بعد حوالى شهرين من جريمة الاعتداء الطائفى فى نجع حمادى، والتى راح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى من المواطنين، يتعرض المسيحيون، مرة أخرى، لاعتداء طائفى فى مرسى مطروح. وتكرار الاعتداءات على هذا النحو، وفى أكثر من مكان، إنما يؤكد ما سبق أن حذرنا منه وأن الأمر جد خطير، وأننا لسنا إزاء أحداث فردية قد تحدث بين المسلمين و المسيحيين، وإنما إزاء مناخ طائفى شديد الاحتقان يعود إلى عدة أسباب من أهمها التحريض على التمييز والكراهية الذى تقوم به العديد من وسائل الإعلام والمساجد والمؤسسات التربوية، بالإضافة إلى التراخى – وأحياناً التواطؤ –الأمنى.
إن أخطر ما يميز الاعتداءات الطائفية فى مرسى مطروح هو الدور البارز الذى قام به الشيخ أحمد خميس، إمام المسجد المجاور لمجمع الخدمات، في تحريض الناس وتعبئتهم للقيام بالاعتداء على المسيحيين إلى حد حرق وتدمير حوالى 7 منازل فضلاً عن إلحاق خسائر جمة بـ 17 منزل، وهذا بالطبع إلى جوار إصابة حوالى 20 مواطن بعضهم في حالة خطيرة ومنهم 4 من رجال الأمن اللذين حاولوا الدفاع عن مجمع الخدمات الذى حوصر فيه ما لا يقل عن 200 مواطن لأربع ساعات كاملة قبل أن تصل قوات الأمن، رغم أنهم كانوا على دراية بالاحتقان الطائفى وما يقوم به الشيخ أحمد خميس من تحريض طائفى قبل ذلك ببضعة ساعات، واللافت أيضاً أن الاعتداءات الطائفية هذه المرة شارك فيها العشرات من بعض الجماعات الإسلامية السلفية بصورة منظمة، وتكاد تكون مُعدة سلفاً، مما يشي لا بقوة هذه الجماعات ونفوذها فحسب، ولكن يشي أيضاً بعجز أجهزة الدولة عن التصدي لنفوذها الآخذ في الازديا
.
لقد وصل الأمر بالمعتدين إلى حد الاعتداء بالضرب المبرح على مواطن مسيحى لمجرد أنه رفض النطق بالشهادتين وفقاً لشهود عيان مسلمين، وهو أمر لم يحدث من قبل على الإطلاق بهذه الصورة البشعة، ويُحمل كل القوى المدنية فى مصر وعلى رأسها تلك القوى التى تطالب بالإصلاح والتغيير الديمقراطي مسئولية التصدي بكل حزم وقوة لهذا المسار الطائفى الذى يُهدد مستقبل الوطن، ونطالبها أن تطالب معنا بوقف سياسات جلسات الصلح العرفية التى تساوى بين الجلاد والضحية وتختلق توازن غير قائم بالفعل بين الجانى والمجنى عليه، ونطالبها أن تطالب معنا بإعمال قوة القانون وتقديم الجناة فى هذا الحادث الإجرامي – وفى غيره – للمساءلة القانونية وبالذات هؤلاء الذين قاموا بالتحريض المباشر، ونطالبهم أن يطالبوا معنا بأن تتحمل وزارة الأوقاف مسئوليتها إزاء ما يجري في بعض المساجد من تحريض على الكراهية وبث للفرقة والفتنة بين المصريين.
واللافت أن دور الإعلام لم يعد قاصر على التحريض على الكراهية عبر فضائيات مشبوهة وغير مسئولة، وإنما وصل الأمر – بكل أسف – إلى حد تقديم تغطيات إعلامية من خلال الصحف ووسائل الإعلام القومية وبعض المؤسسات الإعلامية المستقلة، تشوه الحقائق وتبرر الاعتداءات الطائفية بالدرجة التى لا تجعلها مقبولة فحسب، بل تكاد تجعلها موضع استحسان وترحيب، وقد بدا ذلك واضحاً فى التغطية الإخبارية لجريمة نجع حمادى التى ربطت وسائل الإعلام بينها وبين حادث اعتداء مواطن مسيحى على طفلة مسلمة فى فرشوط رغم بُعد المسافة بين فرشوط ونجع حمادى، من ناحية، ورغم أنه لا صلة إطلاقاً تربط بين المعتديين فى نجع حمادى وبين هذه الطفلة من ناحية أخرى، وقد تكرر الأمر مرة أخرى عندما أكدت نفس الصحف فى تغطيتها للاعتداءات الطائفية فى مرسى مطروح على أن مجمع الخدمات القبطى قد أغلق شارع بغير وجه حق أمام المارة، وعلى الرغم من عدم صدق هذه المعلومة - وفقاً لما يتوفر لدينا من معلومات موثقة – إلا أن الأمر الأهم هو أنه مع فرض صحتها فإنها لا يمكن بحال من الأحوال أن تبرر الاعتداءات على كل المسيحيين فى المنطقة بدلاً من التقدم بشكوى محددة إلى الأجهزة المحلية المعنية، والأدهى والأمر أن هذه الصحف نفسها أكدت أن ما حدث هو "اشتباكات بين المسلمين والمسيحيين" وأن هناك مصابين من الطرفين على الرغم من أن الحقائق تؤكد أن الأمر لا يزيد عن كونه اعتداء على المسيحيين وأنه لا توجد أى إصابات بين المسلمين اللهم بعض رجال الأمن الذين قاموا بحكم وظيفتهم بالدفاع عن المسيحيين إزاء ما تعرضوا له من اعتداء.
وفى مواجهة الإعلام الذى شوه الحقائق، ومن ثم قام بدعم الاحتقان الطائفى قررت "اللجنة الوطنية للتصدي للعنف الطائفي" إيفاد وفد من أعضائها إلى وزير الإعلام لإطلاعه على حقائق الموقف وإبداء الاحتجاج إزاء ما نشر عبر أجهزة الإعلام القومية، وذلك يوم السبت الموافق 20/3/2010 الساعة 12 ظهراً، وكذا التوجه فى الثانية من ظهر نفس اليوم إلى نقيب الصحفيين لنفس السبب.
"اللجنة الوطنية للتصدي للعنف الطائفي" |