بقلم: لطيف شاكر
تقول دكتوره زينب عبد العزيز انها ذهبت الى الفاتيكان وترجمت الكثير من المخطوطات ومنها أعترافات القس جيروم بتحريف الكتاب المقدس- وقد اكتشفت المخطوطة التي تثبت التحريف المتعمد للأناجيل على يد القديس الأشهر جيروم(Jerome).حيث نقرأ اعترافه بذلك لبابا داماسوس ( Damasus ) رأس النصرانية في ذلك العهد وقد وُجدت هذه الوثيقة في المكتبة العامة الفرنسية فرانسوا ميتران، تحت رقم (C-244T
1 11.1-A).
وبداية اوضح لسيادتها انها ربما اختلف عليها الاسم والديانة لان القديس جيروم لم يكن نصرانيا بل مسيحيا وكذا البابا داماسوس لم يكن
بابا بل مجرد اسقفا و روما كانت مسيحية وليست نصرانية فضلا علي ان داماسوس لم يذكر التاريخ الكنسي الغربي او الشرقي انه كان رأس النصرانية(المسيحية) بل كانت القيادة في ذمة بابا الاسكندرية ويتضح هذا في المجامع المسكونية الاولي حتي 451م مجمع خلقيدونية الذي تم فيه الانشقاق , في حين ان الاسكندرية عرفت البابوية في القرن الثالث في عهد البابا هيركلاس.(لم تظهر الكثلكة الا في القرن الحادي عشر) ولكن لتعصبها الشديد اعماها عن رؤية الفرق بين المسيحية والنصرانية ( النصرانية عرفت في الجزيرة العربية وتخومها فقط) الذي لايعترف بها كل من جيروم والاسقف داماسوس ولم تعرف الفرق بين بابا واسقف , وقد حرصت علي مهاجمة الكتاب المقدس وا خذت من كلمات تواضع القديس جيروم اتهاما له ,ودأبت علي هذا الشأن رغم بلوغها من العمر ارزله (بلغت ال 75 عاما ),الا انها وجدت في مهاجمة المسيحية فرصة للوصول الي الكسب المادي, وربما وجدت في الاسلام جنة للمرأة وكسبا لحقوقها وعدم معاملتها كالحمار والكلب الاسود..(صحيح مسلم) أو مساواتها بالغائط .."أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ " المـائدة 6...اضافة للضرب والهجر....الخ فراحت تهاجم بشراسة الكتاب المقدس والتاريخ الكنسي والمسيحية حقدا وكراهية, ومن الملاحظ انها تدعي المعرفة فذهبت الي الغرب ليفتحوا لها ابواب المكتبات وهم مهللين لقدومها الميمون في الفاتيكان( هاجمت البابا بندكت هجوما خارجا عن الادب بمقال يحمل عنوان اخلع نعليك يابندكت) وفرنسا وكل ربوع العالم الناطق بلغات متعددة التي اجادتها في الاحلام.وأسأل سيادتها هل المخطوطات ذكر فيها البابا دامسوس او الاسقف وهل ذكر فيها كلمة نصرانية او مسيحية اذا كنت تجيدي الترجمة كان لابد ان تذكري النصوص كما هي بدون تزوير او تذويق ,وتأدبا اقول لك كل هذا الكلام كذب وافتراء وتضليل .ولان الكذب كما يقولون ليس له ارجل او اقدام تقول الدكتورة انها ذهبت الي الفاتيكان لترجمة كثير من المخطوطات ووجدت المخطوطة في مكتبة فرنسوا ميتران ويبدو انها تبحث عن هدف واحد وهو التحريف فقط دون الدراسة فليس لها الا هذا الهم الذي ملأ قلبها.. الم اقل انها متعصبة لدرجة العمي.
وهنا انكبيت لدراسة حياة القديس جيروم ليس بقصد درأ هذه التهمة المزيفة فانا اعلم حقيقة وثقافة هذا القديس بل لكي انهل من علمه وايمانه ما يشبع جوعي من التعاليم المسيحية الراقية وارتوي من مياه النعمة التي وهبها الرب له ...وارجو للقارئ العزيز ان يراجع ماكتبته السيدة المذكورة علي موقعها الاسلامي ليكتشف بعين رأسه اوهامها من خلال ديالوج بين جيروم وداماسوس ولا اعرف من اين جاءت بموضوع التحريف حيث ذكرت :أن البابا داماز (366-384 ، الذى ترأس البابوية لمدة ثمانية عشر عاما) قد طلب من القديس جيروم أن يحوّل الكتب القديمة إلى كتب جديدة ، وأن يحكم على قيمة تلك الأناجيل المتناثرة فى العالم ليستبعد منها ما حاد عن النص اليونانى ،ثم تعلق سيادتهاوالمعروف أن النص اليونانى ليس النص الأصلى للأناجيل ، ( جهلها حتي باللغة الاصلية للاناجيل التي كتبت باللغة اليونانية) . ولانها سيدة مغرضة تصيدت هذه الكلمات ولوت عنق المعني , وادعت من وهم خيالها بأنه تحريف( ارجو الرجوع الي موقعها), واظن انها لاتعرف ان القديس جيروم يعتبر من اعمدة الكنيسة الغربية ويحتفل به العالم كله بذكراه في التقويم الغربي يوم 30 أيلول (سبتمبر) وفي الشرق في 11 ديسمبر. وأسأل سيادتها كيف يحتفل به شرقا وغربا وهو يعترف بتحريف الكتاب المقدس ,واظن ان هذا الاحتفال اكبر دليل علي وهم وفرية وكذب السيدة العجوز, وعموما يقولون ان النساء ناقصات عقل ودين (الصحيحين ) !!!!!
كنت اتمني قبل القاء التهم جزافا ان تقرأ المخطوطات الاخري والمكملة لتعرف ان الموضوع ينصب علي الترجمةالحرفية والنصية ومقابلتها باللغة المترجم اليها , وايضا علي ترجمة اسفار العهد القديم (الابروكريفا).
من هو القديس جيروم..؟؟
هو القديس إيرونيموس جيروم Jerome (هيرونيمس) الذي يُعد من أعظم آباء الغرب في تفسيره للكتاب المقدس.
يعتبر إيرونيموس أو إيرينيموس أو القديس جيروم St. Jerome من أعظم آباء الغرب في تفسيره للكتاب المقدس، له تراث عظيم في هذا المجال مع مقالات نسكية وجدلية ضد الهراطقة ورسائل. وُلد حوالي عام 342م، في مدينة ستريدون Stridon على حدود دلماطية وبانونيا وإيطاليا، من أسرة رومانية غنية وتقية. ولما بلغ الثانية عشرة من عمره أرسله والده إلى روما، فبرع في الفصاحة والبيان، وقد شغف بكبار شعراء اليونان والرومان. اهتم أيضًا بنسخ الكثير من الكتب كنواة لإنشاء مكتبة خاصة به. في هذا التيار انجرف إيرونيموس عن الحياة التقوية، لكنه عاد فتاب ثم نال سرّ العماد وإن كان قد بقي زمانًا يصارع ضد الشهوات فكريًا. حبه للعبادة بعد ثلاثة سنوات قرر مع صديقه بونوسيوس أن يرحلا إلى تريفا للتفرغ للعبادة. هناك بدأ يدرس اللاهوت بدراسة الكتاب المقدس، ثم عاد إلى وطنه وأقام في أكيلية سبع سنوات، حيث توثقت علاقته بصديقه الحميم روفينيوس الذي سبق فصادفه في روما. في إنطاكية إذ كان يحث أخته على حياة البتولية والنسك هاج أقرباؤه عليه فاضطر إلى الرحيل إلى الشرق، مارًا على اليونان فآسيا، ليستقر في إنطاكية عام 374م، حيث استضافه القديس أوغريس. أحب جيروم أوغريس، وكان للأخير أثره القوي عليه إذ اهتم بتفاسير الكتاب المقدس،( فُقد بعضها). فسّر سفر الجامعة، وبعض رسائل القديس بولس، وإنجيل متى، والرؤيا، واهتم بأسفار الأنبياء، أروعها تفسيره لسفر أشعياء? الخ. في تفاسيره حمل المنهج الإسكندري، مستخدمًا أسلوب العلامة أوريجينوس وطريقته الرمزية حتى بعد مقاومته له. بعض تفاسيره كتبها بسرعة شديدة، فسجل تفسيره لإنجيل القديس متى في 14 يومًا.
-- كتب في التاريخ: "مشاهير الرجال" ويعتبر الكتاب التاريخي الثاني بعد كتاب أوسابيوس القيصري، ضم 135 فصلاً، مقدمًا في كل فصل عرض لسيرة كاتب مسيحي وأعماله الأدبية، كتب أيضًا في سير الرهبان، كما سجّل حياة القديس بولا الطيبى وغيره...
في عام 381 م نجده في القسطنطينية وبعدها في روما حيث جعله الاسقف داماسيوس سكرتيره الخاص. لقد كان إنساناً ذو سيرةٍ متقشّفة جعلت بعض النسوة التقيّات يتبعنهُ في طريقة حياتهِ ومن ثم قدمن معه أيضاً إلى بيت لحم بعد وفاة البابا داماسيوس، حيث مكث إلى وفاتهِ.
في بيت لحم إنصرف إلى الدراسات الكتابية، من إعادة النظر في ترجمات الكتاب المقدس بعهديه، فقام بالترجمة اللاتينية الشائعة (فولجاتا) التي تبنّاها المجمع التريدنتيني في الغرب فكان لها تأثير بعيد في الترجمات الغربية للكتاب المقدس.
و في بيت لحم أيضاً واجهَ جيروم مناظرة أوريجانوس التي وقف فيها موقفاً مناوئاً له بعد أن كان معجباً به، إلى جانبهِ وقفَ أيضاً ثيوفيلُس بطريرك الإسكندرية وأبيفانيوس أسقف سلامين قبرص.
وكلفه البابا بإنجاز ترجمة للأناجيل من الآرامية والعبرية إلى اللاتينية، فحضر إلى بيت لحم بـرفقة أربع نساء نذرن أنفسهن لخدمة الكنيسة، وأخذ جيروم يعمل بدأب لإنجاز ترجمته..
-- قام بمراجعة الكتاب المقدس بعهديه بعد ان كتبها لوقيانوس وقام بمقارنتها بالطبعات القديمة أو عن طريق النسخة العبرية كونها اللغة التي كتب بها الكتاب المقدس، وطابقها مع نسخة القديس لوسيان وكانت ذات فائدة عظيمة للقديس جيروم. ويقول القديس إيرونيموس :"ان ترجمة الكتاب المقدس من العبرية إلى اليونانية بيد لوقيانوس كانت عظيمة القيمة، دقيقة، سلسة وانها انتشرت بين القسطنطينية وانطاكية".
--كان هناك ترجمات لاتينية كثيرة قام بها العديد من الناس لنص التناخ ولهذا دعا داماسوس أسقف روما (383 م) إلى تفويض سكرتيره القديس جيروم لإعداد ترجمة لاتينية رسمية يعتمد عليها. فقام القديس جيروم بترجمة العهد القديم عن العبرية مباشرة والعهد الجديد عن اليونانية مباشرة ودعيت ترجمته هذه بالفولجاتا أى العامة والتي صارت الترجمة المعتمدة للكنيسة الكاثوليكية على مدى عشرة قرون. ويرى العلماء اللاهوتيين والإنجيليين أن لهذه الترجمة اللاتينية أهمية خاصة في تحقيق نص العهد الجديد لأنها ترجع لمنتصف القرن الثانى الميلادى كما أنها تقدم لنا صورة مبكرة للنص اليونانى الذى ترجمت عنه، خاصة وإنها كانت أكثر حرفية وهذا يزيد أهميته.
أمضى القديس جيروم سنوات طويلة من عمره في المغاور والأقبية تحت كنيسة المهد معتكفاً على كتبه، ليقدم أول ترجمة شاملة للكتاب المقدس بمنهجية واضحة، ولا زال مسيحيو العالم يعتمدون على ترجمته. وهذا يعطي صورة عن حجم تأثير العمل الذي أنجزه.
-- يكمن عمل جيروم الرئيسي في إعادة ترجمة الكتاب المقدس من اللغة العبرية إلى اللاتينية. هذا لأن الترجمات اللاتينية التي كانت شائعة آنذاك كانت قد اتّخذت الترجمة اليونانية السبعينية مرجعاً لها، فجاءت ذات إنشاء ركيك وحرفي. لقد حظيَ هذا العمل بموافقة الاسقف داماسيوس إلا أنهُ لم يخلُ من الصعوبات وخصوصاً في ما يتعلّق بتلك النصوص التي كانت تستخدم بشكل متواتر في الليترجيا اللاتينية، فعلى سبيل المثال لم يستطع جيروم أن يدخل ترجمة جديدة لكتاب المزامير، فكل ما فعلهُ هو إعادة توضيح الكلمات الصعبة.
-- وقد قام بعمل ترجمات الكتاب المقدس للغات الاوسع انتشارافى زمانه فى مجلد موحد فى ثمانية أنهر-ثمانية خانات -فى الصفحة الواحدة فهو عمل دراسي توثيقي بحثى مضنى إهتم فيه بعمل ترابط للغات و الكلمات والمفردات فى كل لغةمع ما يقابلها فى اللغات السبعة الاخرى ومع هذافهو فى اولها يعتذر فى تواضع -لاتعرفه الاستاذة المبجلة- عما بدر منه أو يبدر منه من سهو أو خطأء مطبعى غير مقصود فى الترجمة (شيمة العظماْء) كما يعبر بتعليقات جانبيه من عندياته هو-وهو الباحث الامهر -والعلامه الموثوق-عن الاصطلاحات اللغوية وتنوعها وتغييرها على ممر الازمان والعصور والمناطق السكانية فى انحاء الدولة التى امتدت لكل بقاع حوض البحر الابيض المتوسط
-- إلى جانب هذا العمل الضخم كانت هناك أعمال أخرى لا تقل أهمية منها قاموس الأسماء الكتابية والأصول اللغوية وتفسيرات كتابية اعتمد فيها بشكل كبير على أوريجانوس رغم أنهُ وقف ضدّه في الأمور العقائدية.
-- كتب جيروم أيضاً سيرة بعض القديسين المتوحّدين وبعض الكتب الدفاعية ضدّ من كان ينقد حياة التوحُّد. إضافة إلى هذا ترك لنا جيروم 150 رسالة.
-- وقداكتسب جيروم أهمية خاصة كمفسِّر للكتاب المقدس، فإنَّ مهارته اللغوية جعلتهُ يدرس النصوص المقدسة بلغاتها الأصلية. لقد كان يهتم بالتفاصيل الصغيرة أكثر من اهتمامهِ بالقضايا الكبرى. وقد تبع في تفسيره المعنى التاريخي ـ الأدبي للنص ومنهُ كان يشتق المعنى الروحي.
لقد قيل بأن جيروم قد أخذ عن أوريجانوس المعنى الثلاثي للكتاب المقدس. إلا أنه في الحقيقة يميّز بين معنيين: "المعنى الأدبي" و"المعنى الروحي"، هذا الأخير كان يدعوه أيضاً المعنى الرمزي، الأخلاقي والصوفي.
لقد كان جيروم متزناً في تحليله للنص الكتابي ولم يقع في فخ الإنحياز لأحد المعنيين على حساب الآخر. إن محبتهُ العظيمة لكلمة الله جعلتهُ يؤكد بأن "الجهل بالكتاب المقدس يعني الجهل بالمسيح".
-- كتب في التاريخ: "مشاهير الرجال" ويعتبر الكتاب التاريخي الثاني بعد كتاب أوسابيوس القيصري، ضم 135 فصلاً، مقدمًا في كل فصل عرض لسيرة كاتب مسيحي وأعماله الأدبية، وقد سبق لي التعليق على هذا الكتاب بتوسع (راجع مقدمات في علم الباترولوجي، 1974م، ص14-16). كتب أيضًا في سير الرهبان، كما سجّل حياة القديس بولا الطيبى وغيره...
-- كتابات جدلية ضد يوحنا أسقف أورشليم، واحتجاجه ضد روفينوس، وآخر ضد هلفيديوس Helvidius (بخصوص دوام بتوليه العذراء مريم)، وضد جوفينيان، وضد البيلاجيين... الخ.
-- قام بترجمة الكتاب المقدس "الفولجاتا"، كما قام بترجمة 78 عظة لأوريجينوس، كتب أوريجينوس الأربعة "عن المبادئ"، والرسائل الفصحية للبابا ثاؤفيلس الإسكندري، ورسالة فصحية للقديس أبيفانيوس، ومقال القديس ديديموس السكندري "عن الروح القدس"... الخ.
سفره الي بلاد الشرق :
سحب قلبه نحو الشرق والحياة النسكية. تعرف أيضًا على أبوليناريوس أسقف اللاذيقية الذي وقف القديس ضده بعد ذلك، حينما انحرف عن الإيمان. تفرغ قديسنا لدراسة الكتاب المقدس مع ممارسة الحياة النسكية، فانفرد في برية خليكس جنوب شرقي إنطاكية لحوالي أربع سنوات تعلم فيها العبرية. وقد تعرض في هذه البرية لمتاعب جسدية كثيرة، كما يظهر مما كتبه إلى القديسة أوستخيوم يصف حاله بصراحة كاملة، فيقول: "كانت حرارة الشمس الحارقة شديدة ترعب حتى الرهبان الساكنين فيها، لكنني كنت أُحسب كمن في وسط مباهج روما وازدحامها... في هذا النفي أي السجن الذي اخترته لنفسي، حتى أرهب الجحيم. كنت في صحبة العقارب والوحوش وحدها فكنت أحسب كمن هو بين الراقصات الرومانيات. كان وجهي شاحبًا من الصوم الإرادي فكانت نفسي قوية في الجهاد ضد الشهوة. جسدي البارد الذي جف تمامًا، فصار يبدو ميتًا قبل أن يموت، يحمل فيه الشهوة حيّة، لذا ارتميت بالروح عند قدمي يسوع أغسلهما بدموعي، مدربًا جسدي بالصوم الأسبوع كله، ولم أكن أخجل من كشف التجارب التي تحل بي... ولا أكف عن قرع صدري ليلاً ونهارًا حتى يعود إلىّ السلام". عاد من البرية إلى إنطاكية عام 377م، فظهرت مواهبه، لذا ضغط عليه البطريرك بولينوس ليقبل الكهنوت، وإن كان قد اشترط إيرونيموس عليه ألا يرتبط بكنيسة معينة، ليتفرغ لكلمة الله أينما شاء الله أن يدعوه. تركه إنطاكية سمع إيرونيموس عن القديس غريغوريوس النزينزي، فذهب إليه والتصق به لمدة عامين، وفي مجمع القسطنطينية المسكوني عام 381م لمع نجمه. وفي سنة 382م رافق بولينس بطريرك إنطاكية وأبيفانيوس أسقف سلاميس بقبرص إلى روما، فاتخذه داماسيوس أسقف روما كاتبًا له، وأوكل إليه ترجمة الكتاب المقدس إلى اللاتينية، وتسمى بالفولجاتا La Vulgate. امتزج عمله بحياة النسك مع الفكر الروح المتقد، فألتف حوله كثيرون.
انطلق إلى يافا ثم بيت لحم، وإذ جال في فلسطين ذهب إلى مصر حيث الحياة الرهبانية في أوج عظمتها. في مصر التقي بالقديس ديديموس الضرير الذي كان يحبه، وقيل أنه سبق فتتلمذ على يديه لمدة شهور، وسأله عن بعض معضلات في الكتاب المقدس فوجد إجابات شافية، ومن شدة إعجابه به حينما سبق فطلب منه داماسوس أسقف روما أن يكتب له بحثًا في الروح القدس، لم يجد أفضل من أن يترجم له ما كتبه القديس ديديموس الكفيف إلى اللاتينية. زار كثير من الأديرة والتقى بعدد كبير من نساك منطقة الأشمونين بمصر الوسطى (التابعة لطيبة) ومنطقة وادي النطرون، وسجل لنا كتابه "تاريخ الرهبان" عن آباء رآهم والتقي بهم شخصيًا أو سمع عنهم من معاصرين لهم يعتبر من أروع ما سُجل عن الحياة الرهبانية في ذلك الزمن.
عاد إلى فلسطين يحمل في جعبته خبرة آباء نساك كثيرين، وهناك بنت له باولا ديرين في بيت لحم عام 386م أحدهما للنساء تسلمت هي إدارته، والآخر للرجال يرأسه القديس إيرونيموس قرابة 35 عامًا، تزايد فيه حبه للدراسة والكتابة. قال عنه سالبسيوس ساويرس: "تراه على الدوام غائصًا في كتبه".
أُعجب بالعلامة أوريجينوس الإسكندري الذي حسبه هبة الله للكنيسة، فعكف على ترجمة الكثير من كتابته ومقالاته إلى اللاتينية، وكان يلقيها على الرهبان والراهبات، حتى جاء القديس أبيفانيوس أسقف سلاميس إلى فلسطين وألقى عظته على الجماهير وهاجم أوريجينوس بعنف... فأصطاد القديس إيرونيموس ليحوّله من العشق الشديد لأوريجينوس إلى العداوة المرة، وبسبب هذا التحوّل خسر القديس جيروم صديق صباه روفينوس، ودخل معه في صراعات مرة وقاسية. وقد حاول القديس أغسطينوس التدخل بأسلوب رقيق للغاية، لكن القديس جيروم دخل معه في صراع شديد وبلهجة قاسية. تصدَّى أيضًا القديس جيروم لكثير من الهرطقات. أيامه الأخيرة في أواخر أيامه هاجم البيلاجيون ديره وأحرقوا جزءًا كبيرًا منه وقتلوا ونهبوا. تنيح القديس في بيت لحم عام 420م في مغارة المهد، وقد نُقل جسده إلى روما. يُعيِّد له الغرب في 30 من سبتمبر والشرق في 11 ديسمبر. ويصوره الغرب وأمامه أسد رابض، ربما لأنه كان يمثل الأسد في البرية، يزأر بشدة من أجل استقامة الإيمان، لا يستريح ولا يهدأ بسبب الهرطقات. هل بعد ماسبق من جولات ايمانية وتعليمية وزياراته لجهابذة الايمان المسيحي في عقر دارهم ليستزيد من علمهم وتقواهم وكتاباته الدسمة والغنية بالفكر الايماني والكتابي والتي اعتبرتها الكنيسة الغربية والشرقية من اهم المراجع واغناها علي الاطلاق يشك في هذا الرجل ويتهم بانه اعترف بتحريف الكتاب المقدس واترك الرد للقارئ اللبيب دون تعليق منا ....
ملحوظة: تفاديا للاطالة لم اتمكن من ذكر 48 مرجع انجليزي وعربي وتراجم عن الفرنسية من علماء اللاهوت والتاريخ وعلماءالباترولوجي (الابائيات) غربيين وشرقيين وبعض الكتاب المسلمين (امين الهرولي واسامة العيسة انظر جريدة الشرق الاوسط عدد 9738 يوليو 2005). |