بقلم / رامى حافظ
يتعامل النظام المصرى مع البرادعى منذ قدومه الى مصر بمنطق اقل ما يوصف بأنه منتهى الذكاء حيث يتم التعامل معه بمنطق التجاهل مع أظهار الود والاحترام والتقدير مع الالتزام بالأوضاع الدستورية والقانونية القائمة بأعتبارها أطاراً جامعاً وشاملاً ، ودفع رجال النظام فى مجالات السياسية المختلفة والمستقلين عنه بالتشكيك فى قدراته مبدين أنه أى النظام لا يعاديه ويرحب بوجوده بل ويرسل رسائل من هنا وهناك لطمأنته على وجوده وأنه لا يسبب اى حرج بتحركاته وممارساته .
وعلى جانب الاخر يمارس البرداعى ضغوطاً أقل ما توصف بأنها شديدة واقرب وصف لها انها محرجة حيث يستغل وضعه الدولى السابق والاجتماعى فى ممارسة ضغوط على النظام ولا ينكر أحداً أن هناك بعض التيارات الشعبية والجماهيرية المرتبطة بالنظام تبدى تعاطفاً معه لكنها مازالت تقع تحت سيطرة مصالحها الشخصية مع النظام مع عدم تأكدها بقدرته على مواصلة طريقه وتحقيق نجاح ملموس بعيداً عن النجاحات المعنوية .
بهذه المقدمة المختصرة نستطيع ان نلحص أهم وأشرس تحرك يتعامل مع النظام المصرى منذ وجوده وخاصة مع الرئيس مبارك الاب منذ أعتلاه السلطة فى عام 1981 بعد أغتيال السادات أما عن وصف البرادعى بحركة فهذا لعدة أسباب هى نجاملها فى الآتى :
- انه أستطاع ان يجمع الفرقاء السياسيين بكافة انتمائاتهم المزعجة والمخجلة والتى كانت تتصارع على احتلال الشارع ولكنها ودون أستثناء فشلت جميعاً - أن تحرك البرداعى جاء بناءاً على مطلب تيار ليبرالى أعتبر تصرف البرادعى بالأستجابة دافعاً له ، وكانت مشكلة هذا التيار الذى ينتمى لعدة أحزاب شرعية لا تلبى طموحاته أنه لا يوجد لديه القائد الذى يحافظ على توازن السفينة مع تجميع من كافة المشارب السياسية التى ينتمى إليها تحت لواءه .
- ان الحركة جاءت شبة منظمة من قبل بعض الحركات السياسية الموجودة سابقاً والتى لها وجود شرعى أو قانونى أو شعبى بل أنشطتها تتلخص فى تحركات نخبوية بحتة .
- ان الحركة قامت على عمود فقرى رئيسى وهو الشباب الذين اصبحوا لهم خبرة سياسية بالاعتقال والضرب والممارسات القمعية المختلفة .
- ان الحركة ليس لديها توجه أيدلوجى بقدر ما هى متفقة على عدة مبادى وهذه هى ميزة الشباب انهم لديهم مقدرة على تخطى العقبات والتعقيدات الفكرية والسياسية التى تعوق الحركة فهم يريدون ان يحققوا انجازاً ، وهذه المبادى تتخلص فى وجود قائد فى قمة السلطة قادم كتلبية لإرادة الأمة ويمثل احلامها ويعمل على تحققها .
أعتقد بلفت النظر إلى مقومات الحركة التى تلتف حول البرادعى هى التى تفسر سر تحرك النظام معها حيث يبدى التعاطف والسماح لتحركات ولكن يبدى شراسة تجاه أشخاص محددة مستغلاً الإعلام ( حادث طبيب الفيوم ) وهو له مغزى سياسى فى الأصل حيث رسالة واضحة لكل من سيسير خلف البرادعى أنه ذاك هو المصير ، وهو ما يفسر إيضاً سر التحركات التى كانت ضد ايمن نور والحركات الأحتجاجية المختلفة التى ظهرت منذ عام 2005 .
وأحب هنا أن ألبس ثوب محامى الشيطان وبالتالى سوف أخطط لأجهاض حركة البرادعى التى تقف ضد رغبة النظام الذى تعود على القفز وليس السير بخطوات طبيعية فى وصول قياداته السياسية للمناصب بالدولة وهنا يطرح السؤال :
ما هو العمل لإيقاف تحرك البرادعى ؟
أود التنوية انهم لذا يستطيعوا أن يوقفوا تحرك البرادعى أو مساعديه كأشخاص لكن سيكون هناك تربص بالمساعدين ، كذلك العمل على أظهار تحركات ائتلاف - البديل الامن – والقيام بعمليات المدح والتحليلات السياسية المختلفة لهذه التحركات ووصفها بالمسئولة حتى يتسنى لها ضرب تحرك البرادعى لكن الخطأ الذى أرتكبوه هو حرق المعارضة الرسمية شعبياً وبالتالى ستبوء كل تصرفاتهم بالفشل وهو ما يندمون عليه الآن .
خطة عمل أجهاض تحركات البرادعى
- التنسيق مع الأحزاب الرسمية بقوة والعمل على نغمة واحدة هو أنقاذ الوطن والتصرف المسئول وهو ما بدأ بالفعل بصفقة الوفد مع الوطنى وغيرها من الصفقات ولا مانع من العمل على التنسيق مع الإخوان وبشكل قوى ، وهذه الصفقات معروفة للجميع ولنا فى صفقة الأنتخابات البرلمانية مع الإخوان - فى ظل الضغط الإمريكى - وكذلك أنتخابات المحلية السابقة أبريل 2008 مع الأحزاب الرسمية وخاصة الوفد – لإستبعاد الإخوان – مثال واقعى وملموس ومعروف للجميع على فعلها .
- الإعداد للإنتخابات الرئاسة القادمة على أساس ان مبارك هو مرشح الحزب الوطنى مع العمل مع الاحزاب الآخرى فى نزول مرشحين ضده حتى وان حدثت أستجابة فى تعديل الدستور – لكنه احتمال بعيد – وخاصة مرشح الوفد والسماح لمرشح مستقل على الاقل لاثبات فشل وعجز البرادعى ، كذلك العمل على تلميع المرشحين وجدية برامجهم وتحليلات سياسية هنا وهناك وأبرزهم والعمل على تنكيل مؤيديهم لإثبات صدق عملهم فى ظل مسرحية يشاهدها الجميع بعيداً عن الشعب الذى كالعادة سيفضل الأبتعاد وهو الدور الذى لابد أن يبقى الشعب على ممارسته .
- أظهار مبارك ان قوة ولا يمنع ذلك من جولات أوروبية هنا وهناك وتقدم ملموس فى عملية السلام وأظهار مصر لديها القدرة على تغيير الوضع الدولى وخاصة مع مواجهته أيران والتحالف مع تركيا وما الى ذلك ، ولا مانع من ممارسة بعض المظاهر القمعية المحدودة التى لا تستفز الشعب وفى حالة التورط لا مانع من أظهار عدم مسئولية الفاعل ومحاكمته مع العمل أن تصرفه جاء خوفاً من العابثين بمستقبل مصر العظيم فى ظل حكمة مبارك الأب .
- إثبات قوة الاجهزة الامنية ومدى بطشها قبل فتح باب الترشيح وغلقه ولابد من هذا التصرف حتى يتأكد الجميع ان مصر مازالت تحت السيطرة وأن مبارك هو الحاكم والقوى الموجودة فى الشارع والمسيطر على أجهزة الدولة .
- تظهر بوادر تمرد داخل الحزب الوطنى تطالب بوجود جمال بجوار الاب المرشح لتعبير عن ان شباب الحزب لديه القدرة على الضغط على قيادات الحزب وخاصة رئيسه ، ولا مانع من حدوث أنشقاقات وأعلان مطالبات وبيانات صحفية تخرج من القيادات الحزبية الشابة تعبر عن يدور بخلدها وما الى ذلك ، ويبدأ المهندس أحمد عز فى العمل بتكليف من قيادات الحزب الحاكم بالحديث مع ممثلى هذه القيادات مع التأكيد على أهمية انتخابات الرئاسة وأظهار وحدة الحزب ، وبالحديث مع الشباب ومعرفة مطالبهم وبوضوح وأهمية ان يظهر الحزب امام العالم انه موحد ومساند لمرشحه الرئيس مبارك القائد والزعيم والملهم وان مستقبل الحزب الحاكم فى خطر ، تظهر هذه القيادات الشابة التزامها الحزبى وتظهر رغبتها وهى وجود مبارك الابن بجوار مبارك الأب كنائب للرئيس وخاصة وبذلك تحقق المنظومة الخبرة بما يمثلها الاب والشباب بما يمثلها الابن ، ولا مانع من نشر هذه اللقاءات والتصرفات الحمقة فى الصحف وخاصة جريدة المصرى اليوم الواسعة الانتشار والتحليلات السياسية فى مقالات لكبار الكتاب فى الصحف المختلفة وما الى ذلك وتنفرد بشكل اسبوعى المصرى اليوم - بقدرة قادر – بأحاديث لقيادات الحزب التى تعبر عن أنزعاجها من ذلك وخوفها على مستقبل البلد ، وتتحدث منى الشاذلى – التى خسرت من شعبيتها الكثير بسبب حديثها مع البرادعى والذى أكد على مدى حكوميتها وانها تعلب دور محدد – فى العاشرة مساءاً عن تلك الأنفرادات وتحللها ولا يوجد من يكذب ذلك وأظهار الامور انها لم تتحسن ، ويظهر فجاءة احمد عز بأنفراد فى العاشرة مساءاً بحديث خاص ويؤكد فيه على ديمقراطية الحزب وحالة الحراك وأنه تم الاتفاق مع الحزب على أنه مع تم الأستجابة لمطالب الشباب ويكون اعلان جمال مبارك نائب رئيس الجمهورية فى انتخابات الرئاسة القادمة والظهور بجوار الاب على أنه الرجل الثانى ، ويظهر جمال بامتعاض شديد على قبوله وفخره بالتكليف وأنه لا سبيل الأ الأستجابة وتتكهن الصحف ويشرح المحللين ، ويخضع مبارك الاب فى مشهد دراماتيكى لإرادة الحزب وقياداته وخاصة الشباب والمراة والاقاليم ويبدأ مارثون أنتخابات الرئاسة وينجح مبارك الاب بدون معوقات .
- وتبدأ المنافسة وتنتهى بحصول الوفد على المركز الثانى ونسبة نجاح أكبر بنسبة أعلى وتنشر منظمات المجتمع المدنى تقاريرها ويعلن النظام عن حجم المشاركة الشعبية التى زادت بسبب أهمية الحدث وقدرة الحزب على الحشد بعد ألتمام القيادة ووحدة الصف وانه تدارك الموقف .
- ولا مانع من الرقابة الدولية والتى سيسمح لها فى ظل توافق سياسى داخلى مع ممارسة ضغط امريكى لاظهار مدى جديته فى ملف حقوق الانسان فى مصر والشرق الاوسط ولا يسأل سياسياً أو إعلامياً عن ما حدث فى أهم دولة فى منطقة الشرق الأوسط .
وبذلك تحقق عدة نتائج غاية فى الاهمية تحقق المكسب للجميع دون خروج بخسائر سوى الشعب المصرى الذى دوره فى المعادلة هو السكوت وعدم التدخل فى اللعبة وهذه النتائج هى :
الاولى :ـ نجاح مبارك الاب بنسبة أقل من السابقة وتكون 80% أو 60% مع أظهار أن السبب شباب الحزب الذين طالبوا بقيادة شاب ولولا ذلك لكن الحزب أكتسح .
الثانية :ـ تهميش البرادعى بعد معركة الحزب وخروجه من اللعبة وأنفضاض المولد ويتحول البرادعى الى سياسى ليكتب المقالات والمذكرات وكل من خانوه ولعبوا به من أنصاره والمرتزقة الذية كانوا حوله حتى ولو كانت أسماء لامعة وعلى الجانب الآخر تظهر بوادر معركة صحفية عن وفى الوفد وغيره من الأحزاب .
الثالثة :ـ خروج الشعب المصرى خاسراً والتاكيد له انه لا فائدة مع النظام المصرى وان محكوم عليه ان يظل مانعاً ولا بديل أمن أو غيره سواء العب مع النظام .
الرابعة :ـ رفع الضعط الدولى والحرج السياسى لباراك أوباما بقبول الرقابة الدولية على الانتخابات مع السماح لجهات دولية بشكل مباشر التدخل للمراقبة أو بشكل غير مباشر بتمويل منظمات محلية للمراقبة وبذلك يجنب إدارته من الانتقادات .
الخامسة :ـ حصول المنظمات المحلية على تمويلات ضخمة حتى لا تنقد الإدارة الامريكية كذلك اصرار تقارير معتادة على اهمية دورها وما توصلت له والتى يعرفها العالم أصلاً .
السادسة :ـ أحباط لدى النخبة السياسية وتظهر التحليلات المختلفة لقراءة المشهد السياسى بكل جوانبه ولا مانع من أتهام البعض بالخيانة والتوزان مع النظام وترجع الحياة كسابق عهدها قبل الأنتخابات الرئاسة التى أنتهت .
السابعة :ـ إظهار الوفد والحياة السياسية انها قويت وحققت المأمول منها والدليل النسبة الكبيرة من التى حققها نعمان جمعة كذلك لا مانع من أظهار مدى أحقيتهم بالرئاسة لولا خيانة الشباب والاقباط والمراة والشباب ورجال الحزب وما الى ذلك وبالرغم من كل ذلك نجحوا بنسبة أكبر .
الثامنة :ـ خمول فى الحركات الاحتجاجية التى أنهكت نفسها فى معركة قبل ان تبدأ .
التاسعة :ـ مرور عام من أنتخابات الرئاسة وأظهار عدم قدرة حكيم الامة عن مواصلة مباشرة مسئولياته الثقلية وأظهار بشريته وليس انه أله لابد ان يستريح ونحمد الله ان حكمنا وبالتالى يستلم نائب مهام عمله .
وبالتالى يصل جمال بشكل قانونى ومحترم لفترة الرئاسة ويحكم باعتباره نائب لرئيس الجمهورية دون ان أى مشاكل وفى خلال الاعوام الاربعة يتم تغيير الحكومة وترتيب الاوضاع لأستمرار فى الحكم ومدد لا تنتهى ولا يستطيع أحد فى العالم ان ينكر عليه رئاسته .
" مات الرئيس يعيش الرئيس "
اما ما قد يأزم ذلك السيناريو هو موت مبارك الاب أو يتحرك البرداعى بشكل مختلف وهذا هو عنوان مقالنا القادم ." المخرج القانونى والسياسى للبرادعى " المكسب "
|
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|