عن صحة أو ضعف أو مناسبات نصوص، ولكنى سأتساءل لماذا كل هذا العداء وهذه الفوبيا والكراهية لفن التصوير التجسيدى عموماً وللتمثال خصوصاً؟. تاريخ الكراهية طويل ودموى، فمن صراع الفنان جريكو مع الكهنة وتحريم شهود يهوه لصناعة التماثيل، مروراً بتحريم القديس برنار للتصاوير الجدارية لأنها تلهى المصلين، ومحاكمة النحات الإيطالى جاكومو مانسو لأنه أضفى مسحة واقعية على كاتدرائية القديس بطرس، وصولاً إلى فتوى المفتى بتحريم النحت، وتدمير طالبان لتمثال بوذا، وابتعاد الطلبة عن قسم النحت خشية الوقوع فى الحرام!، كل هذه الأحداث تعكس فوبيا كهنوتية صارت مجتمعية من التمثال. النحت كما ذكرت سابقاً هو أعظم الفنون من وجهة نظرى، وهو مرعب للمجتمعات المنافقة، لأنه صادق جداً، ويمتلك كل الأبعاد وليس بعدين مثل اللوحة، لدرجة أنك من الممكن أن تلف حول التمثال وتراه من جميع الاتجاهات، والمجتمعات التى علمت أطفالها حب التماثيل مجتمعات متحضرة، لذلك أنادى بأن يكون متحف مختار زيارة إجبارية للمدارس الابتدائية، فن النحت هو إعادة تنظيم وتشكيل وضبط إيقاع الطبيعة، دون اتهامات بالإلحاد أو الكفر بخالق هذه الطبيعة، فالفنان السويسرى بول كلى تعلم من الأصداف والقواقع والطحالب، والنحات هنرى مور يقول «النحات يسيطر عليه الإحساس بالكتلة فى كل شىء، النمو فى النبات والصلابة فى العظام والمرونة فى انثناء شجرة الخوخ». المؤمن الحقيقى والفنان الحقيقى يشتركان فى صفة مهمة هى البصيرة، فعين الفنان ليست أفضل أدواته، وإنما بصيرته هى أفضلها، يقول بيكاسو عن هذا المعنى فى عبارة مجازية بليغة «يجب أن يفقأوا عين الفنان لكى يرى أحسن، مثلما يفقأون عين طائر الكنارى لكى يبدع غناء أجمل». نقلا عن المصري اليوم |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا |
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا |
تقييم الموضوع: | الأصوات المشاركة فى التقييم: ٠ صوت | عدد التعليقات: ١ تعليق |