هل دمشق سحبت بساط الفن من تحت أرجل القاهرة؟؟ اندهشت كثيراً عندما قرأت صفحات ومواقع كثيرة إلكترونية يمتدحون فيلماً وثائقياً مدته ساعة ونصف تم عرضه في مهرجان دمشق للأفلام تحت عنوان "دمشق تتكلم".
ظننت في بادئ الأمر أن موضوع الفيلم سياسي بحت يتكلم فيها عن عظمة رئيس سوريا بشار الأسد وكيف دحر أمريكا وجعلها تهتز اقتصادياً... فهي النغمة الحالية لكل دولة غير حليفة لأمريكا وكأنها هي لم يصيبها حظاً من هذه الهزة العنيفة التي أصابت أمريكا اقتصادية، لكنني فوجئت بأن الفيلم يحكي قصة تحول شاول الطرسوسي إلى بولس الرسول وهو في طريقه إلى دمشق، والغريب أن كاتبة الفيلم وهي الإعلامية ميساء سلوم اقتبست النص من سفر أعمال الرسل بلا حذف أو زيادة غير متخوفة من هؤلاء الذين يتربصون بهذه النوعية من الأفلام المسيحية... هل معنى هذا أن المد السلفي الإسلامي لم يتوغل في سوريا؟؟ إذا كان هذا صحيح فأنا أحيي رياستها بشار الأسد والذي هو في نظري أصبح بولس الأسد... لم يتأثر ولم يعطي الاهتمام لهؤلاء المعارضين إن وُجدوا لكن واضح أن سوريا تعيش حياة الحرية الفكرية الدينية والفنية.
ربما أتوق إن أسأل القائمين على صناعة السينما في القاهرة... هل يجوز أن نصنع فيلما مأخوذاً من الكتاب المقدس ويُعرض في مهرجان القاهرة الدولي؟؟؟ أشك في هذا... فجميع الأفلام المسيحية والتي تُنتج الآن هي من إنتاج أشخاص ولا يُسمح لها بعرضها في دور السينما، كما حدث من قبل لأفلام دينية مسيحية قام الأزهر والجهات المعنية بمنعه دخول البلاد....
والسؤال الثاني هل يُصرح لشركة مصرية أن تعرض هذا الفيلم السوري في القاهرة.... فقد تكلمت دمشق.... ألم يأتي الوقت لكي تتكلم القاهرةوترجع مجد الفن إليها مرة أخرى؟؟
تقول الإعلامية ومؤلفة الفيلم أن سبب اختيارها لبولس الرسول مادة لفيلمها هو بالإضافة أنه شخصية مهمة روحية فقد اتخذ روح المحبة من ربه يسوع والتي تدور حول علاقة الإنسان بخالقه وعلاقته مع أخوه الإنسان مهما كان.
كما أضافت سيادتها أن كلمة دمشق لها سحر وجاذبية خاصة لدي الغرب حيث يتبادر في أذهانهم " سانت بول" أو بولس الرسول... فنحن نعتز بدمشق ويجب علينا أن نجعلها عظيمة بيت الأمم كما أكدت "سلوم" أن المرجع الأساسي الذي اعتمدت عليه في كتابة النص هو سفر الأعمال والذي يُعتبر الوثيقة الصادقة... كما أشارت أن شاول الطرسوسي " بولس" هو من طرسوس نسبة إلى البلدة التي جاء منها... وكان مضطهدا للمسيحيين على مدى سنوات طويلة بعد صعود المسيح إلى السماء.
كما ذكرت مؤلفة الرواية نقطة هامة جداً وأظهرتها في الفيلم... وهو مدى بشاعة الإرهاب، فقد كان شاول "على حسب قولها" إرهابياً ومارس جميع أنواع الإرهاب ضد المسيحيين .. جرأة جميلة من كاتبة الرواية فقد قالت الحقيقة... لكن نجدها تركز بعد ذلك في كيفية تحول هذا الإرهابي إلى بولس القديس بعد الحوار الذي دار بينه وبيت السيد المسيح الذي ظهر له في سماء دمشق.
أما عن أماكن التصوير فقد تمت في أماكنها الأصلية مثل زقاق المستقيم والمعروف الآن بمدحت باشا... كما تم التصوير في منطقة كنيسة حنانيا والتي كان يُوجد فيها بيت حنانيا والذي استقبل شاول فيه... كذلك تم تصوير نفس المغارة التي اختبأ فيها بولس... بالإضافة إلى باب كيسان والنافذة التي هرب منها بولس وغيرها من الأماكن التي تمت ذكرها في أعمال الرسل.
وتصرح الإعلامية ميساء سلوم... أنها وجدت ترحيباً كبيراً وتسهيلات عظيمة من المسئولين السوريين لإنتاج مثل تلك النوعية من الأفلام... فمن الشروط التي تجعلك تنتج فيلماً هو وجود مؤسسة ترعى هذا العمل... فتقدمت بطلب إنشاء مؤسسة خاصة لإنتاج هذا الفيلم... ولم تجد صعوبة في إنهاء الإجراءات اللازمة...
ماذا يحدث لو تقدم منتج مصري لإنتاج فيلماً عن مرقس الرسول واضع أسس الحياة المسيحية في مصر...؟؟ سوف تقوم الدنيا وتقعد... وتثور الجماعات الإسلامية... ويتهموننا بزرع الفتنة بين عنصري الأمة... وسوف نصمت القاهـــــــرة........ وتتكلــــم دمشـــــــق!!!!! |