إنها حالة استثنائية في السياسة الهولندية، حزب لا يسمح للنساء بالعضوية الكاملة. لا يسمح الحزب "الإصلاحي" السياسي، وهو حزب مسيحي متشدد، أن تترشح النساء عن الحزب للمقاعد النيابية. كما لا تستطيع المرأة أن تستلم مراكز مهمة داخل الحزب. من المتوقع أن تعلن اليوم الجمعة المحكمة العليا وهي أعلى هيئة قضائية هولندية أن سياسة الحزب المتبعة في ما يخص المرأة غير قانونية. وتشير كلمة "الإصلاحي" في اسم الحزب إلى الكنيسة الإصلاحية المستعادة، وهي من الكنائس التي انشقت عن حركة الإصلاح البروتستانتي، وأطلقت على نفسها تسمية توحي بـ "استعادة الإصلاح".
الرجال يقودون
"أنا أؤيد سياسة الحزب لأنني اعتبر أن الرجال يجب أن يكونوا في الصفوف الأمامية وهم من يجب أن يتسلم زمام الحكم في هولندا. لا أرى ضرورة لأن تسهم المرأة في ذلك."
هذا ما تقوله خيردا فان ميننغن البالغة من العمر 20 عاما. خيردا واحدة من مئات الشبيبة المنضوين في الحزب الإصلاحي السياسي.
ماذا سيفعل هذا الحزب المتشدد دينيا في حال قررت المحكمة العليا إجباره على المساواة بين الرجال والنساء في العضوية الكاملة؟ لا يساور الشك تينيكه مورن إحدى المسؤولين عن الشبيبة في الحزب وتقول: "نحن نتمسك بما يقوله الإنجيل لنا، وما منحنا إياه الرب. هكذا كان الأمر وهكذا سيبقى."
جواب فان مورن واضح وملفت أيضاً، إذ أن المركز التي حازت عليه في الحزب كان بفضل استثناء سمح للنساء باستلام بعض المناصب الثانوية في الحزب.
مشاكسة داخل الحزب
تتساءل عضو الحزب الإصلاحي السياسي رييت خراباين فان بوتن: ما الذي جرى للنساء الشابات المنضويات في الحزب. فان بوتن لم تعد شابة فهي تبلغ من العمر 76 عاما. كافحت لسنوات طوال من أجل تحقيق المساواة بين النساء والرجال داخل الحزب. تعتبر أن العضوية المنقوصة التي تقدم للمرأة غير نافعة: "أجدها أمراً لا يمكن القبول به. ولا أفهم كيف تقبل النساء الشابات هذا الأمر. ليس باستطاعتهن تسلم مركز سياسي، ومن غير المسموح أن تتسلم امرأة رئاسة الحزب. كما لا يتم إرسالها كمندوب إلى الجمعية العمومية."
يعرف عن فان بوتن بأنها مشاكسة داخل الحزب. كانت أول امرأة حصلت على العضوية في الحزب في الثمانينات خلال الفترة التي سادت فيها موجة من التسامح. إلا أنها سرعان ما اكتشفت أن قسما كبيرا من أعضاء الحزب يتجاهلها، خاصة عندما بدأت تطالب بمساواة المرأة بالرجل داخل الحزب. كما كانت ردة فعلها غاضبة عندما اٌقترح عليها أن تذهب وتنضم إلى حزب مسيحي آخر إذا كانت غير راضية عن شروط حزبها. وتقول فان بوتن: "لا يوجد رجل واحد تعرض لمثل هذا الأمر، أن يقال له إذا لم تجد مكانك في هذا الحزب اذهب إلى حزب أخر. عندما يتعلق الأمر بالرجال لا يحصل مثل هذا الشيء. لذلك قاومت هذا الموضوع بشدة وبشكل مستمر."
تعاليم الإنجيل
رئيس الحزب باس فان در فليس متمسك بموقف حزبه من المرأة، ويعتبر أن هذا حق أساسي للحزب أن يتبع تعاليم الإنجيل ويحدد سياسة الحزب استنادا لذلك. ووفقاً لتلك التعاليم لا تستطيع المرأة أن تتسلم مراكز قيادية: "فجأة أحيل الأمر إلى محكمة للبت فيه. محكمة تقول إنها ترى القضية بشكل مختلف، وتتحدث عن قرار صادر عن الأمم المتحدة، أو معاهدة أو ما شابه، وعليك أن تتكيف مع ذلك. إنه تدخل عميق الأثر."
أجمعت معظم النساء اللواتي شاركن في محاضرة لشبيبة الحزب على تأييد الموقف الراهن للحزب.باستثناء شابة واحدة أجابت على سؤالنا حول إمكانية أن تترشح النساء للمقاعد النيابية عن الحزب، لكن قبل أن تجيب نظرت إلى صديقها ثم قالت
"أجدها فكرة جيدة، وفي الإنجيل لا يوجد مانع أن تتسلم المرأة مراكز سياسية،
نعم، لم لا ؟"
وقف صديقها إلى جانبها وهو يهز برأسه بالموافقة على ما تقوله. |