رسالة غفران

بقلم: زهرة البنفسج
أعددتُ حقائبي ولملتُ متاعي وكلَّ شئوني
وجلستُ قبيلَ النافذةِ أراجعُ حساباتي
وأرنو إلى تراقصِ ضوءِ شموعي
إلهي.. أينَ أنتَ منْ أحزاني..
وكثرة همومي..
احتسبتُكَ ستكونُ دومًا في عوني
تواسيني بكلماتك..
وتمسحُ بيدكَ الحانيةِ دموعي

وألقى بيَّ القدر إلى زخم الحياة
في يمٍ سحيقٍ أطرافهُ مترامية
ألهاني الصخبُ وكثرةُ الضجيج
حتى فقدتُ معاني ومعالمَ الطريق
وأنا أتصارعُ مع أمواجٍ عاتية
ولما غلبتني (    )   وانتهيت
وجدتني أنادي عليكَ وأتضرعُ إليك
وأتساءلُ لماذا لا تستجيب
يقولون عنكَ إنكَ منكَ قريب
مهما كانت السماءُ بالغيومِ ملبدة
سيولٌ ورعدٌ وبرقٌ وريح
صوتُها مدوٍ كالزئير

أستحلفُكَ لا تشِح عني بوجهكَ الرحيم
بمن أستنجدُ إذن والدوائر –
كما ترى – عليَّ دائرة
إذا كانَ قدْ أعياني طولُ النداء
فقد أطمعني فيكَ أنكَ لا تردُ رجاء
أعلمُ أنَّ لي سجلاً حافلاً من الذلات
وأنني تخطيتُ مِرارًا الهوامشَ الحمراء
ولمْ أستمعْ لوصايا وتعاليمِ الأنبياء
وأضعتُ عمري في لغو الحديثِ مع الجاهلين
ولم أحترمْ ما جاءَ بالتوراةِ والقرآنِ والإنجيل

أعترفُ أنني لم أطعمْ فقيرًا
ولم أرعَ مسكينًا
قاطعتُ عشيرتي وأذيتُ جيراني
بددتُ أموالاً طائلة
على كافةِ دروبِ نزواتي
ولم أحتسب أن ألقى يومًا سوء أقداري
حينَ أسرفتُ على نفسي
وعزفتُ عن طاعتك
اتشح قلبي سوادًا
وحمَّلتُ جسدي أدناسًا
وهآنذا – في نهاية المطاف
لا أجدُ إلا في اللجوءِ إليكَ ملاذًا

الآنَ فقط أدركتُ أنَّ العمرَ قد ولى
وانفرطَ عِقدُ زماني
امتلأ الرأسُ شيبًا
وتبددتْ على صخرةِ الواقعِ المُرِ
ورودُ أحلامي
أراني وحيدًا وولى عني
من اعتبرتُهم في عِدادِ رِفاقي
عزفوا عني لما هَزُلَ كِياني
وتركوني فريسةً لآنين أوجاعي

لا أجدُ منْ يفتحُ لي للأملِ بابا
أو يُضيء لي شمعة
أو يُوقدُ لي سِراجًا
الآنَ تذكرتُ أنَّ لي ربًّا
شَمِلَ مَلكوتهُ السمواتِ والأرض
وأنَّ ليسَ لي منْ قدري في لقائِهِ
منْ مهربٍ أو مفر
الآنَ أيقنتُ ووعيت
كم أخطأتُ وعلى نفسي جنيت

إلهي.. ها أنا أقرعُ الأبواب
لا تجعل جوابَكَ لي
مزيدًا من الحرمان
أعطني خلاصي من كل ذنوبي
وادفع عني أثقالَ ديوني
ومن ثَمَ اقتلني وازهق روحي
وازجرها واطردها
وقُلْ لها ألا تعودي
ولكن بالله عليكَ .. لا تعذبني
وتغلقُ الأبوابَ دوني
فليس دونَ وجودِكَ
في الكون قيمة لوجودي