بقلم: ماجد سمير
أشارت إحصائية (ربما تكون غير دقيقة) إلى أن 13في المائة من المصريين معتلون صحيًا، ولا أعرف لماذا اختارت الإحصائية رقم 13 المرتبط في وجدان المصريين بالنحس والشؤم والسواد، وعدم دقة الإحصائية حسبما أرى تعود أنه ربما يكون 13 في المائة من المصريين أصحاء وباقي الشعب يعاني من الضغط والسكر وأمراض القلب والكبد والكلى، بخلاف حوادث ضحايا الطرق!!
لدرجة أن عميد المسرح العربي صاحب مقولة "ما الدنيا إلا مسرح كبير" من المؤكد كان سيغيرها إلى "ما الدنيا إلا مستشفى كبير"، وربما ترى المحليات في القريب العاجل أن التغيير قادم لا محالة فتلغي فورًا مسميات المحافظات وكذا الأحياء إلى "عنابر" كنوع من الاتساق الواقعي مع نحو عشرة ملايين مصري يسيرون في الشوارع وأيديهم مزينة بكانيولة لزوم الغسيل الكلوي ثلاث مرات أسبوعيًا ومئات الآلاف يذهبون للعلاج الكيماوي بسبب إصابتهم بالسرطان.
وعلى مداخل محافظة الجيزة نجد جملة ترحيب تذكر الناس إن الحياة ما هي إلا حلم طويل لابد وأن نستيقظ منه فجأة، وينتقل مكتب المحافظ إلى مستشفى أم المصريين أشهر وأقصر الطرق إلى الآخرة مجرد "فرطة كعب" لمسة سحرية من أحد أطباء التخدير حتى لو كنت تنوي إجراء عملية "اللوز فقط" وسيكتب على باب المستشفى جملة معبرة جدًا "دنيا.... البني آدم فيها ضيف".
والغريب إن الشعب تقريبًا كان يستقرأ الآتي لا محالة، فالتراث المصري يحمل بين صفحاته أغنية قديمة جدًا وخالدة تقول: (واحد أتنين ... سرجي مارجي.... أنت وحكيم لا تمرجي.... أنا حكيم باشا باشا....العيان اديله حقنة.... والمسكين اديله لقمة) وكأن الشعب إما مريض أو فقير يستحق الشفقة أو الاثنين معًا!!
والأغنية العتيقة خيّرت في السؤال بين الطبيب أو التمرجي لأنهما الوحيدين اللذان يحملان حلم الشفاء لشعب مريض.
وبعد نحو 30 سنة من حكم الحزب الوطني للبلاد حكما تميز بالفساد والاستبداد والتلوث في الشرب والأكل والهواء، نجد أن أغنية عمرو دياب الشهيرة "تملي معاك" ستتحول بقدرة قادر إلى "تمورجي معاك" ويظهر فيها المطرب الجميل يرتدي بالطو أبيض متلفحًا بالسماعة حول رقبته وفي يده اليمنى جهاز الضغط أما يده اليسرى تحمل سرنجة زجاجية تصلح لحقن شارع كامل بفيروس "سي".
وتحمل الإحصائية أرقامًا مربعة تشير إلى الأحوال الصحية فالعام الماضي توفى نحو 700 ألف مصري نتيجة لأمراض القلي والكبد والسرطان وحوادث الطرق منهم 500 ألف من أمراض القلب و 64 ألف من السرطان والباقي بسبب أمراض الكبد وحوادث الطرق.
وفي النهاية عزيزي القارئ لا يسعني إلا إرسال المقال إلى مثواه الأخير للنشر بالحبر الأسود حدادًا على حال وطن وشعب لم يعد التطعيم يصلح معه، ولن تفيد أي مطالب أو أحلام وآمال من أجل التغيير أو الديمقراطية والحرية فالحياة في العنبر تحتاج للأدوية فقط ، راجيًا من الله الصبر والسلوان لنا جميعًا على أن نسمع سويًا أغنية محمد فؤاد الشهيرة "بودعك". |