اكسرني أكثر يا يسوع!!
اكسر عنفواني وشموخي الفارغ.
حطِّم كبريائي الأجوف!!
اسحقني يا سيّدي سحقاً، ففي الإنسحاق أريجٌ يفوح، وعطر يسوح، وشذىً يتضوّع، فأنا على يقين أنّ الزهور والرّياحين والورود إن هي انسحقت تحت ثقل الأصابع فاحت وملأت الأرجاء فوْحاً وعِطراً.
وكذا نحن، علينا أن ننسحق عند أقدام الصّليب، ونتواضع تحت يديك القويتين، فالتعالي نقيصة تُبخِّر المحبّة، وتسرق الطمأنينة وتزرع في النَّفس حقداً وعِداءً... تزرعه في الدّروب والقلوب: قلوب المُتعالين والمُتعالى عليهم.
ما كُنتُ هكذا من قبل.
ما كان الإنكسار في قاموسي، فكيف بالإنسحاق.
كنتُ أمقت الإنكسار والتّذلّل، كنت "أجُرُّ الذّيْلَ فوق السّحاب"، وأشمخ إلى فوق وكأن هذه الدُّنيا ضيّقة عليّ، فأضيق بها وأتضايق، فلا أريد إلا الرَّحب والفُسحة والطيران!!
ولكنني ما وجدت لَذةً ولا طمأنينة... أقول ما وجدت طمأنينة، فكنت أبداً في صراع ودوماً في عدْوٍ وهرولة، يجب أن ألحق بالرَّكب، وأن أصارع و"أدوسَ" من يقف في طريقي، وأتسلّق الأكتاف، وأغنّي المصلحة الخاصّة أغنية شجية.
اسحقني يا سيّد وشكّلني كما تريد، فأنا طوْعُ بنانكَ، أريد وأرغب وأحبّ أن أعمل مشيئتك، ولن يكون هذا إلا إذا وظّفت وسيّرت مشيئتي حسب مشيئتك، ونزعت من دربي الأشواك، ومن قلبي المرارة ومن ضميري التّكبّر، وحملت صليب آلامي وسرت خلفك.
اسحقني يا سيّد، فأنا رهن يديْكَ، يديْكَ وحدكَ، فأنا معك وبك قويّ: يسامح ويحنو ويشفق ويداوي ويُبلسم ويبكي ويتألم من أجل الغير، ويُحبّ حتى المُنتهى... أنا بك ومعك شامخ، عزيز النَّفس ملكٌ.
أنتَ المثال.
أنت الأنموذج
أنت السِّيرة العطرة والنَهج المُقدّس.
اسحقني، فالإنسحاق عند أقدام صليبك قوةٌ وبأسٌ وجَبَروت. |