كتب: عماد خليل – خاص الأقباط متحدون
منحت دار الخدمات العمالية العالمية جائزة جورج مينى، ولاين كيركلاند لحقوق الإنسان لعام 2009 لدار الخدمات النقابية والعمالية بمصر ولنقابة الضرائب العقارية، وجاء في نص الجائزة: "إن مصر لعبت دورًا هامًا في تاريخ العمال، حيث كان اعتصام بناة الأهرامات لمدة ثلاثة أيام احتجاجًا على أجورهم في القرن 12 قبل الميلاد هو أول إضراب موثّق شهده العالم. ومازال موقف العمال في مصر الآن يشبه كثيرًا وبشكل محزن الصراع الذي كان بينهم وبين حكومتهم منذ قرون عديدة. وها هي الحكومة المصرية اليوم تتسلط بقبضة من حديد، وتعاقب المتمردين بشدة، وتلعب دورا مركزيا في نظام يعمل على دوام العمال فقراء بلا حيلة.
واعترافًا منه بشجاعتها وإصرارها الفائق أمام اضطهاد الدولة المستمر، يفخر إتحاد نقابات أمريكا منح الحركة العمالية المصرية جائزة جورج ميني ولاين كيركلاند لحقوق الإنسان لعام 2009.
بدأ العمال ينزلون إلى الشوارع في موجة من الاعتصامات وغيرها من المظاهرات العامة مع بدايات الألفية الثانية، غاضبين من الضغوط الاقتصادية السافرة، ومحبطين من ردود الفعل المتخاذلة لممثليهم "العماليين" في مصر.
فقد كان هناك أكثر من 3000 اعتصامًا، ومظاهرة، وإضرابًا منذ عام 2004، شارك بهم ما يزيد على 2 مليون عامل، وقد تنوعت استجابة الحكومة المصرية لتلك الإضرابات من محاولات لإحباط الحركة من خلال الروتين الحكومي الصارخ وحتى الاستجابات الأكثر عنفًا باستخدام الهراوات، وقنابل الغاز المسيل للدموع، والسجن والتعذيب لعدد من قيادات الحركة. إلا أن هذا لم يثبط من همة العمال المصريين: فهم يقودون أكثر الحركات الاجتماعية أهميةًً في العالم العربي منذ الحرب العالمية الثانية، وأكبر عمالة متعبة في مصر منذ نهايات القرن التاسع عشر. فالعمال المصريون مازالوا مستمرين في تحدي أصحاب أعمالهم، واتحاداتهم، وحكومتهم.
ففي خريف عام 2007، وفي محاولة منهم لتحقيق المساواة في الأجور مع أقرانهم الموظفين التابعين مباشرة إلى وزارة المالية، قام موظفو الضرائب العقارية بتنظيم مظاهرات عامة لإعلان مطالبهم.
وفي ديسمبر من نفس العام، قام 3000 موظف من موظفي الضرائب العقارية على مستوي الجمهورية بتنظيم 11 يوم من الإضراب معتصمين أمام وزارة المالية المصرية، وقد انتهي الاعتصام بمنح موظفو الضرائب العقارية مكافئة تعادل مرتب شهرين، وزيادة في المرتب تصل إلي ما يقرب من 325 %. تم تنظيم الإضراب، الذي قام به لأول مرة على مستوى البلاد موظفون حكوميون، بواسطة موظفي الضرائب الذين تم اختيارهم بشكل ديمقراطي.
بعد نجاحها، قامت لجنة الإضراب ومن يدعمها –بقيادة كمال أبو عيطه- بالاتفاق علي بناء تنظيم جديد من شأنه الاستمرار في تبني احتياجات أعضاءه باستماتة. وقاموا بتجميع 30 ألف توقيع للتصديق علي إنشاء إتحاد جديد ومستقل، ولجان نقابية محلية منتخبة في المحافظات. وفي 20 ديسمبر عام 2008، ألتقى أكثر من 1000 موظف من موظفي الضرائب العقارية من جميع محافظات مصر بالقاهرة وأعلنوا تأسيس النقابة العامة المستقلة للعاملين بمصلحة الضرائب العقارية.
وقام المجلس التأسيسي المنتخب بطريقة ديمقراطية من قبل النقابة العامة وبدعم من300 عضو نقابي بالتظاهر بشكل صاخب أمام المكتب الرئيسي لوزارة القوي العاملة والهجرة في القاهرة، لتقديم أوراق تشكيل النقابة الجديدة لوزارة القوي العاملة والهجرة، والتي تم قبولها مؤخرًا بعد مفاوضات عسيرة. وها هو أول إتحاد عمالي مصري مستقل يتم تأسيسه منذ ما يزيد عن أكثر من نصف قرن، وللأسف فأن 55 ألف من جامعي الضرائب العقارية هم العمال الوحيدون الذين استطاعوا بنجاح حتى الآن أن يكتسبوا الاعتراف لتنظيمهم العمالي المستقل الخاص بهم.
أما عن دار الخدمات النقابية والعمالية فهي منظمة غير حكومية داعمة للعمال تقوم بتقديم دعم مؤسسي هام للعمال المصريين، بما فيها النقابة العامة للعاملين بمصلحة الضرائب العقارية وغيرها من العديد من التنظيمات العمالية المستقلة حديثة النشأة. قام بتأسيسها في مارس 1990 كمال عباس والراحل يوسف درويش (1910- 2006)، وتهدف دار الخدمات -التي يعمل كمال عباس الآن منسقًا عامًا لها– إلى تشجيع الحركة النقابية العمالية المستقلة، والدفاع عن حق العمال في الإضراب، وتنظيم العمال في القطاع الخاص، وبناء المهارات التنظيمية للعمال، وتحفيز انخراط المرأة في النشاط النقابي العمالي، ومناهضة عمالة الأطفال، وتطوير الممارسات الديمقراطية في مصر وبناء جسور التعاون بين العمال والنقابات العمالية في مصر وحول العالم.
هذا وقد حاولت الحكومة المصرية إسكات دار الخدمات. ففي بدايات عام 2007، تم إغلاق فرعيين إقليميين للدار. وفي إبريل من ذات العام، قامت سلطات أمن الدولة بإغلاق المكتب الرئيسي لدار الخدمات معللة ذلك بأن دار الخدمات غير مسجلة حسب قانون الدولة علي نحو ملائم. ولقد كان هذا مخالفًا للواقع إذ أن دار الخدمات حاولت التسجيل باعتبارها منظمة غير حكومية وفقًا للقانون المصري، إلا أن طلبها قُبل بالرفض بناء علي تعليمات من أمن الدولة.(يمكن أن يرجع تعرض دار الخدمات لقمع أكبر من الذي تواجهه منظمات مصرية غير حكومية تعنى بالشأن العمالي، وذلك لعلاقاتها الحميدة مع الحركة العمالية العالمية).
حَكَمَتْ محكمة القضاء الإداري، بأن الحكومة لا يوجد لديها سبب في رفض التماس دار الخدمات للتسجيل كمنظمة غير حكومية أو غلقها.
ونظرًا لما واجهته الحكومة المصرية من نقد كبير علي المستوي الدولي، فقد وافقت علي القرار وتم إعادة فتح مقرات دار الخدمات في يوليو 2008. ومازالت دار الخدمات مستمرة في تقديم الدعم الذي لا يقدر بثمن للعمال المصريين والانخراط مع الحركة العمالية العالمية.
تعدّ النقابة العامة للعاملين في مصلحة الضرائب العقارية، ودار الخدمات النقابية والعمالية بمثابة ممثلين للحركة العمالية المتنامية في مصر.
ولأنهما نموذجيين رائدين علي دأب العمال المصريين في النضال من أجل حرية التنظيم وحقوق العمال، يسعد إتحاد نقابات عمال أمريكا منح النقابة العامة للعاملين بمصلحة الضرائب العقارية، ودار الخدمات النقابية والعمالية، نيابة عن العمال المصريين، جائزة جورج ميني- ولاين كيركيلاند لحقوق الإنسان لسنة 2009. |
|
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|