بقلم: منير بشاي لو كنتُ مِصريًا مُسلمًا يؤمن بدينه، لأدركتُ أنني مصري (قبطي) أولاً قبل أن أكون مسلمًا، وأنه تربطني مع كل المصريين المنتمين لديانات أخرى صلة رحم وقربى، فقبل أن نكون شركاء في الوطن نحن نشترك في الجزور وننحدر من نفس الجدود. لو كنتُ مِصريًا مُسلمًا يغار على دينه، لبذلتُ كل جهد لوقف محاولات تشويهه، ولأنني أعلم أن الله لا يقبل الظلم والعدوان، لعملت ما استطعت لتغيير المفاهيم التي تحض على هذا، والناتجة عن سوء تفسير بعض نصوصه، وطالبت بإعادة تفسيرها بما يضمن التطبيق الإنساني لها، وذلك حتى تساعد الناس على العيش المشترك في سلام ومحبة وأمان. لو كنتُ مِصريًا مُسلمًا يهمه أن يجذب الناس إلى دينه، لعرفتُ أن الدعوة الفعالة للدين تبدأ دائمًا بالدعوة الصامتة، بالسلوك الحسن والعمل الطيب.. فعندما يرى الناس سلوكي وتقواي سينجذبون إلى ديني تلقائيًا وعن طيب خاطر.. أما محاولات الخطف والإغراء والإجبار والتهديد والتزوير، فحتى إذا أدت إلى اعتناق البعض لديني، فهو اعتناق مزيف، لا يُبنى على اقتناع، ولا قيمة له عند الله. لو كنتُ مِصريًا مُسلمًا ومُسالمًا، لا يقبل العنف، لكنتُ أول المحاربين ضد من يخطفون ديني ليرهبوا باسمه الأبرياء ويروعوا الطفل والمرأة والشيخ، ولاعتبرت أن هؤلاء لا يُسيئون إلى الإسلام وحده، ولكن يُسيئون لي أنا شخصيًا.. وأنهم عندما ينتهون من قتل من يخالفهم في الدين من المسيحيين واليهود، سوف يأتون ليقتلوا من يختلف معهم في العقيدة من بين المسلمين.. فهؤلاء هم الذين قتلوا فرج فودة، وحاولوا قتل نجيب محفوظ، وهددوا بقتل سيد القمني. لو كنتُ مِصريًا مُسلمًا يريد أن يقدم للناس صورة مضيئة عن الإسلام، لاشتركتُ في كل مظاهرة ضد الإرهاب الإسلامي، ومشيتُ في جنازة كلِّ مسيحي قتله الإرهاب الإسلامي، وذهبتُ لزيارة كل مريض أصابه الإرهاب الإسلامي بأذى، ولبكيتُ مع كل أم راح ابنُها ضحية للإرهاب الإسلامي، ولطالبتُ بأقصى العقوبة على كل إرهابى مسلم يُروِّع الناسَ باسم الإسلام. لو كنتُ مِصريًا مُسلمًا يُناصر الحق، لاعترفتُ بوجود تلك العناصر الإرهابية في ديني، والذين يحملون اسم الإسلام ويسيئون إليه، وكنتُ لا أتضايق إذا خشى الناس منهم أو حتى مني لأني مسلم، فكيف يتأكد الناسُ مما إذا كنتُ متطرفا مثلهم أم لا؟ وكنت لن أتضايق حينها إذا فحصوني في المطارات بطريقة غير عادية لأنني مسلم، بل على العكس، كنتُ سأسر بكل من يحاول أن يكشف هؤلاء الإرهابيين لكي يُجنب العالم ويُجنبني أنا شخصيًا أهوالهم وإرهابهم.. فالحقيقة التي تؤكدها الإحصائيات، أن معظم الإرهابيين ذكور مسلمون تتراوح أعمارهم ما بين السادسة عشر والخامسة والأربعين. لو كنتُ مِصريًا مُسلمًا يؤمن بحق الآخر، لطالبتُ بحق المسيحي المصري في المساواة مع أخيه المسلم أمام القانون، وفي الوظائف والترقي لأعلى المناصب طبقا لكفائتهم وليس بناءً على انتماءاتهم الدينية، وطالبت بحقهم في بناء دور عبادتهم، وفى حق الجميع لاعتناق الدين الذي يرغبونه وحقهم في تغييره في السجلات الرسمية.. فالواثق من دينه لا يخشى عليه من المنافسة.. وفي النهاية هناك إله في السماء سيكون له الحكم النهائي وهو ليس بعاجزعن حماية دينه حتى يُطالب الناسَ بإجبار الآخرين على الدخول فيه. وأصارحكم القول إننى لو كنتُ مِصريًا مُسلمًا يؤمن بهذه المبادىء لاعتقدت أن حياتي ستكون مهددة وقد لا تستمر طويلاً.. ومع ذلك فالأفضل لي أن أموت شجاعًا عن أن أعيش جبانًا. ختامًا يجدر الإشارة أن هذه ليست مثاليات بعيدة عن عالم الواقع، فرغم ازدياد التطرف الديني في مصر، والذي أدى الى أعمال العنف التي كان آخرُها ما حدث في نجع حمادي، إلا أن مأساة نجع حمادي قد أظهرت أيضًا معدن العديد من مسلمي مصر الشرفاء، الذين عكست مواقفهم هذه المبادىء وأكثر.. لهم منا جميعًا خالص التقدير والعرفان. |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا |
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا |
تقييم الموضوع: | الأصوات المشاركة فى التقييم: ١٢ صوت | عدد التعليقات: ١٧ تعليق |