بقلم : القس رفعت فكري سعيد ففي السبت الماضي 25 مارس وقعت بعض الأحداث المؤسفة التي يندى لها الجبين حيث قام سكان مسلمون بالتجمهر خارج المنازل التي يقيم بها ساكني القرية من البهائيين، وقاموا بترديد هتافات من بينها (لا إله إلا الله.. البهائيين أعداء الله) ثم قاموا بقذف هذه المنازل بالحجارة وتحطيم نوافذها ثم قاموا بإحراق المنازل التي يقطنها مواطنون بهائيون وذلك بعد برنامج أذاعته إحدى القنوات التليفزيونية المصرية الخاصة تضمن هجوماً على البهائية، وبكل تصلف وتجاهل لمبدأ المواطنة قال عدد من أهالي قرية الشورانية. وما حدث في الشورانية مؤخراً من اعتداءات على البهائيين وما حدث في قرى أخرى من اعتداءات على المسيحيين مثل بني ولمس والعياط والكشح والطيبة وأبو قرقاص وغيرها من القرى المصرية التي نالت شهرتها بسبب أحداث العنف الطائفية. والتعصب أولاً وقبل كل شيء يعتبر نزعة ذاتية أنانية "نرجسية" كامنة في كل كائن بشري ولكنها تطفو إلى السطح وتبرز إلى الواقع حين يتهيأ الجو الملائم لها، حين تواجه الذات "الأنا" بالآخر وتتصور أنه تتوقف على هذا الصراع مسألة الوجود من عدمه. والبشرية في سعيها لتحقيق المجتمع الإنساني المثالي هي بحاجة دائماً إلى الانفتاح والنزوح نحو الخارج واستشراف الأفاق البعيدة وتمزيق الشرانق التي ترسم الدوائر الضيقة، فهي بحاجة إلى التآلف والتآخي والتكاتف واقتسام المعاناة بدلاً من التخندق والمواجهة ورسم التخوم العازلة وهدم جسور التواصل التي تؤدي بالنتيجة إلى الإرهاب ذلك الكابوس الذي تعاني منه البشرية. إن ما يحتاج العالم العربي أن يدركه بقوة في هذه الأيام أن الآخر هو جزء من حياتي, جزء من عالمي الخاص وهو في رقبتي على طول المدى فلا يمكن أن أعيش بدون الآخر ولا أستطيع حتى أن أمارس العبادة بدون الآخر بل لا أستطيع الوصول إلى الله بدون الآخر أياً كان لونه أو دينه أو جنسه أو جنسيته أو عرقه أو معتقده. ألم يحن الوقت لعالمنا العربي لأن يدرك أن المجتمعات الإنسانية تزدهر بقدر حرصها على مبدأ التنوع والتعدد وقبول الخلاف والاختلاف، وأن أحوالها تتدهور عندما تقاوم هذه الشروط الأساسية وتقلل من شأن التنوع والتعدد وقبول الاختلاف؟!! إن الآخر هو جزء من التنوع الذي يتمتع به كل مجتمع وهذا التنوع هو الذي صاحب الإنسانية منذ أن وعىَ الإنسان حقيقة أن تعميره للكون لا يمكن أن يتم إلا بمشاركة عامة مع كل إنسان خلق على شكيلته ووُجد وعاش معه تحت السماء الواحدة وعلى الأرض الواحدة, وإذا كانت الإنسانية قد صاحبت التنوع دائماً فإنها صاحبت هذا التنوع من خلال وجود الآخر المختلف في اللون والعرق والنوع والدين والعقيدة فكان تعايشها مع الآخر هو التعايش مع التنوع الذي أثرى ماضيها ويثري حاضرها ولا شك أنه سيثري مستقبلها, فهل سيتعلم المتعصبون والعنصريون في عالمنا العربي الدرس؟ ومتى سيتعلمون؟!!!!!!! |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا |
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا |
تقييم الموضوع: | الأصوات المشاركة فى التقييم: ١ صوت | عدد التعليقات: ٨ تعليق |