CET 00:00:00 - 05/02/2010

مساحة رأي

بقلم: د. وجيه رؤوف
طبعًا نحاول نحن المثقفين والليبراليين دومًا محاوله إيجاد أرضية واحدة للتلاقي حتى تستطيع الأمه أن تنهض ويستقر حال البلاد والعباد, ولكننا لا نستطيع أن ننكر دور الدولة الريادي في زرع الطائفية بالبلاد وذلك عن طريق السماح للخطاب الطائفي أن ينتشر فى جميع الأوساط وجميع المستويات.
فالإعلام المرئى والمسموع يعتبر عاملا رئيسيا من أدوات التربيه والثقافه، ولا نستطيع ان ننسى السقطه الكبيره التى سقط فيها الرئيس المؤمن حينما حاول أن يتغلب على التيار الناصرى فما كان منه ألا أن فتح المجال أمام الوصوليون ليعتلو كل المنابر بالإضافه إلى أختراق كل النقابات وكل المجالات.

كما وجهت السياسه الأعلاميه للخطاب الدينى حتى يصبح الشعب هو الشعب المؤمن الذى يحكم بحاكم مؤمن يؤمن بأخلاق القريه , وطبعا جاءت هذه الشعارات البراقه على وتر الدين العاطفى الذى استغله المتطرفون أبشع أستغلال , وطبعا قام جهاز التليفزيون المؤمن أيضا بإلغاء حفلات الرقص الشرقى التى كانت تقدمها راقصات مصر الأول مثل سهير ذكى ونجوى فؤاد وهياتم وكانت تخصص لها السهرات التى تمتد بالساعات ولم تكن تقدم حفله على أى مسرح دون أن يتخللها حفل الرقص الشرقى.
وطبعا بعد ان غسل تليفزيون مصر ثيابه من عار الفسق الذى كفر عنه بعدم تقديم تلك الحفلات , وأوغل بدلا من ذلك فى تقديم الأئمه الكبار فى برامج التليفزيون بدايه من نور على نور إلى آخره مما اعطى هؤلاء الشيوخ الأفاضل الألمعيه والشهره التى زادت عن نجوم السينما , ناهيك عن جرعات التكفير العاليه التى تم نشرها لكى ينظر كل مسلم إلى جاره المسيحى بنظره ( نحن الأعلون ) , و بالطبع زادت شهره هؤلاء الدعاه حينما أقنعوا جميلات السينما ممن كانوا يقومون بأفظع ادوار الإثاره والخلاعه إلى التقوى والورع وحولوهم إلى داعيات.
حقيقه أمتلأت ساحات ماسبيروا بروح الطهاره والورع ومع زياده هذا التيار لم يصبح هناك داعى للعلم ولا للعلماء , فيكفيك ان تسأل الداعيه عن كل شىء وأى شىء وهو يجيبك بإذن الله.
وبالطبع تضائل دور العلم والعلماء خصوصا بعد ظهور أجيال من العلماء المؤمنين بطب يعود إلى ألاف السنين القديمه , وبعد هذا الدور من السيطره على كل الأجهزه والنقابات وتدينها لم يترك أى شىء إلا وتم حشر الدين فيه.
فمثلا ذبح الحيوانات والطيور لابد أن يكون على أساس الشريعه , بل وامتدت تلك إلى تغيير لغه الكلام بين الناس , فأصبحت كلمه صباح الخير ومساء الخير حرام واصبحت كلمه السلام عليكم ليلا ونهارا هى الشرعيه فى أيام السلام والحرب , ويوما وانا طالب فى أسيوط فى أيام بدايات الطائفيه وجئت متأخرا إلى المحاضره بعد أنتهائها وانا اسأل احد الزملاء :
أخدتوا المحاضره ؟؟
فأجابنى : إن شاء ألله أخدناها .
وطبعا استغربت فكلمه إن شاء الله تعبر عن حدث من الممكن أن يأتى وليست عن حدث تم قضائه , وكان يجب أن يرد :
شاء الله واخذناها .
ولكن يبدوا أن التعبير كان لسه طالع جديد ولم يأخذ حظه من التدقيق , والحقيقه طالت هذه الطائفيه الجميع وحتى بعض الأخوه المسلمين المعتدلين.
ولى تجربه مع أحد الأصدقاء المسلمين وهو طبيب سافر إلى السعوديه وهو عزيز على ويقوم بالمعايده على دائما , ومن فتره إلى أخرى كنا نتحادث على الياهو ميسنجر باستخدام الأسبيكر والسماعات وفوجئت به بعد حديث طويل وهو يختم معى الحديث يقول لى :
يالا بقه طولت عليك مع السلامه , لا إله إلا ألله .
وفوجئت ولكننى ردت عليه مسرعا :
كلنا عبيد الله.
طبعا أسقط فى يده فقد تناسى وهو يخاطبنى أننى مسيحيا وأنا أعلم ذلك وألتمس العذر له , ولكننى اذكر هذا لكى اؤكد أن اللغه الطائفيه قد أثرت على الكثيرين.
ما دعانى لكتابه هذا المقال اليوم هو شىء آخر حدث بينى وبين زميل فى المهنه أعتز به وأكن له كل أحترام وتقدير ومحبه وهو مسلم الديانه و قد تعرض معى إلى ظلم كبير منذ عده سنوات وقد كنا نصبر بعضنا بعضا حتى أستطعنا سويا أن نمر من تلك المرحله منتصرين بعون الله , كنا معا وجاء أحد الأخوه المسلمين بطلب يريد زميلى أن ينجزه له , وألح على زميلى ألحاحا كبيرا , فوجدت زميلى دون ان يقصد يقول له :
والله هاخلص لك الطلب بتاعك و أنت مسلم ولازم تعرف إن كل المسلمين أخوات ,
فوجدت نفسى بسرعه أقول له :
كل المسلمين أخوات ,
طب ماشى , أطلع انا بره بقى ؟؟!!
فوجدت زميلى العزيز يأتى إليا ويقول لى : معلهش واللهى ماخدت بالى , ما أقصدش يا وجيه .
وانا طبعا عازره وعارف انه ما يقصدش لأنه انسان طيب وقلبه كبير والخير مالى قلبه وانا عارف معزتى عنده وهو يعرف معزته عندى , ولكن كل هذا يدل على أن الخطاب الطائفى ترك اثره عند الكثيرين وطال الكثير من المعتدلين أيضا ,إلى جانب أنك تجد كثيرا فى لغه الحديث والتجاره فى البيع بين التاجر والمشترى تجد التاجر يقول للمشترى : ياعم انت هتطلع روحى فى البيعه دى , أنت مش مسلم ولا أيه ؟؟!!

طبعا النظره الشموليه والتى يعيش فيها الشعب والتى تبنى على أقصاء الآخر وعدم الأعتراف بوجوده هى ليست وليده اللحظه فهذا نتاج تراكم ثقافى رجعى كبير أدت أليه وسائل الأعلام بسبب عدم محاسبتها ومباركه الدوله لما تقوم به من خطاب طائفى موجه للجميع من كل الأعمار والمستويات ,
نحتاج إلى وقت طويل كى نعيد مصر إلى ماكانت عليه قبل اتنين وخمسين حين كان من الممكن ان يعتلى القس منبر الجامع ويعتلى الشيخ منبر الكنيسه , لكى يتم هذا ويصبح الدين لله والوطن للجميع , نحتاج الكثير لفعله .

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٢ صوت عدد التعليقات: ٥ تعليق