كتب : عبد المنعم عبد العظيم
كان من المعروف أن الكشف عن طريق الكباش سيهدم أجزاءً من الكنيسة الإنجيلية والكنيسة الأرثوذكسية في الأقصر، ولن يشفع عند منفذي الكشف كون هذه المواقع دور عبادة أو خدمات كنسية فقد اغتالوا قبلها قصر الثقافة ومركز الإعلام وملاعب الشبان المسلمين ومساجد الوحشي والمقشقش، وعديد من المباني ذات القيمة الأثرية والتاريخية، وكان يمكن لرعاة هذه الكنائس تجنب كل هذا تحسبًا ليوم تقوم فيه السلطات باستخدام القوة الجبرية لتنفيذ الإزالة.
لهذا، فإن ما جرى في موقعة الكنيسة الإنجيلية وما سيقع عند هدم أجزاء من الكنيسة القبطية مسئول عنه هذا الطناش.
ورغم أنى ضد نظرية المؤامرة فإن البلدوزر لا يرحم فلا يجب أن نتصدى من أجل إثارة رخيصة، ربما تخلق فتنة فالهدم طال المسجد قبل الكنيسة والهيئات قبل الدور، والقصور قبل القبور.
ليس هذا تبريرًا لما حدث ولما فعله السفهاء منا عند تنفيذ قرار الإزالة بالقوة الجبرية بصورة وحشية، لم تحترم أدمية الناس فقد مارست الشرطة شهوة التعسف والتنكيل بعنف لا يقبله منطق ولا احترام لآدمية الإنسان كائنًا من كان، ودون تقدير لقدسية المكان ولمكانة رجال الدين وسدنة الكنائس.
فلا يجب أن نمارس عملًا بربريًا بدعوى التنفيذ الجبري، فالضرورة تقدر بقدرها، فهل استعمل القس سلاحًا في المقاومة حتى يشد وتمزق ملابسه الكهنوتية، وهل قاومت زوجة القس السلطات بالقوة وهى إنسانة ضعيفة، وهل يبرر مكوسهم في موقعهم لأن الدولة لم توفر لهم البديل المناسب أو التعويض الفوري المناسب كل ما حدث لهم؟
وهل إذا استعمل رجال الشرطة أساليب إنسانية سيقص هذا من هيبتهم، وهم الذين تحرص وزارة الداخلية على تعميق فكر العلاقات الإنسانية لديهم من خلال دورات عقدت بالأقصر للأسف؟
وهل تنطبق السماء على الأرض إذا صبرنا حتى توفر دارًا بديلًا لحضانة الأطفال الذين تشوهت صورة الإدارة في ذهنهم، وهم يرون كتبهم وشنطهم ولعبهم تلقى في الشارع ويدهسها البلدوزر اللعين في الطريق العام وعلى مشهد من الناس؟
وهل يستطيع سمير فرج "كاهن الأقصر الأول"، أن ينام وسيدة تُشد من أثدائها أو طفلًا يجري حافيًا هلعًا مرتاعًا؟
وهل يتحمل هذا إذا كان المفعول به أحدًا من أفراد أسرته فهو ونظيف وحواس وفاروق حسني يحملون هذا الوزر شاءوا أو لم يشاءوا؟
معذرة أيها القس، نحن لا نقبل إهانة رجل الدين مهما كان مذهبه أو ملته أو طائفته أو دين أو معتقده.
معذرة زوجة القس، فنحن لا نقبل انتهاك عورة امرأة أو التحرش بها مهما كان المبرر ومهما سمت الغاية.
معذرة أطفال الحضانة، فقد رأيتم مناظر كان لا يجب أن تشهدها أعينكم، فقد اغتالت البراءة فيكم.
والآن، بعد أن حدث ما حدث، ما الحل من يدفع ثمن نكأ هذه الجراح ؟
من يحاسب البرابرة على بربريتهم؟ ومن يضع حدًا لهذه الممارسات المهينة؟
مبروك لسمير فرج فاتح طريق الكباش المجيد، على أشلاء التاريخ والتراث والإنسانية.
مبروك لحواس وفاروق حسنى وأحمد نظيف لفتح طريق أثري بأسلوب غير نظيف.
نحن جميعًا مع التطوير ومع خطط التطوير ولكن بأسلوب إنساني، وطريقة ديمقراطية. عسكرة القرارات ليست أسلوبًا 00التنفيذ بالقوة ضعف.
وطوبى للمظلومين الذين يداسون بالنعال ويسجدون لرب الأرباب آمون رع في قدس أقداس طيبة، مدينة المائة باب ومدينة سمير فرج الفاضلة.
اعتذر لكل من أهين وديست كرامته في سبيل الكشف عن هذا الطريق الأثري العظيم، فإحياء الموتى معجزة لا يضاهيها إماتة الأحياء.
عبد المنعم عبد العظيم
مدير مركز دراسات تراث الصعيد الأعلى
الأقصــــر – مصــــر |