بقلم: سحر غريب
تشاهدون في رمضان كل سنة مائدة الوحدة الوطنية علي شاشات التليفزيون الأكل فيها كتير آه، والأحضان فيها بالهبل مايضرش، وكله لزوم التصوير التليفزيوني والدعاية التي يعرف الشعب أنها مظاهر خارجية وكلام زبدة يطلع عليه النهار يسيحه، ولكني أمتلك مائدة وحدة وطنية خاصة بي وبأصدقائي، يجمع بين من يلتفون حولها حبًا عظيمًا مش حب سيما أونطة، وصداقة تمتد جذورها إلي عشر سنوات ومشاعر خالصة لوجه الأخوة والصداقة، مائدة رمضان حقيقية بلا زيف في المشاعر أو رياء.
فإذا أردتم أن تشاهدوا مصر الحقيقية مصر النقية فأنتم مدعووون معنا علي مائدة إفطار رمضان في بيت حنان صديقتي المسيحية، سترون حنان تمتنع معنا عن تناول الطعام وتنتظر أذان المغرب لكي نجلس جميعًا علي مائدة واحدة.
ومن المفارقة إن حنان قد سافرت السعودية مع زوجها لكي يعمل هناك وبقينا نحن هنا في مصر ومازالت أيام زيارتها لمصر هي الوقت الوحيد الذي نتجمع فيه نحن الأصدقاء، تحرص حنان كل سنة علي التواجد في مصر أثناء شهر رمضان لأنها لا تشعر برمضان إلا عندما نتناول الإفطار سويًا ونحن أيضًا ننتظر هذا اليوم من السنة إلي السنة ومهما كانت الظروف أو العوائق أو مشاغل الحياة فإننا نحرص بشدة علي هذا اليوم اليتيم.
ومعرفتي بحنان بدأت كعلاقة كنت أتخيلها عابرة مؤقتة ولكن مع مرور السنين توطدت العلاقة بيننا وازداد احترامي لها وكم قلت لها: أنتِ الوحيدة يا حنان اللي بتقدر تجمعنا في مكان واحد.
وقد تعرفت علي حنان أثناء فترة الخطوبة من زوجي وكانت هي حامل في طفلها الأول، وساعتها تركت بيتها وودعت كسل الحمل الطبيعي وأخذت تلف معي كعب داير علي فستان الفرح بلا كلل ولا ملل رغم حداثة معرفتي بها.
كنت أتساءل بيني وبين نفسي وأمام خطيبي: هو فيه ناس كدة اليومين دول، الست دي مش من زماننا دا الست دي من عالم تاني عالم مافيهوش مصالح ولا منفعة.
لم نشعر يومًا باختلاف العقائد بيننا، فهي الأخت والصديقة وكاتمة الأسرار، أرتاح لها وأحكي لها بدون تردد عمّا يدور داخلي.
احترمنا الاختلاف ولم نلتفت يومًا إليه، فنحن صديقات طبق واحد وحياة واحدة والأهم أننا أخوات وطن واحد وتاريخ واحد ودماء واحدة سالت دفاعًا عن الوطن، حارب أجدادنا -المسلم منهم والمسيحي- أعداء الوطن الذين لم يفرقوا بين دماء المسلم ودماء المسيحي.
الكل سالت دماءه دفاعًا عن أرض الوطن، نحن مَن تعود جذورهم إلي هذه الأرض الخصبة النقية رغم اعتراض المُغرضين ومحاولة تفريق المفرقين، احترمنا اختلاف العقائد ولم نتطرق إليها ولن نتطرق يومًا إليها فتلك هي حياتي التي أريدها وأتمناها لكم جميعًا وتلك هي صداقاتي التي أحرص عليها مهما مرّت السنون.
هذه هي مصر بحنان المسيحية وسحر المُسلمة، أتمني من كل قلبي أن يحظي كل فرد علي أرض الوطن بمثل تلك الصداقة حتى نتعلم بأن الدنيا لسة بخير وأن فيه لسة في مصر ناس مُعتدلة من الجانبين تتمني أن يسود السلام وتعم المودة بين قطبي الأمة. |
|
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|