تأليف: أنطوني ولسن
تحذير: هذه القصة للكبار فقط
... هل تأكد الناس من ان الماشية لاتبكي وهي تسير الى الموت؟ وهل تملك الماشية حرية الاعتراض والرفض؟ هكذا الانسان المحروم من الحرية، حرية إبداء الرأي، حرية التعبير، وحرية القبول والرفض وفتاة في ريعان شبابها تؤخذ أسيرة المجهول. وما هي الحجة؟ هل هي الحاجة.. المستقبل الأفضل.. الحياة الأجمل.. العيش الكريم.. اقتناء الأثاث والسيارة والثلاجة والملابس الإفرنجية.. خروج الأسرة من خندق الفقر.. من حارة الغلابة والمساكين.. من العمل الشاق المضني الذي لا يثمن ولا يغني عن جوع؟!!
هذه الفئة التي منها اهل عفاف، لا امل لها، لا في زواج بناتها من اي رجل يأتي من دول الخليج او الدول الغنية، او دول المهجر. هذا النوع من الزواج ماذا نسميه؟ هل نسميه زواجاً شرعياً يرضي عنه رب العباد؟ غالبا ما تنتهي هذه الزيجات بالطلاق، وطرد الفتاة البريئة بعد ان يقطف الثري زهرة بكارتها ويستمتع بألامها وانكسارها وقبولها لرجل لا مودة بينهما ولا رحمة او شفقة في قلبه، لكنه يدفع الثمن!! مهما كان الثمن فإنه لن يعوضها فقدان طهارتها، شخصيتها وبالأخص حياتها.
إذن ما الفارق بين هذه الزيجات والدعارة العلنية او المستترة!! لأنه في كلتا الحالتين جسد المرأة هو الغاية ويدفع الرجل الثمن. لا من اجل الإستقرار وتكوين الاسرة، بل من أجل تحقيق شهوة طارئة ورغبة الاذلال للمرأة التي لا ذنب لها سوى انها من اسرة فقيرة وحقوقها كإنسانة مهدورة من حكام غلاظ القلوب لا يفكرون إلا في السلطة والحكم ولا يقلون عن الاثرياء الذين يجدون في ضعف المرأة لذة لشهواتهم ..
عندها ماذا ينفع الأهل.. التلفزيون، الفديو، الثلاجة والبوتوجاز؟! ماذا تنتفع به الأم.. فساتين الحرير المستوردة؟!! وماذا ينتفع به الأب.. بذلات الجوخ الانجليزي التي يتأنق بها؟! والابنة تتعذب مع رجل اشتراها بما له، وما من قانون يحميها من غدره، فتترك بعد ذلك للضياع.
قالت عفاف لنفسها... سأحاول ان اعوّض أبي عن فقداني.. سأرسل له شهرياً مبلغاً كبيراً من المال. سأخلصه من عمله المضني وسأرسل له العلاج. بل، سأجعله يسافر الى أستراليا لأعرضه على اكبر الاطباء. نعم يا ابي سأفعل ذلك من أجلك. كما تزوجت هذا الغريب لارضائك، سأبذل ما بوسعي من أجل شفائك وراحتك وراحة امي واخوتي.
في الطائرة وجدت النافذة التي بجوارها صغيرة جدا، حاولت فتحها لكنها لم تفتح، فأدركت أنها جزء من الطائرة لا يفتح، لا إلى الخارج ولا الى الداخل. وما بدأت الطائرة تتحرك، حتى لفها خوف شديد، حاولت معه ان تمسك بيد زوجها، فنظر اليها وطلب منها ان تضع حزام الأمان حول خصرها. لكي يفهمها ما يريد بدأ بوضع حزامه لتفعل مثله. عندما بدأت الطائرة بالاقلاع شخص ببصره الى أعلى، وأمسك بكلتا يديه بساندي المقعد. تغير لون وجهه، أصبح بلون الزعفران،وشفتاه تتمتمان صلوات غير مسموعة. فسرت العدوى اليها. ومع هذا الارتفاع شعرت وكأنها خسرت سمعها. لم تعد تسمع صوتاً في الطائرة، ولا
تعرف إذا كانت قد توقفت أوأنها تسير او تطير. خافت ان تلتفت الى ناحية زوجها، فتصاب بصدمة تفقدها وعيها، لو رأته قد لفظ أنفاسه ومات.
حاولت ان تشغل نفسها بالنظر الى شباك الطائرة. رأت كل شيء صغيراً. لم تر صديقاتها وهن يلوحن بمناديلهن البيضاء كما وعدنها. لم تر منزلها ولا حارتها ولا مدرستها. إنها في قلب السماء تسأل نفسها.. هل تسبح روح الانسان، عند موته في السماء مثل الطائرة؟ وهل الطائرة في السماء! انها المرة الأولى التي تسافر فيها. لم تحلم يوما بالسفر بالقطار، فكم بالاحرى بالطائرة. ذلك الجسم المعدني الذي كانت تراه يحلق فوق الحارة عاليا في السماء.
ها هي الآن تتربع على عرشها في الطائرة، والطائرة تشق غيوم السماء. ترى اي سماء؟! هل هي سماء القاهرة؟ وهل هي تطير الآن فوق منزلها؟! انها السماء يا عفاف، السماء التي لا يمكن حصرها مثل البحر تماماً. وهل بإمكان الضائع في وسط البحر ان يعرف في اي اتجاه هو متجه؟! الارض يعرفونها بالطرقات والشوارع والاسماء التي تطلق عليها. امافي السماء، فلا طرقات ولا شوارع ولا لافتات توضح الاتجاه الذي تتجه اليه الطائرة. والأدهى من هذا كله انها لم تشعر بادنى حركة للطائرة، لم تسمع ذلك الهدير الذي كانت تطلقه فوق الحارة. لولا ازيز المحرك لحسبت ان الطائرة خرساء.
فجأة، سمعت صوت جرس أفزعها، وبدد تخيلاتها، وجعلها تلتفت الى الجالس بجوارها، رأت أساريره بدات تنفرج، والحياة تعود الى محياة، ورأت يديه تتلاعبان بحزام الأمان وتنقذان خصره من الطوق الذي يمنعه من الحركة، نظرت اليه مستفسرة عما يفعل، لكنه لم يلتفت اليها. مرت بهما مضيفة، ناداها تحدث معها بالانجليزية، ولم تفهم عفاف من كلامه سوى (سكوتش)، لأنها كانت أوضح كلمة نطق بها، وإن كانت لم تفهم معناها. لم يكلمها ولم يطلب شيئا لها، وكأنها غير موجودة. أحنت رأسها على شباك الطائرة وأطلقت لناظريها العنان، وكأنها تريد الافلات ومعانقة الفضاء وزرع نجومه وغيومه في عينيها.
إحتسى فريد أكثر من ثلاثة كؤوس من الخمر، في فترة زمنية قصيرة، وتجاهل كليا تلك الزوجة المسكينة الجالسة بجواره.
عندما احضرت المضيفة الطعام، اشار اليها بنرفزة واضحة، ان تفعل مثله كي يتسنى للمضيفة وضع الطعام أمامها. لم تعرف ماذا تفعل؟ كانت جائعة وعطشى وكان فمها يمتنع عن استقبال الطعام، نظرت اليه بطرف عينها، فوجدته لايأكل، بل يمسك بعلبة معدنية يصب منها بين الحين والحين سائلا أصفر تطلعت بكوب عصير البرتقال الذي امامها، ازاحت غطاءه وشربت ما بداخله.
أطل الليل بأعناقه السوداء، فأظلمت الطائرة بعد ان أطفأوا الانوار فيها، وتراخى الركاب في مقاعدهم. حاولت عفاف ان تنام، لكن الهواجس والمخاوف كانت تدق على أعصابها الحاناً مزعجة جعلتها تقلق، لماذا يعاملها بهذه الطريقة الجافة؟ ماذا يخفي لها الغد، مع رجل غريب في بلد غريب ليس فيه صديق او قريب؟ إرتجف جسمها كورقة في مهب الريح. سالت دموعها في صمت قاتل، ومنعها خوفها من ان تتزحزح من مكانها بغية قضاء حاجتها.
لا تعرف إذا كان النوم قد سرق من عينيها ام لا؟ لكنها أحست بنور الشمس يدق على شباكها. فرحت باستقبال شروق الشمس. لكن فرحتها لم تدم، إذ تذكرت ذلك الزوج الجالس بقربها. تطلعت صوبه .. أين هو؟!
جاءت احدى المضيفات، حاولت ان تحدثها لكن عفاف لم تفهم كلمة واحدة. مع ذلك أمسكت المضيفة بيدها وأخذتها الى الحمام، وهي تبذل كل ما بوسعها لطمأنتها. زيادة بالإهتمام، انتظرتها حتى قضت حاجتها، فقادتها الى مكانها السابق لتعود، بعد فترة، وهي تحمل لها فنجانا من الشاي وقطعتين من البسكويت.
أما فريد.. فقد تقيأ في الحمام كل "السكوتش" الذي أفرغه في جوفه، ولم يشعر بما حدث لزوجته. والحقيقة لم تكن اصلاً في تفكيره ليشعر بما حدث لها.عندما عاد الى مقعده وجدها تشرب فنجان الشاي فتعجب دون ان يبالي.
جاءت نفس المضيفة وطلبت منه ان يتبعها وبعيدا عن مسمع زوجته والناس، لفتته الى الإهمال الذي يعامل به المرأة التي معه، والتي تبين لها منه أنها زوجته، شرح لها ان سبب الإهمال خوفه من ركوب الطائرة، وان شعوراً غريباً ينتابه، فيحاول ان يتغلب عليه بكثرة الشرب، عله يغيب عن الوعي وينسى انه داخل طائرة شبح في الفضاء. لم تعلق المضيفة على ما قال، بل تركته يعود إلى مقعده ليرمي زوجته بنظرة بلهاء كأنه يقول.. ماذا تريد مني؟ فلتتركني وشأني ولتذهب الى الجحيم.. مالي ولك يا امرأة؟
شعرت عفاف براحة نفسية لأول مرة في الطائرة، رغم حاجز اللغة الذي يفصل بينها وبين المضيفة، الملاك التي اعتنت بها.. انه العمل الانساني الذي لا يحتاج إلى لغة ولا الى تفاهم.. انه شيء رائع ينبع من القلب ليصب في قلوب الآخرين.
لم تترك المضيفة عفاف لحظة واحدة. كانت كلما مرت من أمامها تبتسم لها وتتحدث معها بلغة العيون وتقول لها.. لا تخافي.. أنت لست وحيدة. أحضرت لها الشراب بعد الشراب، عند تقديم وجبات الطعام كانت تقدم لها السندويتشات المحشوة باللحم والسلاطات، غير ما يقدم للآخرين حتى تأكل ولا تشعر بحرج.
تصرف المضيفة الغريبة، زرع البهجة في صحراء عفاف الجافة، وشجعها على استقبال حياتها المقبلة في البلد الغريب بأمل كبير، وثقة بالله الذي لا يترك عبيده يتعذبون.
حاول فريد أن يتجاوب مع حنان المضيفة وإهتمامها بزوجته، ليشعرها بصدقه، فبدأ بالاهتمام والعمل على راحتها والتلطّف بها. لكن المضيفة استطاعت ان تقرأ ما بنفسه وان تكشف معدنه، فلم تعره اي اهتمام، بل كانت ترعيه بنظرات مشحونة بالسخرية منه ومن لغته الانجليزية التي يحاول ان يثبت لزوجته انه يعرفها جيداً ويعرف كيف يحادث ويلاطف بها الستات الخواجات.
عفاف البسيطة الطيبة كانت تبتسم في سرها، وتحمدالله الذي أرسل لها هذه المضيفة التي استطاعت ان تتحدث معها، وتستجيب لها، وترعي طلباتها، بلغة هي أعمق واقوى من لغات البشر كافة. انها لغة المحبة، لغة الإنسانية، فما أعمقها، وما ابدعها من لغة!!
قبل ان تصل الطائرة الى مطار سدني، وزع المضيفون والمضيفات اوراقاً خاصة بالجمارك والجوازات والهجرة. أعطته نفس المضيفة، الأوراق الخاصة بهما، وطلبت منه ان يجيب على الاسئلة ويملأ البيانات المطلوبة بالانجليزية له ولزوجته التي بامكانها ان توقع بلغتها إن شاءت، وهي (المضيفة) ستعيد قراءة البيانات المتعلقة بها.
جاءت لحظة هبوط الطائرة. فعاد فريد الى حالته المزرية ساعة الاقلاع، فربتت المضيفة على كتفه وابتسمت له لاول مرة إبتسامة مشجعة، وهمست في أذنه.. لا تخف، فكل شيء سيكون على ما يرام. تطلعت الى عفاف، وهي ترفع ابهام يدها اليمنى وابتسامتها المشرقة تقول لا تخافي.. الله معك.
بعد الانتهاء من الاجراءات الجمركية، خرج فريد وزوجته عفاف من مطار سدني، كان المطر غزيراً، وكأن الملائكة تذرف دموعها حزناً على عفاف في بلاد الغربة، وصوت الرعد وبريق البرق، كانهما الشيطان وجنوده يصرخون ويرقصون فرحاً بقدومها الى أستراليا.
تلفت فريد حوله، عله يجد احداً ما جاء لإستقباله. لكنه لم يجد هذا (الأحد) فزمجر وسب الأصدقاء ومن يعرفهم او يعمل معهم، دفع بقوة «تروللي» الحقائب الصغيرة التي كانت عفاف قد إتكأت عليه، فقدت توازنها، وراحت تزحف على الأرض تحت هذا السيل المنهمر من المطر وهي تصيح بأعلى صوتها..؟إلحقني يا بابا..
في اللحظة التي سقطت فيها عفاف على ارض سدني، في أول خطوة لها. كان والدها على فراش الموت قد صاح وبأعلى صوته أيضاً عفاف بنتي، سامحيني.. واسلم الروح.
الدم المتدفق من ركبتي عفاف يلوّن مياه المطر بارجوانه الطاهر، ويسبقها الى اكتشاف شوارع سدني. اما فريد فقد نظر اليها بلؤم بالغ. فخافت المسكينة من نظراته، نهضت دون ان تفكر بالآمها، ومدى احتياجها الى يد تسندها في محنتها هذه.
سيارة الاجرة تخترق شوارع المدينة، والمطر الشديد يحجب عن عفاف الرؤية، لتتمتع بمنظر مدينة سدني، في لحظات وصولها الأولى.
صوت الرعد واشتداد البرق زادا من وحشة المكان. فأخذ الخوف يسري في عروقها، ورعشة محمومة تنتاب جسدها المبلل، فأخذت اسنانها تصطك محدثة صوتاً مسموعاً، جعل السائق يلتفت اليها، ويوقف السيارة ليخرج من صندوقها الخلفي «بطانية صوف» أعطاها للرجل كي يغطي عفاف بها.
إغتاظ فريد من تصرف السائق. لكنه لم يعترض. بل قام بوضع البطانية على عفاف دون ان يتطلع بها، فهدأت رجفتها بعض الشيء، وما هي إلا لحظات قليلة حتى وصلت بهما السيارة الى حي ماركفيل، حيث يسكن فريد. أوقف السائق السيارة والمطر يزداد إنهمارا. طلب من فريد الاجر وهو جالس وراء المقود، وفي عينيه نظرات تحد واشمئزاز منه. فتح السائق صندوق السيارة الخلفية اتوماتيكيا من الداخل، فنزل فريد تحت المطر ليأخذ حقائبه. فما كان من عفاف إلا أن ازاحت البطانية واعطتها للسائق وهي تتمتم باللغة العربية.
- متشكرة يا عم.. كتر خيرك..
وكانت المفاجأة الكبرى لها عندما قال لها السائق باللغة العربية
- العفو يا بنتي.. لا مؤاخذه الراجل دا يقربلك إيه!!
- جوزي يا عمي..
- الله يكون في عونك.. دا باين عليه كلب.. ما تزعليش مني يا بنتي.. ما تنزليش من السيارة.. انتظري.
بسرعة أحضر السائق مظلته، وفتح باب السيارة لتنزل منها عفاف. اصطحبها حتى مدخل المنزل، كي يحميها من المطر، وشتائم فريد تخدش سمعيهما وهويفتح الباب لتدخل عفاف وتخطو خطواتها الأولى في هذا المنزل. بينما السائق يعود الى سيارته وهو يقول محدثاً نفسه:
- الله يكون في عونك يا بنتي مع انسان زي دا.. كان إيه الي رماكي الرمية السودة دي!!.. استغفر الله.. لك في ذلك حكم لا نفهما!
صاح فريد بعفاف كي تتحرك وتساعده في حمل الحقائب غير عابيء بالترحيب بها في بيتها الجديد، الذي من المفروض ان يكون عشّ الزوجية في أستراليا. تصرف معها كأنها خادمة وليست زوجة وشريكة حياة. الفرحة التي ملأت قلبه ليلة دخوله عليها لم يعد لها مكان في قلبه. لم تمنحه نفسها من بعد كما منحتها له تلك الليلة، بل كانت تتسلل من الفراش الى الحمام، بعد ان ينام، لتتقيأ كل ما في جوفها، وكانها تريد ان تلقيه، هو بالذات، في حوض الحمام وتدفعه بالماء الى حيث يستحق، ومن ثم تعود الى جلستها الحزينة فوق الكنبة الاسلامبولي.
مرّ الوقت كئيبا موحشا، وهي تجري من غرفة الى غرفة، من الصالون الى المطبخ، لتزيل الغبار والأتربة من داخل هذا المنزل المهجور وصوت فريد المرتفع يغطي على هدير الرعد في الخارج.
بعد تنظيف المنزل، دخلت غرفة النوم لتضع ملابسها وملابسه في الخزانة، وما ان فتحت بابها حتى فوجئت بصورة امرأة عارية ملصقة خلف الباب، صرخت وألقت بالملابس أرضا. ركضت الى الخارج وهي تبكي. جاء فريد ليستطلع الأمر، عندما عرف السبب صفعها علىوجهها وهو يصيح.
- حسك عينك تفتحي حنكك بكلمة اعتراض علي اي حاجة في البيت اللي تشوفيه ما تحاوليش تعترضي عليه. واللى تسمعيه ما ترديش عليه، إلا اذا طلبت منك تردي عليه. صاحبة الصورة دي واحدة صحبتي حتشوفيها النهارده او بكره بالكتير علشان تعرفي الفرق بين الستات يا جربوعة با بتاعة الحواري.
لم تصدق اذنيها.. هل هذا معقول؟ لكنها مغلوبة على أمرها.. وحيدة في غربتها، ليس لها اقارب أو معارف.. فأحست انها قد جاءت الى العذاب.. الى جهنم وبئس المصير.
فكرت في والدها، في سائق التاكسي الذي يتحدث لغتها في بلاد الفرنجة، فقد ظنت ان سكانها لا يتكلمون سوى اللغة الانجليزية. شعرت بنوع من الارتياح النفسي، تضرّعت الى الله وطلبت منه ان يساعدها في حياتها المقبلة، حيث بدأت تعاستها تظهر منذ اليوم الأول.
حاول فريد ان يستخدم الهاتف فوجده معطلاً. كان قد طلب في آخر مكالمة له قبل عودته الى أستراليا، من (الواد) سوسو أو سام كما ينادونه، ان يتحدث الى المدام بغية استقباله وزوجته في المطار وارسال من يقوم بتنظيف المنزل وإجراء اللازم في كل ما يتعلق بالهاتف والسيارة وما شابه.
تذكر السيارة فركض الى (الجراج)، وجدها كما تركها، حاول تشغيلها فلم يفلح. كيف يتحرك وكيف يقضي أشغاله والمطر غزير في الخارج، والبيت خالٍ من كل شيء إلا من الكهرباء، وما الفائدة، لا شاي ولاقهوة ولا حليب ولا هاتف يستطيع ان يتصل به بسوسو ليحضر احتياجاته.
ضرب أخماساً بأسداس وأخذ يتساءل أين المدام التي أرسلته، ليتزوج بأبنة الحلال الطيبة التي يمكنها أن تعمل معهم؟ اين روجينا صاحبة الصورة العارية المعلقة خلف باب خزانته؟ أين الذين أحضر لهم الهدايا التي طلبوها من قبل سفره؟
تعبت عفاف من كثرة الحركة في المنزل، وهي التي لم تذق طعم النوم منذ اسبوع تقريباً، أضف الى ذلك مشقات سفرها بالطائرة ما أطولها وما أتعبها من رحلة؟.. لكنها إبتسمت عندما تذكرت المضيفة التي كانت تخاطبها بالإشارة وتمنت رؤيتها مرة ثانية.
(يتبع) |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|