CET 00:00:00 - 05/03/2010

مساحة رأي

بقلم: محمود الزهيري
وكأن قدر المصريين أن لايتنسموا الحرية طوال تاريخهم الطويل المديد , وكأن النيل وروافده هو سبب تلك المآسي التي يعيشها المصريين , وي كأن هذا النيل هو الذي أنشأ الدولة المركزية التي بنيت علي فكرة الحاكم الإله , وكأنه الواحد الأحد , الفرد الصمد في حكمه وقدرته ومشيئته , ولما لا !!
ألم يدعي فرعون مصر الألوهية , وادعي أنه يحيي ويميت كما هو مسطور في الكتب الدينية , حينما قال : لي ملك مصر , وأن الأنهار التي تجري من تحته هي له كذلك !!
علي هذا المنوال كان تاريخ المصريين المعبأ بأحداث وأحاديث رائدها العبودية والإستغلال ونهب خيرات المصريين إن وجدت وبدت علي سطح أرض مصر .

مازالت أزمة المصريين كامنة تحت لواء الدولة المركزية الشمولية المقرونة دائماً بإيديولوجية السلطة المطلقة التي هي في ذات الوقت مفسدة مطلقة .
غالبية نضالات المصريين لم تكن من أجل الحرية , وذلك علي مدار تاريخهم المليئ بالمآسي والأحزان اللذين هما علي الدوام من منتجات الإستبداد والطغيان والفساد , ذلك الثالوث المدنس الذي أراد طواغيت مصر أن يحكموا به المصريين , ومن ثم كان الشوق والنضال من أجل العدل , وكان ومازال طلب العدل من الطواغيت المفسدين الظالمين للمصريين غير مجد علي الإطلاق , إذ كيف يتم طلب رد الأمانة من الخائن , أو رد المسروق من اللص , ومن ثم لاتجدي مطالبة الظالم بالعدل , ولأن العدل والحرية قرناء , فقد كانت معظم مطالب المصريين تبوء بالفشل , ويستمر مسلسل الطغيان والإستبداد إلي يومنا هذا .

مصر المصريين دائماً مأزومة بوصايات رجال الدين خدام السلطة السياسية علي الدوام , تلك السلطة التي تعمل علي إيجاد رديف مساند للإستبداد والطغيان ومنتجات الواقع المأساوي هي الدليل علي ذلك , لأنه لايوجد أفضل من رجال الدين الذين ديدنهم منصوب بزعم راية الله وراية رسله وأنبياؤه , فكل حديث أو قول لديهم منسوب لإرادة الله ومشيئته , فمن يقدر أن يعترض علي الإرادة والمشيئة الإلهية العلوية التي يراها رجال الدين في مخيلتهم ويجبروا الناس علي أنها إرادة الله ؟
أزمة المصريين في ميراث العبودية والذل والإستبداد , وهذا الميراث المصري أحدث حالات متعددة من حالات الإنحطاط الإجتماعي التي أفرزت بدورها حالات متدنية من الإفرازات الإجتماعية بأبعادها الدينية والسياسية الحاكمة فيما بعد للسلوك العام للمصريين , وتم توظيف هذا الإنحطاط بإفرازاته الدينية والسياسية المشوهة لتكونا الحاكمتين للمشهد المصري علي مدار سنوات طويلة في التاريخ وفي إمتداداته في الحاضر المعاش بإفرازت مشوهة جعلت المصريين في مؤخرة الركب التنموي / الديمقراطي , والعلمي / الحضاري .

عاد الدكتور البرادعي لمصر التي لم يقدر أحد من المصريين أن يقود مسيرة التغيير الديمقراطي / التنموي , لأن قدرهم كان متحفزاً لهم علي الدوام بعداءات للصهيونية العالمية وحليفتها الإمبريالية العالمية علي الدوام , علي خلفيات إستعمارية بغيضة ومجرمة , وعلي الرأس من هذه الأولويات القضية الفلسطينية , وأزمة السلام مع الدولة العبرية , وكان قدر المصريين المصنوع بإرادة فاعلة للبعد عن القضايا المصرية المصيرية كالديمقراطية والحريات وقضايا التنمية المرتبطة بمناخ الحريات والديمقراطية , والسلام الذي لم يستفيد منه سوي النظام المصري حصرياً , بل ويلوح لإرادة الإستبداد بكراهية المصريين للسلام ورغبتهم الأكيدة في تأجيج نار الصراع مع الدولة العبرية بعنصرية اليمين الإسرائيلي وإجرامه , ورفضه لأي تسويات عادلة للقضية الفلسطينية .
المستفيد من تلك العداءات الصورية هم اصحاب الإيديولوجيات السياسية والدينية ومن قبلهم إيديولوجيا الإستبداد والفساد والطغيان التي يعمل لديها حملة لواء الإيديولوجيا الدينية والسياسية خدام بجارة وامتياز , سواء علموا بذلك أو لم يعلموا .
المصريين في حاجة ماسة كغيرهم إلي مناخات الحرية التي تنتج علي الدوام مناخ الديمقراطية التي تعمل كفرازة طبيعية منتجة لأسس وقواعد المجتمع المدني المنعدم الوصايات السياسية والدينية والخاضع لوصاية واحدة فقط هي وصاية القانون وقواعده الآمرة والناهية .

هالني تلك التشكيلة التي إلتفت حول الدكتور البرادعي , والتي تشكل منها الأعضاء المؤسسين للجمعية الوطنية للتغيير , أو المنضمة له بالتوكيل الشعبي , وكان أن تبادر إلي ذهني تلك الصورة الأولي للحركة المصرية من أجل التغيير كفاية , وبدر إلي ذهني أن الذي تغير هو الإسم فقط , فبدلاً من الحركة تم كتابة الجمعية , وبدلاً من المصرية تم كتابة الوطنية , الأشخاص هم الأشخاص , والعقول هي العقول اللهم إلا إذا كان قد زاد عليها إسم الدكتور البرادعي وأسماء أخري !!
الدكتور البرادعي وكأنه من أول وهلة قد تم نصب الشباك , او قل بلغة المؤامرة المصرية بجدارة , قد تم نصب الفخاخ لأهدافه المعلنة , لكي يتم صيد الأهداف وجعل خطواتها تتجه بمسيرتها في إتجاه بعيد عن المنحي الوطني المصري وكأننا نعود بالذاكرة إلي منتجات البيان التأسيسي للحركة المصرية من أجل التغيير كفاية !!
طموح الإنسان المصري بصفة عامة هو العدالة الإجتماعية , والعدالة القضائية , في ظل دولة مدنية ديمقراطية , وبعض من حملة لواء الجمعية الوطنية للتغيير , لسان حالهم ينطق بالوصاية الإيديولوجية السياسية , والدينية , وهذه الوصايات المفرضة , والمضللة تكون علي الدوام ضد الدولة المدنية .

أخشي ما أخشاه تلك التجميعة بفرزها الطائفي التي من الممكن أن تلتف حول الإيديولوجيا التي تحركها وتعمل من أجلها , وتبتعد عن المطالب الإجتماعية التي يتحرق لها المصريون شوقاً . وأن يهتموا للصراخ والصياح من أجل قضايا جانبية غير قضية الدستور والديمقراطية , والمجتمع المدني والحريات , حيث أننا نريد رئيساً للحريات .
فــ إلي أي طريق ستتجه مسيرة الدكتور البرادعي ورفاقه , نحو الدولة المدنية / الديمقراطية , أم نحو الدولة المركزية الشمولية بأبعادها القومية , أوامتدادتها المتوهمة دينيا /أو أممياً ؟!!

mahmoudelzohery@yahoo.com

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٠ صوت عدد التعليقات: ٢ تعليق