بقلم: د.صبري فوزي جوهرة كنت قد توجهت الى السلطات الكنسية بخطاب اقترحت فيه انشاء جامعة قبطية فى تسعينات القرن الماضى، وكان ذلك فور اعلان افتتاح اول جامعة اهلية فى مصر. و لكنى لم اتلقى اى رد او اشارة بأن الرسالة قد وصلت. و بعد سنوات, اتيحت لى فرصة الحديث المباشر فى هذا الامر خلال لقاء شخصى مع شخصية كهنوتية رفيعه تساهم بقدر كبير فى اتخاذ القرارات الصادرة من رئاسة الكنيسة, و على علم وثيق بحقائق و بواطن الامور. ولكن، ولاسفى الشديد و للمرة الثانية لم اتلقى اجابة واضحة. الا اننى توصلت بالحدس و تلمس الايماءات التى شاهدتها من الجانب الاخر الى ان القيام بهذا المشروع الحيوى لا يلقى استحسانا او قبولا من السلطات الحكومية او ان السلطة الكنسية تخشى المضى فى هذا العمل الهام لسبب ما يتعلق بعلاقتها بالدولة . و بناء على ذلك لم يكن الامر عندئذ موضع بحث او اهتمام . بالاضافة الى المعاهد الاكاديمية و الكليات التى تعد المهنيين، يمكن اضافة معاهد فنية تؤهل خريجيها للنزول الى سوق العمل المتعطش الى خدماتهم فتقل البطالة المعلنة و المقنعة التى يعلم الجميع بتفشيها فى المجتمع المصرى و يتضائل ما تجلبه هذه البطالة على البلاد من كوارث نلمسها جميعا فيما آلت اليه احوال الانسان المصرى الذى كان يتمتع بدرجة من التحضر حتى و ان حرم من التعليم. فى اعتقادى، و اظن ان هناك الكثيرون من المصريين و ربما علماء الاجتماع يشاركوننى هذا الظن، ان مصر فى حاجة اكبر الى صاحب الحرفة الذى تعلم اصولها على اسس علمية و عملية سليمة من حاجتها الى مهنى ينتهى به الامر بالتخلى عن مهنته التى اضاع فى سبيلها سنوت التعليم الجامعى ليتكسب من حرفة لم يدخل اليها عن طريق التعليم و الممارسة تحت اشراف من لهم خبرة اكبر بها بل غاص فيها اعتباطا فيصعب عليه اتقانها و يتعثر انتاجه فى اسواق المنافسة الشرسة التى هى طبيعة احوال السوق حيث يلجأ فعلا الان الكثيرون من "المهنيين" الى الحرف و يقتحمونها "بالدراع"، حتى يتجنبوا اهوال البطالة اذا ما انتظروا فرص عمل فى مهنتهم و هى فرص لا تأتى و ان جائت فبوساطة ذوى النفوذ من الاقارب والمعارف. لقد افقر التكاثر السكانى الهندسى السريع، الى جانب البلاوى الاخرى المعروفة، مصر و انهك مؤسساتها و اظلم مستقبل ابنائها. جاء ايضا حديث مريب، خفت صوته ربما مؤقتا، عن تغيير شروط الالتحاق بجامعات الدولة و معاهدها العليا لتصبح اسبقية الدخول فيها بناء على النجاح او القبول فى "لقاء الشخصى (بيرسونال انترفيو)" بدلا من الرجوع المطلق لدرجات الثانوية العامة. و نعلم جميعنا ان هذا التهريج المفضوح و ما سيجلبه من اطنان الكوسة العفنة خاصة على الاقباط و من لا ظهر له من المسلمين، وهو احد الخطوات الحثيثة التى وعد بها المخروم المؤمن اترابه بان يجعل من اقباط مصر ماسحى احذية. اعدت تقديم فكرة انشاء الجامعة القبطية التى تفتح ابوابها لجميع ابناء مصر من اقباط و مسلمين، كما كان الامر فى مدارس الاقباط ايام الحرية و الانفتاح و الرخاء والتى اخرجت وزراء و رؤساء وزارات لمصر. جاء هذا التنبيه خلال ما عرف فيما بعد باجتماع نشطاء الاقباط فى فرجينيا فى مارس 2009. لقد وثق المسلمون المصريون فى الاقباط و مدارسهم فى الماضى لاسباب وضحت لهم, و لا شك عندى ان هذه الدواعى ما زالت قائمة بل لعلها قد قويت بالرغم من تهتك العلاقة بين مسلمى مصر و اقباطها. و لكنا ما زلنا نرى المسلمين يسعون بكل جهد لارسال ابنائهم الى المدارس المسيحية فى مصرحيث يكونون مثل نظائرهم المسيحيين دائما موضع الرعاية و العناية و التعليم الجاد المجدى. و لعل فى تقديم وتوفر هذه الظاهرة على مستوى التعليم العالى ما يوثق عرى الوحدة الوطنية التى يتحدث الجميع عنها صادقين كانوا او مدلسين. لذا ادعو الى عدم ادخال الرئاسة الكنسية فى هذا الشأن اطلاقا. بل و الابتعاد عن فكرة اقامة المبانى اللازمة داخل سياج الانبا رويس (مع تفهمى بانه قد يكون فى ذلك بعض الحماية من بلدوزرات الهمج). بل اننى ارى جمع التبرعات ايضا من المسلمين المصريين المتفتحين الواعين بفوائد التعليم الراقى ذى يؤهل ابنائهم و بناتهم و يفتح امامهم ابوب العمل المجدى لهم و للبلاد. لا شك ان هناك بين الاقباط، و من يرغب من المسلمين المصريين، خاصة الذين درسوا و عملوا بالخارج فى جامعات و معاهد الغرب الشهيرة، الكثيرين ممن يستطيعون التبرع باوقاتهم و خبراتهم فى التعليم الجامعى ليدرهذا المشروع العظيم اكبر الخيرات على مصر. كلنا نعلم ان ليس بين جامعات مصر حاليا ما يرقى الى قائمة افضل ٥٠٠ جامعة فى العالم. لعل المشروع القبطى يبدل هذا الحال المشين. و لدينا نحن الاقباط, من كان منا فى مصر او فى المهجر, الاموال و الكفائات ما يمكننا من القيام بهذا الواجب نحو مصر و نحو انفسنا. |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا |
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا |
تقييم الموضوع: | الأصوات المشاركة فى التقييم: ٢ صوت | عدد التعليقات: ٤ تعليق |