CET 00:00:00 - 22/02/2010

مساحة رأي

بقلم: صفوت سمعان يسى 
من المعروف ان النشاط الأقتصادى الخاص والذى يملكه الأفراد والشركات الأهلية هو من اكبر دعائم للاقتصاد المصرى فهو مصدر دخل رئيسى لموارد الميزانية ويحمل العبء فى تشغيل العمالة المصرية و الإقلال من نسبة البطالة كما يشكل عامل وصمام آمن للبعد عن الجريمة والتطرف كما ان وجوده بكثرة ونجاح يخلق مجتمعات مستقرة وآمنة . 
والنشاط الأقتصادى ينقسم إلى نشاط تجارى ونشاط صناعى ونشاط خدمى ،وما يعيننا فى المقام الأول هو النشاط التجارى لان ما يحدث به هو ما يحدث تقريبا لنفس الأنشطة الأخرى ولأنه يحتوى على أنشطة اقتصادية متناهية الصغر حتى أكبرها من سلسلة الماركات العالمية .

ولكن هل الدولة تشجع هذه الأنشطة الاقتصادية على العمل وتوفير كافة سبل استقرارها وتنميتها وتوسعتها ، إجابة هذا السؤال ستكون بديهية بأنها تشجع ذلك النشاط الأقتصادى وتفتح فاهها على الأخر بالإيجاب وتسمع محاضرات اقتصادية فى غاية الجمال والروعة ، ولكن على ارض الواقع ما يحدث يختلف بذرا وجذرا عما يقال  فهى تطلق رجالها وموظفيها على تلك الأنشطة التجارية  لكى ينهشوا فيها ولا يتبق ان وجد عظام وتنتهى بموتها اكلنيكيا وغلقها وتشريد أصحابها والأسوأ هو روح الخوف التى تسيطر على من سيفكر فى مزاولة أنشطة تجارية وإمامه العبرة من سابقه و هو مايعنى عدم التشجيع على قيام أية أنشطة تجارية آخرى وقفل باب الرزق وزيادة معدلات البطالة مما يؤدى الركود الأقتصادى وأثاره الخطيرة على المجتمع ثم على الدولة.  
فالقيام بفتح نشاط تجارى يستوجب القيام بعمل بهلوانى فى استخراج تراخيص من شهادات صحية  وتسجيل عقود ورسم هندسى للعمارة ومحل النشاط ومعاينة وشهادات حريق ومعاينة مرتين وخطاب لشركة الكهرباء والمعاينة وخطاب لشركة المياه والمعاينة الخ ... مع ملاحظة ما يدفع بطريقة قانونية أو غيرها وما أدراك من المعاينة !!! 
وبعد ذلك يبدأ من فك نقوده السائلة وكتابة الكمبيالات والشيكات على نفسه وتحويلها إلى بضاعة لكى يبدأ بها مستهل حياته التجارية وهنا تبدأ الطامة الكبرى للوقوع فى براثن وفك الحكومة فبهذا الفعل يخضع لعشرات الجهات التى ينطوى تحت مسئوليتها وضع بضاعته لمحله التجارى.

1- فبمجرد فتح نشاطه يخضع لمكاتب التموين والتجارة وما يستتبع من تحرير محاضر بداية من التكت والمصدر والصلاحية وان كان كله سليم فلابد ان يخرج بمحضر والعرض على النيابة . 2- يخضع لمباحث التموين والتى تمتلك صلاحيات أوسع واشمل وأحيانا تتعدى صلاحيات هيئات حكومية آخرى من تحرير محاضر رخص وضرائب وكذلك طلب فواتير رسمية وان وجدت فسيطلب الإفراج الجمركى والمستورد وما يستتبعه من تحميل البضاعة لمكتبهم ثم مصادرتها وعمل محضر وإرساله للنيابة للتصالح أو  تحويلها لقضية تدفع فيها الآلاف وفى كلتا الحالتين من الصعوبة الحصول على بضاعة مصادرة .

3- مباحث التهرب الجمركى والضريبى وما أدراكم ما هى فعند نزولها لاى محل تجارى هو يعنى خرابها وغلقها فهى تحصر كل البضائع الموجودة بالمحل وكأنها شريك وتطلب فاتورة لكل قطعة وإذا وجٌدت مطلوب الإفراج الجمركى على كل قطعة وإذا أحضرت صورة منه يطلب منك الأصل بالرغم من ان الأصل عند المستورد ولن يعطيه لك مهما طلبت فهو خاص به ويلاحظ ان الإفراج غالبا ما تكون تصنيف البضاعة معمم مثل كونتر إكسسوار أو معدات أو أدوات كذا ولذلك تجد نفسك مخالفا مهما امتلكت من مستندات أو فواتير  وبالتالى يا تصادر بضاعتك يا تدفع المعلوم من الجمارك  والصلح خير !!!
مع ملاحظة عدم اقتراب هذه الجهات من المستورد رأسا لأن  محمى بالفواتير وبعضهم محمى  بإمبراطورية من الفساد من الواصلين و المشهلاتية والمسلكين ومن متخصصين فى التهريب بدفع المعلوم  ولكنهم يقتربون من التجار الصغار مطبقين المثل مش قادر على الحمار يتفالح فى البردعة  بالرغم من وجود نص قانوني انه بعد الدائرة الجمركية بـ 500 متر لا يجوز السؤال عن جماركها ، ولكن أين تحصل الحكومة على مورد سوى من الصغار!!!  
4- مباحث وشرطة الكهرباء من البحث عن سرقات التيار الكهربائى وإذا لم توجد سرقة تيار يتم تحرير محاضر على المخالفات بأنها سرقة مستغلا جهل المواطنين بذلك مثل عدم وجود رصاصة أو كسر زجاج العداد أو ركنه أو توقفه فهى مخالفات لا تخضع للغرامات وإنما من المفترض ان يبلغ عنها قارئ العداد للشركة التى من المفترض ان تبلغك بالتقدم لإصلاح العطل فالمواطن ليس فنى كهرباء كما تتعدى غرامات الكهرباء 20 ألف  أحيانا لتلك المخالفات بينما لا يجوز إطلاقا تحرير أية غرامة بها  !!!    

5- الأمن الصناعى ومكتب العمل  من تعليق مواعيد العمل وملف لكل عامل والشهادات الصحية واستمارات التأمينات وطفايات الحريق  ورخصة المحل وانطباقها عن المعلن من نوع التجارة فمثلا لو بيع ملابس ووجد بيع ملايات يحرر محضر وفى خلال شهر من عدم إزالة المخالفة يتم تحرير محضر وغلقه بالشمع الأحمر !!! 
6- التأمينات الاجتماعية من حصر العمال وفرض غرامة على غير المؤمن عليهم حتى لو كانوا ظهورات للعمل خلال فترة الصيف وان تكون نسبة التأمين الأجتماعى تتعدى 40% من قيمة المرتب الأساسى يعنى بالبلدى مصادرة ما يدفعه صاحب العمل كمرتب للعامل وفى النهاية الدولة سرقت كل أموال التأمينات الاجتماعية !!!   
7- تفتيش المطافئ ولابد من وجود تقرير حريق ، والعجب العجاب ان المطافئ ليس من حقها التفتيش دوريا على المحلات التجارية وإنما هو حق أصيل للآمن الصناعى فمن المفترض ان تكون معاينتها الأولى للترخيص ووضع شروط وخطة للحريق والثانية بعد أخذ الرخصة لمطابقة تنفيذ وضع الطفايات – ولكن عدم وجود مورد مالى يدفعها لتحرير محاضر بالمخالفة للقانون !!!
8- تفتيش الصحة على الصلاحية  والشهادات الصحية  والدخول على التجار كأنهم فاسدين وكل بضاعتهم مشكوك فيها !!!    
9- السجل التجارى والغرفة التجارية وضرورة سداد الرسوم بالرغم من أنهم  لم يستفيد منهم اى تاجر وإنما كل العملية هى جباية لا أكثر !!!  
10- الضرائب العامة وضرائب المبيعات  ومن أرغام كل التجار بالتسجيل فى المبيعات وتقديم إقرار كل شهر مع الدفع وكذلك دفع الضرائب السنوية ومراجعة العينات العشوائية . 
11- تفتيش المجلس على الرخص ودفع رسوم الترخيص  ورسوم البروز ورسوم اليافطات . 

ليس هناك اعتراض على مراقبة الدولة وهذا حق أصيل لها ولكن على فكرة تعدد عشرات الجهات وتداخل سلطاتها مع بعض واعتمادها على نظرية اصطياد المخالفات بغرض تنمية موارد وتحقيق عمولة أو نسبة من المحاضر   
فبالله عليكم كيف تمارس التجارة فى وسط هذا الكم من الهيئات الحكومية والشرطية والتعسف فى استخدام السلطة وكأن التجار هم مجموعة من اللصوص و قاطعى الطريق وكيف نطالب الشباب بممارسة عمل تجارى أو صناعى ونحن نخنقهم فى كم كبير من الممارسات البيروقراطية  وندفعهم بذلك فى البحث و التمرغ فى التراب الميرى راحة لأدمغتهم ولى التنبلة الفكرية والجسدية .
اى اقتصاد هذا ينشأ فى بلد كهذا وهو محاصر بكل هذا الكم من الهيئات الحكومية فتاجر المخدرات له جهة واحدة تحاسبه وهى مكافحة المخدرات والقوادين والدعارة لهم جهة واحدة تحاسبهم وهى مباحث الآداب ، فإذا كان الحرامية لهم جهة واحدة تحاسبهم  فكيف يكون الشرفاء لهم عشرات الجهات التى تحاسبهم ، فللأسف الشديد الاقتصاد فى مصر يدار بنظرية مواطن ومخبر وحرامى ولذلك هو فاشل وسيظل فاشلا ان لم تتغير النظريات وأعطت الثقة والصدق للمواطن .

باحث وناشط حقوقى 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١ صوت عدد التعليقات: ١ تعليق