تعليق على رسالة الأستاذ نبيل المقدس لي
بقلم: عصام نسيم
قرأت مقال الأستاذ نبيل المقدس أو رسالته لي كما أوضحها هو وأشكره كثيراً عليها وهو يعرف جيداً إنني احترام آراءه وأقدّرها حتى لو اختلفت معها
وقد كان الموضوع يدور حول سؤال يقول: ماذا يكون جواب الرب حول الطلاق في حالة الجنون؟؟؟
وسوف اقتبس عبارة من موضوعه التي تعتبر لب المقال والسؤال الذي طرحه حيث يقول :
نحن لم نفكر ماذا كان سيكون رد الرب في حالة جنون أحد الطرفين، هل يسمح له بالطلاق أم لا؟, هل يجوز للطرف العاقل أن يقبل على الزواج الثاني أم يُعتبر زاني؟؟!!.. الرب لم يضع لنا شريعة بطريقة تجعلنا نعد خطواتنا قبل أن نسجد له للصلاة، لم يعطينا ناموس نطبقة عمياني مع إلغاء العقل والتفكير.. الرب أعطانا فقط وصية المحبة وبناءً عليها نبني شريعتنا...
أولاً:
أحب ان أضيف للأستاذ نبيل بعض الأسئلة إلي جانب سؤاله أيضا .
ماذا لو سجن الزوج لمدة طويلة وابتعد عن أسرته خاصة لو كان في جريمة ما ؟
ماذا لو أصيب الزوج بمرض خطير مثل السرطان او الايدز او أي مرض اخر يعقي احد الزوجان عن مواصلة حياته الطبيعية ؟
ماذا لو سافر الزوج فتره طويله ربما لسنوات في بلاد ؟
ماذا لو مرض الزوج بمرض نفسي كالاكتئاب مثلا او أي مرض اخر يجعله لا يستطيع ان يواصل حياته بشكل طبيعي ؟
ماذا لو كانت الحياة بين الزوجان صعبه مليئة بالمشاكل او مثلا لو كان الزوج به عيوب لا تقبلها الزوجة مثل ان يكون بخيل او عصبي او حاد الطباع ....الخ او تكون الزوجة متسلطة غيورة عصبيه او متكبرة .....الخ
*أليست كل هذه الأسئلة لها نتائج تشبه نتيجة ان يكون الزوج مجنون وهي استحالة العشرة مثلا او عدم احتمال احد الأطراف مرض زوجه او ان يكون ليس هناك حياة زوجيه طبيعيه نتيجة مرض احد الأزواج ؟؟؟
ثم اتوجه بسؤال اخر وهو ماذا لو أصاب احد الأبناء الجنون ؟ ماذا تفعل معه أسرته ؟ فكثيرا ما نجد عائلات بها شخص مصاب بالجنون او حتى يولد غير سوي عقليا معاق ذهنيا او حركيا فكثيرا من نشاهد اليوم أبناء معاقين او منغوليين؟
إني متأكد ان إجابة حضرتك او أي إنسان مسيحي او حتي غير مسيحي علي السؤال الثاني هي ان تحتمل الاسره ابنها المصاب وهو نفس الرد علي سؤالك الاول فكلمة السر وكلمة الرد والتي أي نابعه من كل تعاليم السيد المسيح والتي لخصتها في عباره قائلا : الله إعطانا وصية المحبة وبناء عليه نبني شريعتنا (ورغم التحفظ علي هذه العباره فالرب أعطانا كثيرا من الوصايا والتعاليم والقوانين والتي لا تتعارض مع المحبه ايضا وبها وعليها نبني شريعتنا شريعة الكمال ) أقول لك هذه المحبه التي هي ألسمه الأولي في الإيمان المسيحي سيجعل الزوج او الزوجة يحتمل ما اصاب الطرف الاخر بكل حب وبذلك وعطاء والتي هي اساس الزواج المسيحي الحقيقي بل نقول حتي الزواج الغير مسيحي فكثيرا ما نجد حالة وفاء حتي بين الغير مؤمنين او حتي الملحدين بل نراها في كثير من الحيوانات والطيور فما بالنا بمن تقدسوا بعمل الروح القدس فيهم وصار لهم مسكنا وصار المحبة هي أساس حياتهم.
..
ثانياً: قال الاستاذ نبيل:
لذا هنا يُوجد مبرر للتطليق، صحيح الرب يسوع لم يذكره في الأناجيل ولا حتي رسائل الرسل، لكن العقل الطاهر والذي يعمل بفكر الرب وروحه يسمح بالطلاق،
ولي ملاحظه هنا اننا كثيرا ما نهاجم من اخوتنا البروتستانت في كثير من عقائدنا وطقوسنا بانها ليس لها نص من الانجيل يقول بها وكثيرا ما نسمع انهم متسمكون بما جاء في الانجيل بنصوص وغير هذا لا يقبلوه .
ولكننا نجد هنا اننا امام ليس نص واحد بل عدد نصوص انجيليه سواء قالها المسيح او الرسل كما سنوضح بعد قليل نجد ان من يرفضون المفهوم الكنسي والديني للزواج يهاجمون الكنيسه لانها تتمسك بالانجيل وتعاليم المسيح به !!
لذلك أتعجب كثيرا مما قاله الأستاذ نبيل في هذه العبارة.
فكيث تذكر حضرتك قائلا _ صحيح الرب لم يذكره في الأناجيل ولا حتى رسائل الرسل لكن العقل الطاهر والذي يعمل بفكر الرب وروحه يسمح بالطلاق – في الحقيقه هذه العباره تحتاج الي تفسير فلو كان العقل حقا طاهر ويعمل بفكر الرب وروحه سينفذ مشيئة الرب في حياته ,, سيتمم وصايا الإنجيل ولن يكون في حاجه الي ان يكسرها او يفعل امر نهي عنه السيد المسيح وعلم بعدم جوازه نهائيا وهو الطلاق التي تبرره حضرتك ...
سوف يكون ليس في حاجه بعد الي تفسيرات وتأويلات للوصايا حسب المزاج الشخصي او الخاص دون أي سند كتابي او تعاليم أبائيه او أي قانون كنسي بل وتجاهل لتاريخ كنسي طويل يمتد ل 2000 عام .
نقطه الخلاف ليست في ان نجد مبرر للطلاق ولكنها في رفض صريح وواضح لوصايا الإنجيل فقد علمنا السيد المسيح ان طريقه هو الطريق الضيق بل أوصانا في حياتنا بحمل الصليب ونتبعه فلا مسيحيه بدون صليب ولا يوجد مسيحي حقيقي لا يوجد صليب علي كتفيه يحمله ويسير به في دورب الحياة ,
ربما كان هذا الصليب صليب مرض او صليب فقر او صليب اضطهاد او صليب زوج عصبي او زوجه منفره او زوج مجنون او مريض الخ فالواجب هنا ان نتحمله بفرح وبصبر فربما هذا هو طريقنا للملكوت ,اعلم انه ليس امر يقبله الكثيرين ولكن مثل هؤلاء لا يقبلون الكثير من وصايا الإنجيل أيضا لانها لا تتماشي مع أهوائهم ولا حبهم لذاتهم .فالأمر ليس مجرد لرفض وصيه خاصة بالزواج ولكنه رفض للحياة المسيحية عموما .
ثم نأتي للرد الكتابي للسؤال المطروح – ماذا سيكون رد السيد المسيح عن الطلاق في حالة الجنون (او أي حاله أخري كما ذكرنا )؟؟؟
الحقيقة ان قراءتنا لوصايا الإنجيل بقليل من العمق تعرفنا ان الرب لم يترك لنا مجال لأي سؤال مثل السؤال الذي طرحه الأستاذ نبيل ولنرجع الي ما قاله الرب يسوع بفمه الطاهر في هذا الشأن
نجد في انجيل متي ايه 5 :
وقيل من طلق امرأته فليعطها كتاب طلاق.32 واما انا فأقول لكم ان من طلّق امرأته الا لعلّة الزنى يجعلها تزني.ومن يتزوج مطلّقة فانه يزني
أليست الوصية هنا واضحة وليست في حاجه الي تفسير وترد علي أي استفسارات مثل التي نسمعها ونراها اليوم !
ماذا نفهم من قول السيد المسيح من طلق امرأته الا لعلة الزني يجعلها تزني ومن يتزوج مطلقه فانه يزني الا نفهم من كلمة -الا لعلة الزنا – ان أي سبب مهما كان غير سبب الزنا لا يعتبر مبرر او سبب للطلاق فجميعنا نعلم ان كلمة إلا في اللغه العربيه تنفي كل ما جاء قبلها ومن هنا نفهم جواب الرب علي سؤال الأستاذ نبيل المقدس حول جنون احد الزوجين .
في إنجيل متي إصحاح 19 ايضا نجد السيد المسيح يؤكد علي هذا التعليم والوصيه فيقول : واقول لكم ان من طلّق امرأته الا بسبب الزنى وتزوج باخرى يزني.والذي يتزوج بمطلّقة يزني
وهنا نري موقف السيد المسيح ايضا من اسباب الطلاق وينفي ان يكون هناك سبب اخر للزواج الا بسبب الزني ويؤكد ان كل من يتزوج بمطلقه يزني .
الي جانب النص الوارد في انجيل معلمنا مرقس اصحاح 10
حيث يقول السيد المسيح للفريسيون الذين سألوه ليجربوه عن هل يحل للرجل ان يطلق امراته ؟ ورغم ان الطلاق كان مباح في العهد القديم لكننا نجد ان السيد المسيح لا يحلل الطلاق الا لسبب واحد وهو الزنا بل ويقول ان كل من تزوج بمطلقه طلقت لاي سبب اخر بانه يزني معها كما ورد في انجيل متي ايضا فيقول: 2 فتقدم الفريسيون وسألوه.هل يحل للرجل ان يطلق امرأته.ليجربوه. 3 فاجاب وقال لهم بماذا اوصاكم موسى. 4 فقالوا موسى أذن ان يكتب كتاب طلاق فتطلّق. 5 فاجاب يسوع وقال لهم.من اجل قساوة قلوبكم كتب لكم هذه الوصية. 6 ولكن من بدء الخليقة ذكرا وانثى خلقهما الله. 7 من اجل هذا يترك الرجل اباه وامه ويلتصق بامرأته. 8 ويكون الاثنان جسدا واحدا.اذا ليسا بعد اثنين بل جسد واحد. 9 فالذي جمعه الله لا يفرقه انسان. 10 ثم في البيت سأله تلاميذه ايضا عن ذلك. 11 فقال لهم من طلّق امرأته وتزوج باخرى يزني عليها. 12 وان طلّقت امرأة زوجها وتزوجت بآخر تزني
وقد اوضح التعليم الجديد بخصوص الزواج المسيحي وكيف انه العلاقه الزوجيه هي عمل الهي يصير فيه الزوجان جسدا واحد وتصبح علاقتهما علاقه جمعها الله لذا لا يمكن لاي انسان ولاي سبب ان يفرقهما بعد ويؤكد السيد المسيح لتلاميذه ايضا هذا الكلام ليعطيهم هذا الفكر وهو ان من طلق امراته وتزوج باخري يزني عليها أي ان أي طلاق يحدث بدون السبب الذي ذكره السيد المسيح وهو الزني لا يعتبر طلاق بعد وأي زواج يتم بعده يعتبر زني .
ثم نجد ايضا نفس الامر يتكرر في انجيل لوقا اصحاح 16 فجاء
كل من يطلّق امرأته ويتزوج باخرى يزني وكل من يتزوج بمطلّقة من رجل يزني لو 18:16
اليست هذه الايه واضحه وترد ايضا علي هذا السؤال محل النقاش وعلي كل سؤال اخر اليست تنفي ان يجوز لاي شخص ان يتزوج زواج بعد ان يطلق امراته (لغير سبب الزنا الذي ذكره السيد المسيح ) ويتزوج باخري يزني بل وكل من يتزوج بمطلقه من رجل يزني وبالطبع تقع تحت هذه القائمه للمطلقين والمطلقات من هم طلقوا بسبب الجنون او المرض او السجن او أي سبب اخر مما نراه اليوم
نضيف الي ذلك ما قاله الرسول بولس في وصيته للازواج والزوجات حيث يقول :
ارتباط الزوجين معًا صورة حيّة للوحدة بين المخلّص وكنيسته إلى الأبد، فإن كان الرسول البتول يقول: "وأما المتزوّجون فأوصيهم لا أنا بل الرب، أن لا تُفارق المرأة رجلها، ولا يترك الرجل امرأته" (رو7: 2-3)
وهنا تاكيد علي ان وصية عدم الطلاق هي من الرب وقد قالها من قبل ويؤكد علها الرسول ....
اعتقد ان كلام الانجيل واضح وينير عين كل شخص يبحث عن الحق ويريده .
بقيت نقطه وهي ربما يقول البعض ان هناك من لا يقبلون هذا الامر ولا يحتملونه ولا يمكن ان يكون الرب قصد التعليم الحرفي ولا يجب ان ناخذ الوصية بحرفيتها بل بروحها الي اخره من هذا الكلام الذي يبعدنا عن الحق الإنجيلي والوصية الإلهية
فنجد حتي تلاميذ السيد المسيح لم يقبلوه هذا الكلام بسهوله فنجد في انجيل متي عندما قال السيد المسيح هذه الوصيه قال له التلاميذ:
قال له تلاميذه ان كان هكذا امر الرجل مع المرأة فلا يوافق ان يتزوج. 11 فقال لهم ليس الجميع يقبلون هذا الكلام بل الذين أعطي لهم
فحتي التلاميذ لم يقبلوه هذا التعليم الجديد علي مسامعهم والصعب التنفيذ حيث انهم لم يكونوا بعد أدركوا ولم يفهموا طبيعة هذا الاتحاد الالهي الذي علي مثال اتحاد المسيح بالكنيسة .. ورغم ذلك نجد ان السيد المسيح لم يقل لهم انه لا يقصد المعني الحرفي للوصية – او ان هناك تفسير روحي للوصية يجب ان يأخذوه – او ان هناك اسباب أخري للطلاق يجب ان يأخذونها في الاعتبار لم يقولها – لم يقل كل هذا ولكنها لانه يقصد ما يقول وكان يعلم مبادئ جديده وتعاليم سماويه سامية قال لهم : ليس الجميع يقبلون هذا الكلام بل الذين اعطي لهم .
وحقا ما اجمل كلمات السيد المسيح له المجد والتي تصلح لكل زمان ومكان وما اصدقها لما نراه اليوم من رفض لتعاليمه ووصاياه ونجد من يقول : كيف يكون هذا كيف نقبل هذا الامر .... الخ نجد ان السيد المسيح يقول لهم ليس الجميع يقبلون هذا الكلام بل الذي أعطي لهم. |