بقلم / د. وجيه رؤوف
نصحنا بعض الجيران المختصين بتربية الأرانب لما في لحومها من بروتينات مفيدة كما أن لحومها لا تحتوي على الكثير من الكولسترول مما يعطيها مذاقاً لذيذاً مع فائدتها الصحية العالية وقد قمت على الفور بتنفيذ هذه الفكرة اللذيذة ولا أخفيكم سراً أنها راقت لي كثيراً لما لها من توفير اقتصادي في ظروفنا الاقتصادية الحالية، فأعددنا غرفة خاصة مجهزة ومعزولة خوفاً من أنفلونزا الطيور لا سمح الله كما أعطيناها الطعوم الخاصة الوقائية ضد الأمراض بعد استشارة الدكتور البيطري.
وكان لنا ما أردنا من تربية الأرانب التي تتوالد بكثرة وبإنتاج وفير غير خاضع لقوانين تنظيم الأسرة وإنما بإنتاج تشجع عليه الدولة طالما كان بعيداً عن الإنتاج البشري الذي يهدد تعداد السكان وينذر بأزمة في المساكن وأيضاً بأزمة في المياه ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهيه السفن حيث ظهرت قوافل من الفئران التي هاجمت الأرانب بقسوة، وبرغم أن الأرانب كبيرة الحجم والفئران صغيرة إلا أن الفئران تمكنت من قتل صغار الأرانب وابتلاعهم كما تمكنت من قضم آذان الكبار!!
ووقعنا في حيرة كبيرة كيف نكافح هذه القبائل من الفئران واستقر بي الأمر إلى شراء مصائد للفئران وتمكنت من اصطياد العشرات ولكن لم تنتهي الأزمة أبداً حيث أنه من المعروف إن الفئران هي الأعداء الطبيعية ضد الأرانب وأنها استكانت لتلك العداوة فتأتي الفئران دائماً لتلتهم الأرانب، فقمنا بتحكيم باب الغرفة الصغيرة حتى لا تأتي الفئران ولكننا اكتشفنا أن الفئران قد صنعت أنفاقاً تحت الأرض للهجوم على الأرانب المسالمة ولقد أعيتنا الحيل حتى بعد أن سددنا الأنفاق ولكن ذات يوم أبلغتني زوجتي أن الفئران قد تركت المكان يعني بالبلدي طفشت!!
فاندهشت: مش ممكن أزاي؟؟ فأدخلتني زوجتي إلى المكان الذي به الأرانب لأفاجأ أنه عند الباب توجد قطة صغيرة عمرها لا يتعدى الأسابيع ولكنها تصدر صوت نواء عالي مما تسبب في هجرة الفئران جميعها وتأملت جسد القطة النحيل الضعيف والتي لا تتناول الطعام لصغر سنها وإنما تتناول الألبان فقلت لزوجتي:
هل تعنين أن الفئران المفترسة التي تبتلع الأرانب تخشى هذه القطة الصغيرة؟؟!!
فأجابتني: بنعم
فسألتها: ولكن كيف أنه بحسبة صغيرة فأن الفئران تستطيع التهام القطة؟؟
ولكن زوجتي قالت إن حجم الأرنب يفوق حجم القطة أضعاف المرات ولكن الفأر لا يخشى الأرنب الكبير ولكنه يخشى القط الصغير وذلك لأن القط له صوت أما الأرنب فليس له صوت يحميه.
وذهبت في تأمل عميق في هذه القصة فالتوازنات في عالم الحيوان وقانون الغاب لا تعتمد فقط على قوة البنية وإنما يعتمد أيضاً على قوة الصوت والقدرة على الترويع.
وبالقياس إذا اعتبرنا أن العالم الذي نعيش فيه هو صورة من عالم الغاب الذي يأكل فيه القوي الضعيف دون النظر إلى أي نوع من الاتفاقيات ولا المبادئ لوجدنا أن ظروف المنطقة كلها تبنىَ على قوانين الفئران والأرانب والقط، فلو اعتبرنا أن المجرمين الذين يتسلحون بالأسلحة هم الفئران وأن الأرانب المسالمة هم الضحايا العُزّل من السلاح وأن القط الصغير هو مسئول الأمن الصغير إذا أدى عمله بأمانة والقط الكبير هو أعلى منظومة أمنية إذا أدت عملها بأمانة.
من هذا نفهم أن القط الصغير إذا ابتعد عن الحظيرة فأنه يعطي إشارة للفئران بالهجوم على الأرانب أما إذا أدى عمله كاملاً فأن الفئران لن تجرؤ على الهجوم!! أما غياب القط الأكبر عن حماية الأرانب فمن الجائز أن يكون بقصد منه أو بدون قصد، إما أن يكون بقصد فهو أن يكون القط الأكبر يحب الأرانب جداً ويريد زيادة محبتها بأن يجعلها تعاني من الفئران وتتمنى رضاء أرجل القط الأكبر.
وربما يغيب القط الأكبر ليرسل رسالة إلى الفئران مغزاها أنا معاكم مش عليكم اتقاء لشرهم وقد يكون غياب القط الأكبر هو نوع من أنواع الهروب حيث أن مقاليد الأمور لم تعد في يده أو أنه من الصالح للقط الأكبر الهاء القطط والفئران في حروبهم معاً وهو مكبر دماغه من ناحيتهم.
المهم والخلاصة إنني استطعت حماية الأرانب التي أملكها أما الأرواح المسالمة التي لا تحمل سلاحاً تدافع به عن نفسها ضد الفئران والقطط التي تركت دورها في مكافحه الفئران, فأقول لهذه الأرواح المسالمة:
إن لها رب يحميها
وأقول قول رب المجد: (سأرسلكم كحملان وسط ذئاب ولكن ثقوا أنا قد غلبت العالم). |