بقلم: جرجس بشرى
قد يستغرب البعض من عنوان المقال الذي يطالب بوجود حكومة مصرية تحكم مصر، ويتساءل: أليست الحكومات المتتابعة التي حكمت مصر خاصة ومن بعد ثورة 1952 حكومات مصرية؟
والحق أقول أنه برغم أن الحكومة المصرية وقيادتها السياسية يتمتعون بالجنسية المصرية ولا أحد يستطيع التشكيك في مصريتهم، إلا أنهم جميعًا ينفذون أجندة طائفية بحتة تفتقر إلى أبسط قواعد ومبادئ المواطنة بمعناها الحقيقي، فالقيادة السياسية المصرية تنتصر للمواطن المُسلم على حساب المواطن المسيحي المصري "القبطي" في المناصب القيادية الحساسة في الدولة، فبرغم وجود ما يقارب حوالي 15 مليون قبطي مسيحي في مصر إلا أن القيادة السياسية في مصر لا تلتزم بتعيين الأقباط في المناصب الحساسة والقيادية بل والتمثيل البرلماني والنيابي بما يتناسب مع هذه النسبة -على الإطلاق-،الغريب أن ذلك يحدث في مصر والرئيس مبارك وحكومته يتغنون بالمواطنة ويؤكدون عليها في معظم تصريحاتهم التي يدلون بها لوسائل ووكالات الأنباء المختلفة سواء كانت محلية أم عالمية.
وإنني أجزم (ولا أكاد أجزم كما يقولون) أن الحكومات المصرية التي حكمت مصر من وقت الثورة إلى يومنا هذا ما هي إلا حكومات ليست إسلامية فحسب ولكنها متأسلمة، ويمكن أن أتجاوز في التعبير أن لأقول أنها جعلت من مصر دولة شبيهة بدولة الخلافة الإسلامية، ومما يؤكد بما لا يدع مجالاً لشبه شك على طائفية الحزب الحاكم وعنصريته هو تمسكه وتأكيده بعدم المساس بالمادة الثانية من الدستور التي تجعل من الإسلام المصدر الرئيسي للتشريع، وهو ما يجعل المسيحيين يُحكمون بالتبعية بالشريعة الإسلامية في شتى نواحي حياتهم، ويُعاملون كأهل ذمة وليس كمواطنين من الدرجة الأولى!
فالحكومة المصرية تنفذ أجندة الغزاة العرب المُحتلون الذين جاءوا يحملون السيف لنهب وسرقة واستنزاف واستباحة ثروات مصر وخيراتها، بحجة نشر الإسلام!
الحكومة تسير على خُطى هؤلاء المحتلون الذين هدموا الكنائس والأديرة وقتلوا الرهبان وسرقوا أعمدة الكنائس والأديرة لبناء المساجد والجوامع، واستلبوا طقوسًا مسيحية وأدخلوها على الإسلام!!
بل وصل التبجح بهؤلاء الغزاة إلى قيام بعضهم بمحاولات جادة لمحو الحضارة الفرعونية، ويوثق التاريخ محاولات البعض لهدم الأهرامات، وكأنها رجس من عمل الشيطان والعياذ بالله.
(هل فهمتم الآن لماذا يهجمون على الكنائس والأديرة ويستبيحون دماء المسيحيين وممتلكاتهم وحرماتهم دون ردع حقيقي للجناة؟!!!)
إن الحكومة التي تتغنى يوميًا بالمواطنة هي حكومة عنصرية في الأساس وطائفية في المقام الأول، لأنها ببساطة مُشكلة على أساس طائفي عقائدي إسلامي، ولأنها تحكم المصريين (الأقباط والبهائيين واللادينيين) وفقًا لدستور ديني عقائدي يقصي غير الذين يتبعون الإسلام دينًا ويسلبهم كافة الحقوق المشروعة في المواطنة.
إننا نريد حكومة مصرية، حكومة جيناتها مصرية بحتة، حكومة تعبر عن كافة الأطياف المصرية بمسلميها وأقباطها ولا دينييها وبهائييها، إن كنا نريد خيرًا لهذا البلد وأمنا وسلامًا لأجيالها، أما ادعاء الحكومة بقيادتها السياسية بأننا دولة مدنية فهذا كلام مُخالف للواقع ولا يسنده الدليل، وهذه ما هي إلا تصريحات أفيونية لتخدير الرأي العام المصري ولكي يضحك علينا العالم ويموت من الضحك!!! |
|
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|