بقلم: ماهر ميشيل
في هذه الأيام تستعد كل البيوت لاستقبال عيد القيامة المجيد، كل عام وحضراتكم جميعًا بخير، وأطلب من الله أن يعيد علينا مثل هذه الأيام ونحن جميعًا بخير وسلام وننعم ببركات السماء في وسط كل ضغوط الحياة.
وبالطبع يمر على كل بيت وكل أسرة عدة أمور، أستطيع أن أُسميها كعنوان المقالة "هموم العيد"، فيتحول العيد من فرحة للاحتفال بمناسبة عظيمة كالقيامة، إلى هم في كل بيت وكل فرد! فعلى سبيل الأمثلة من هذه الهموم:
نظافة العيد
نجد في ما قبل الأعياد "حالة طوارئ" لما يسمى بـ "نظافة العيد" فتخرج ربة المنزل كل ما هو مخزون لتنظيفه، تغسل الحوائط والأرضيات، الفرش كله يتم تهويته وغسله، تغسل السجاجيد، تلمع النجف، تهدم المطبخ ثم تبنيه مرة أخرى، ولا تترك قطعة أو مكان في بيتها لا تصله بالمنظفات والمطهرات.
النظافة في حد ذاتها شيء جميل ومحبب للجميع، ولا يوجد من يختلف على ذلك، لكن من قال إن هذا لابد أن يحدث كله في وقت واحد؟ مهما كانت ربة المنزل هذه موظفة أو لا، فهي عادة مقدسة عند جميع البيوت تقريبًا، فعلى سبيل المثال في بيت العائلة، تقوم والدتي بتنظيف المنزل لمدة أسبوع كامل، ليأتي أولادها وأحفادها يوم العيد ليقضوا على هذه النظافة بالكامل!
ملابس العيد
لن أتحدث هنا على مصاريف ملابس العيد، لكن عملية الشراء نفسها. عرفت من أسرة ذهبوا لشراء ملابس العيد لفردين، فاستمرت عملية الشراء هذه من 12 ظهرًا حتى 10 مساءً! يا له من رقم قياسي! عشر ساعات للبحث عن ملابس مناسبة لفردين!
معظم الرجال، إذا دخلوا محل ليشتروا منه ملابس، في 90% من الحالات يخرج وقد أنجز مهمته، لكن النساء والبنات آه من شراهم! فلابد أن يدخلوا مائة محل ويجربوا الملابس في البروفات، لكي يشتروا قطعة لبس واحدة. أنا شخصيًا أكره عملية اللف هذه، ولا أقدر عليها؛ أذكر في عام من الأعوام تركتهم يشترون وجلست في كافتيريا أنتظرهم. وهي نقطة خلاف مع عائلتي كل عيد، في من ينزل مع الأولاد لشراء ملابسهم.
أكل العيد
أيضًا، لا أنظر للأكل بنظرة المصاريف، لكن بتعدد الأصناف وفترة الإعداد الكبيرة لأكل العيد، فالثلاجات ملآنة على قمة رأسها والديب فريزر أيضًا، ويمكن أن نخزن عند الجيران إذا امتلأت الثلاجة الخاصة بنا! وستات البيوت تبذل مجهود خرافي في شراء هذه الأصناف وإعدادها، ليكون على سفرة الطعام أصناف وألوان من الأطعمة في ليلة ويوم العيد. وبالطبع يدخل ضمن أكل العيد البسكويت والكعك ومشتقاتهم، وما يأخذه هذا العمل من جهد ووقت غير عادي.
يقول بعض الشراح على قول السيد المسيح لمرثا: "مرثا مرثا أنتِ تهتمين وتضطربين لأجل أمور كثيرة، ولكن الحاجة إلى واحد." أن كلمة "الحاجة إلى واحد" تعني الحاجة إلى صنف واحد. ومرثا كانت تعد أصنافًا كثيرة إكرامًا للسيد المسيح، وهو لفت نظرها إلى أن الحاجه إلى صنف واحد وكفى.
زيارات العيد
لابد من الزيارات في العيد، فهي شر لابد منه، سواء أردت أم لم تُرد، سواء كنت قادر أم لا، فالعادة تحكم عليك أن تقضي ليلة العيد في بيت عائلة، ويوم العيد في بيت عائلة أخرى، (أهلك وأهل شريك حياتك) حتى لو كان أحدهم في الإسكندرية والآخرى في آسوان، وفي كل بيت منهم تجد زيارات كثيرة وعديدة من أناس تعرفهم أو لا تعرفهم، ومجبر أن تشارك في هذه الزيارات فـ "البيت بيتك" ولابد أن تقوم بالواجب مع الضيوف!
مصاريف العيد
بالطبع كل ما قلته سابقًا له ميزانياته، فالنظافة، اللبس، الأكل، الزيارات، الكوافيرات، والعيديات، كل هذا لابد وأن يترجم لأموال تصل لمئات وأحيانًا إلى آلاف الجنيهات!
ليس من الحكمة أن أصرف مصروف الشهر كله في أسبوع واحد، ثم أقضي باقي الشهر بالديون، فلنتعلم كيف ندبر أنفسنا ولا نرهق ميزانياتنا، ونستدين لمجرد الحفاظ على تقاليد وضعها البشر لبعضهم البعض ولا نستطيع تغيرها.
إرهاق العيد
المفروض أن أيام العيد هي أيام إجازات للراحة والاحتفال، لكنك تجد نفسك خرجت بعد هذه الأيام العصيبة، وأنت في غاية الإرهاق، البعض يرتفع ضغطه، البعض يهبط، البعض يمرض بأمراض سوء الهضم، قلة النوم، والإرهاق الشديد من كثرة المجهود المبذول؛ لأن كل نقطة من النقاط السابقة تأخذ مجهود ووقت وطاقة غير عادية، والمشكلة أن كله مطلوب أن يتم في وقت واحد !
وختامًا أسأل نفسي وأسأل حضراتكم، هل هذا هو العيد؟
هل هذا هو الاحتفال بذكرى دينية؟
أين صاحب العيد في كل هذا؟
أسئلة مطروحة علينا لنجيب عليها بصدق. والسؤال الذي يطرح نفسه أيضًا: كيف يتحول العيد إلى فرحة حقيقية وليس إلى هم؟
لنكتب عن أفراح العيد، وليس عن: هموم العيد! |