بقلم: زهير دعيم
التقنية الحديثة غزت الكون. لتقنية الحديثة مُمثّلة بالانترنت والفضائيات وكل اسباب الاتصال والتواصل الراكض يوميًا ، فتح المجال امام الفكر انفتاحًا غريبًا عجيبًا ، فأضحى الكون فعلا قرية صغيرة ، ان لم يكن بيتا، وأضحى التاريخ شريطًا يمرّ امامك ، وما عاد هناك مجال للتخفّي او التستّر او التموّيه.
انكشف الطابق كما يقول العامّة.
حقًّا بات كل شيء مكشوفًا ...فبلمسة زرٍّ تصل الى ما تبتغيه وتُخرج الى أشعة الشمس الكثير من المدفونات ، والتي لا تخلو في كثير من الأحيان من الخمج والرطوبة برائحتها النتنة..
وبلمسة زرٍ آخر تصل الى موقع عظيم كما الحوار المتمدّن ، الذي يضمّ بين جانبيه آلاف الكُتّاب جاؤوا من كلّ بقعة فوق هذا الكوكب السّيّار ، والكلّ يُعمل قلمه في حقل الادب والمقالة جادًّا في البحث عن الحقّ الذي يرتأيه ، والكلّ يخطّ أفكاره أو أفكار غيره داعيا لها او مناديًا بنبذها.
حقيقة تتشابك وتتلاقى الافكار وتختلط الأسماء ، فلا تستغربَنَّ مرة ان وجدتَ أنّ هناك من يتغنّى بالموعظة على الجبل ، ويمتدح قائلها العظيم ، ويروح ينادي به ربًّا ، والغريب ان يكون اسمه ليس جورج او حنّا !!!
أنا سعيد بهذا التطوّر ، سعيد أيّما سعادة ، كيف لا وهو يكشف المستور ، فما عاد هناك مجال للتمويه ، وما عاد هناك مجال لطمر الاشواك والحسك والعظام البالية!!!.
من كان يُصدّق ان تأتيك رسالة على ايميلك من الامارات العربية تمتدح كاتبتها ما يخطّه قلم زهير دعيم الذي كرّسه ليسوع ، ويروح يقول أنّ الموعظة على الجبل ملأى بالمحبة لكلّ البشر وانها تهزّ أركان الدنيا وتنقل جبالاً.
من كان يُصدّق ان هناك من يتصل معك وعلى ايميلك الخاص من دول المغرب العربي ليقول :
ما أروع الصّليب !!..وما أحلى السجود للاله الحيّ الذي فدانا.
أليست التقنية نعمة ؟!!
أليست الفضائيات التي تدخل بيوتنا برفق ، وتسلّط نورها على الكثير من معتقداتنا وأفكارنا فتحرقها بنور الحقّ ، أليست نعمة ؟!!.
ليس الكلّ سعيد بهذه النعم وبهذا التطوّر ، وكيف يكون سعيدا وقد كشفت " طابقهم " وكشفت تفاهات ماضيهم وحاضرهم ؟
ولكنّ الآتي أعظم
فهناك فكرة قد يحبل بها الواقع اليوم او غدا ...فكرة رصد الافكار وهي بعد في رحم الامخاخ.وعندها قد تكون الطامّة أكبر ، والمصيبة أعظم ، فنكون قد" شلّحنا " البعض من آخر معاقله ، فلا يعود هناك مجال للتمويه او الخداع او التمثيل ...
وعندها سنكشف القمح من الزؤان ويسير البشر كما ولدتهن امهاتهن ..ولا أظنّ ساعتها أنّ أوراق تين العالم سيكفي لتغطية العورات. |