كتب: عماد توماس - خاص الأقباط متحدون
عقدت الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية، الملتقى الديمقراطي الرابع تحت عنوان (مستقبل العمل النقابي في مصر) وذلك خلال الفترة من 27- 28 فبراير 2010 بالقاهرة، في إطار مشروع بناء فضاءات ديمقراطية جديدة، وقد حضر الملتقى مجموعة من القيادات النقابية على الصعيد المهني والعمالي بالإضافة لمجموعة من النشطاء المهتمين بالعمل النقابي في مصر.
ناقش الملتقى عدد من القضايا الهامة والخاصة بالعمل النقابي في مصر؛ بدأت بالتعريف بماهية النقابات وأدوارها في المجتمع من خلال ورقة العمل المقدمة من أ/ الهامي المرغني "مدير مركز التنمية الصحية والبيئية"، بعنوان "مفهوم ودور النقابات المهنية في مصر"، والتي أثارت عدد من المشكلات التي تواجه العمل النقابي في مصر وتتلخص في تقسيم النقابات بين مهني وعمالي مما خلق ازدواجية في عضوية النقابة، بحيث تجمع بين فئات لا يمكن أن تكون لها مصالح مشتركة وهم العامل بأجر وأصحاب الأعمال والمهني الحر، حتي أصبحت المطالب النقابية كجزر متفرقة تخدم المنتمين إليها فقط.
هل يوجد نقابات مهنية في مصر؟
وفي الجلسة الثانية طُرح سؤالاً هامًا وهو هل يوجد نقابات مهنية في مصر؟ مما أثار النقاش بين الحضور حول طبيعة النقابات المهنية المصرية، وقد تراوحت الآراء بين مجموعة غير راضية عن أداء النقابات المهنية في مصر ومطالبة بتكوين تنظيم نقابي جديد من الأساس، وأخرى ترى أن النقابات المهنية الموجودة حاليًا رغم ما يوجد عليها من تحفظات إلا أنه من الممكن العمل على إصلاح بنيانها القائم بدلاً من إزالته نهائيًا واستبداله ببنيان جديد.
وقد أثارت ورقة العمل المقدمة من السيد/ صابر بركات بعنوان "النقابات العمالية والنقابات المهنية.. أوجه التشابه والإختلاف" اهتمام الحضور؛ حيث أقرت الورقة بأنه "لا يمكن تصور وجود حركة نقابية سليمة في مجتمع لا يقر ولا يحترم الحقوق الأساسية لمواطنيه، فالنقابات مثلها مثل كل المنظمات الديمقراطية لا تنمو إلا في المجتمعات التي تحترم حقوق مواطنيها وحرياتهم، في إبداء الرأي والتعبير، والإجتماع، واللجوء للقضاء المستقل، وحماية حياتهم وسلامتهم، وإحترام مقدراتهم ومراسلاتهم واتصالاتهم، وتخلو من الاستبداد والعنف. وكلما قربنا من توافر تلك المعايير كلما كنا أمام تنظيمات نقابية، وكلما افتقدنا بعض هذه المعايير كلما بعدنا عن مفهوم النقابة ومضمون الحريات النقابية".
النقابات المهنية بين الوهم والحقيقة
وفي الجلسة الثالثة أثارت ورقة العمل المقدمة من د. مجدي عبد الحميد، رئيس مجلس ادارة الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية، بعنوان "النقابات المهنية بين الوهم والحقيقة" قضية القانون 100 المنظم للعمل النقابي في مصر والذي إعتبره "السيف المسلط على رقاب النقابات المهنية فى مصر"، بسبب نصوصه التى جمدت العمل النقابي في مصر وكانت بعيده تمامًا عن حرية الحق في التنظيم ومنافية لما أقرته المواثيق الدولية. فمنذ إقرار القانون لم تجر انتخابات في 11 نقابة مهنية لفترات وصلت إلى 16 سنة، وترتب على ذلك أوضاع شاذة مثل وجود 4 نقابات بلا نقباء هي التجاريين والتطبيقيين والبيطريين والمهندسيين، ووجود مجالس نقابية بلا ممثلين للشباب، إلى جانب الإعتداءات الخاصة بحل المجالس النقابية والكثير من الإعتداءات التي أصابت العمل النقابي في مصر بحالة من التشوه في مفهوم ووظيفة التنظيم النقابي المصري.
القيود المفروضة علي العمل النقابي
وفي اليوم الثاني سلطت ورقة العمل المقدمة من السيد السيد/ صابر عمار.. الأمين العام المساعد لإتحاد المحامين العرب، الضوء علي القيود المفروضة علي العمل النقابي في مصر بداية من القانون 100 والذي خالف الحق في التنظيم الذي أقره الدستور المصري والمواثيق الدولية، ومرورًا بتدخل السلطة التنفيذية في أعمال النقابات مثلما ورد في المادة (20) من القانون 66 لسنة 1974 بشأن نقابة المهندسين "لوزير الري أن يطعن فى صحة انعقاد الجمعية العمومية أو قراراتها أو فى انتخاب النقيب وأعضاء مجلس النقابة المكملين...." بالإضافة إلى ما جاء بالفقرة (ب) من المادة 61 من ذات القانون باعتبار مستشار الدولة لوزير الري عضواً بمجلس التأديب (الدرجة الثانية).
ونفس الأمر بالنسبة للنقابات الحديثة النشأة، فقد تضمن القانون 115 لسنة 76 بإنشاء نقابة مهنة التمريض فى المادة (15) "وعلى وزير الصحة دعوة الجمعية العمومية غير العادية للانعقاد خلال 15 يوم إذ لم يقم المجلس بدعوتها....".
العمل السياسي والعمل النقابي
وقد أجمعت مداخلات الحضور علي الصعوبة البالغة في الفصل بين العمل السياسي والعمل النقابي داخل النقابات سواء كانت مهنية أو عمالية، وقد أرجعوا ذلك للدور الوطني الذي يفترض علي النقابات القيام به وكذلك القضايا الخاصة والعامة التي تناقشها النقابات في مصر والتي يصعب معها الفصل بين كون تلك المشاكل والقضايا نقابية أم سياسية ولكنهم أتفقو علي أهمية الفصل بين العمل الحزبي والعمل النقابي.
توصيات ختامية
وفي ختام الملتقى اتفق الحضور علي ضرورة توفير الحرية النقابية بإعتبارها الأساس في العمل النقابي الفعال وفي تحقيق استقلالية التنظيم النقابي عن السلطة التنفيذية كما أكدو علي أهمية تفعيل حرية التنظيم كحق يكفله الدستور المصري والمواثيق الدولية وضرورة يفرضها العقد الاجتماعي بين الدولة والمجتمع.
وفي هذا الإطار دعوا إلى إستمرارية الحوار حول مستقبل العمل النقابي في مصر من خلال عدد من المقترحات مثل إقامة مؤتمرًا شعبيًا للنقابات المهنية وموائد مستيره و تأسيس ائتلاف يضم كل المهتمين بالعمل النقابي في مصر. |