بقلم: خالد القشطيني |
من أهم الفروق التي تختلف فيها الحيوانات اللبونة عن حيوانات الطير والتي لم يذكروها لنا في المدرسة، أن اللبونات حيوانات إباحية في حين أن الطيور حيوانات زوجية. من المعروف في أدبنا وتراثنا أن الصخول والغزلان مثلا تستبيح إناثها. كذا وصف الجواهري خصومه وإمعانهم بالفساد فنعتهم بالمعز وقال «مثل الصخول انحدرت من أكام». والشاعر العربي وصف غانية حسناء بالغزالة: فقت الغزالة في جميع صفاتها وتجمعت كل المحاسن فيك لك جيدها ولحاظها ونفورها أما القرون فإنها لأبيك! وهكذا أصبحت قرون الظلفيات رمزا للإباحية عند سائر الشعوب شرقا وغربا. وأصبحنا نطلق في العراق على الرجل الفاقد الشرف بأنه «مقرّن» بتشديد الراء. بيد أن العرب والغربيين لم تكن لهم معرفة بالقرود، وإلا لوجدوها أكثر من الظلفيات إباحية. رصد العلماء أن أنثى القرد تتجامع 25 مرة في اليوم الواحد مع شتى الذكور. ولاحظ فريق من العلماء في أستراليا أن أنثى الشمبانزي تصرخ أثناء العملية الجنسية لتعلن لبقية الذكور رغبتها في الجنس. فيجتمع الذكور حولها بشكل دائرة انتظارا لدورها معها. على عكس ذلك نجد أن الطيور حيوانات زوجية يلتزم كل منها بالآخر ولا يتركان مجالا للخيانات الزوجية قط. ولا شك أن السبب يرتبط باحتضان البيض، العملية التي تتطلب تناوب الذكر والأنثى تناوبا منتظما على حضن البيض لغاية التفقيس. هكذا أصبح حب الطير لشريكة حياته وإخلاصه لها مثل إخلاصها له، شعارا لحياة الطيور، فأصبحنا نربط الحب الطاهر والحب الرومانسي بالطيور. ونقول عن العاشقين والزوجين المترابطين بأنهما مثل الطيور يتعلقان بعضهما ببعض. ونشأت عن ذلك كثير من الأساطير والمعتقدات. هكذا رأينا الرسامين يزينون أي قصة غرام أو ديوان شعر رومانسي بالطيور والأوراد. وأخذت الحمامة مكانة خاصة بين الطيور في ضمير الإنسان وأدبياته وفنونه. جاء ذكرها في قصة نوح عليه السلام عندما بشرته بانتهاء الطوفان. ومنها، أصبحت عالميا رمزا للسلام. صورها بيكاسو في عدة لوحات. واعتدنا على وصــــــف الســــــاسة المحبين للسلام والتفاهم بأنهم «الحمــــــــائم»، مثلما رحنـــــا نصف المتطرفين المتعلقـــــــــين بالمنــــــــازعات بأنهم «الصقور». وأخذ المصــــــــــورون في الغــــــــــرب يرسمونها في لوحاتهم للدلالة على الروح وصعودها إلى السماء. بيد أن من أكثر الطيور التي استحوذت على خيال الإنسان وأخذت مكانا واسعا في خياله وأساطيره وأدبياته طيور البجع. الواقع أن لي شخصيا دورا فيها بعد أن عشت معها لسنوات غير قليلة مما سأتناوله في مقالتي القادمة، إن شاء الله. نقلا عن الشرق الأوسط |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا |
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا |
تقييم الموضوع: | الأصوات المشاركة فى التقييم: ١ صوت | عدد التعليقات: ٠ تعليق |