CET 00:00:00 - 04/02/2010

مساحة رأي

بقلم: ماهر طلبة
من زمان... زمان أوي فيه سلطان، مانقدرش نقول عليه طيب، لكن كمان ما نقدرش نقول عليه شرير، لإننا وبصراحة شديدة مانقدرش أبدًا نقرب من سلطان علشان نحدد طبيعته أو يمكن لإنه من المستحيل فعلاً إنك تعرف تحدد طبيعة أي سلطان أو يمكن لإنه فعلاً السلطان مالهوش طبيعة أساسًا...
سُلطاننا دا مرة فتح بلد بطوبة، ومرة فتح بلد بعجلة، ومرة فتح بلد بحصان خشب، ومرة لما فتح بلد حلف ليجري نهر بالدم بدل المية، ومرة فتح بلد بقنبلة ذرية، ومرة... ومرة... ومرة.... الخلاصة إنه عمره ما وقفت قدامه بلد ولا استسلم وحب هو بلد، وعلى أي حال سُلطاننا عاش عمره كله سلطان.. يأمر ماحدش يقدر يرد الأمر وينهي ماحدش يقدر يقول له لا...
في يوم من الأيام.. سقطت في بير حلم سلطاننا سبع بقرات، سلطاننا صحي م النوم مفزوع.. مصدع من حركة البقرات في راسه.. نده على الحاجب وأمره يجمع كل حكماء المملكة وسحارها وأطبائها يمكن حد منهم يقدر يطلع بقراته السبع إللي وقعوا في بير حلمه.. ولما جه إللي يقدر يفسر حلم السلطان.. ضحك وقال له:

- يا مولاى.. السبع بقرات... سبع رحلات... في سبع بلاد... هتلفهم في سبع سنين.. هتشوف فيها سبع عجايب.. هتنسيك إنك سلطان سبع سنين.
"..سلطان ينسى إنه سلطان سبع سنين.. يبقى إيه المستحيل؟!... يبقى إيه المستحيل؟!!!"
- مولاي لازم تاخد أول مركب وتبدأ رحلاتك علشان بقرات حلمك تخرج وترجع تاني للدنيا سلطان.
".... عبيط دا ولا أيه؟!!!... أسيب السلطنة سبع سنين؟!!.. أكيد دا مش حكيم!!!"
سلطاننا إللي عمره ما حسب للدنيا ولا عمل لها حساب نده وزيره...
- يا وزير لو سافرت مين يكون سلطان؟!! مين يكون سلطان؟!! مين يأمر ومين ينهي؟!! إزاي هتتحركوا وانتم من غير رجول؟!! وإزاي هتفكروا وانتم من غير عقول؟!! يا وزير.. من غيري إزاي الدنيا تكون؟!! إزاي الدنيا تدوم؟!!
الوزير -إللي عمره ما فكر أو خطر على باله الفكر– سكت كأنه مات..

يوم، اثنين، ثلاثة... سلطاننا يقاوم أحلامه بالسهر، وصداعه بأدوية الوهم.. لكن في النهاية غلبه ليل فنام ونزل بير حلمه، سلطاننا لاحظ إن بقرة من بقرات حلمه دبلانة وحزينة زي ما يكون صابها مرض، فقلق وخاف.. مش بس على البقرات لكن كمان على نفسه.. يعمل إيه لو ماتت بقرة في راسه..
الصبح مع أول خيط للنهار... إللي كان يعدي على البحر يومها كان يشوف سلطنا وهو واقف على الشط في وداعه وزيره ورجال قصره ورجال جيشه وشرطته مستني أول مركب تعدي على بحره... علشان يبدأ رحلة سفره..
البحر إللي عمره ماركبه سلطان احترم نفسه، فخلق أمواج خفيفة تزق المركب صحيح لكن ماتقلقوش، والريح -إللي دخلت مرة قصر سلطاننا وكان هيطير رقبتها واسترحمته فعفا عنها في آخر لحظة- حضنته بكل حنان ورمته على أول شط يقابله....
وهنا وقفت حكاية السلطان، لكن التاريخ بيقول لنا وكمان بيقول لسلطاننا إن فيه واحدة اسمها شهرزاد استغلت بعد زمن طويل.. طويل حكايات سلطاننا ورحلاته السبعة علشان تخلق حكايات مزيفة شوهت فيها تاريخ سلطاننا علشان تشغل بيها بال واحد تاني كان اسمه شهريار برضه كان سلطان....

(سلطاننا مثلاً اتعصب جدًا و دور في كل كتب التاريخ عن عنوان شهرزاد علشان يطير رقبتها لما قرا إللي كتبته عنه في الرحلة الرابعة، لما نزلت مركبه بلاد السلطان الغول وبدأ السلطان الغول يأكل البحارة والركاب لكن ماكلش سلطاننا، مافكرش ياكل سلطاننا، ماكنش ممكن ياكل سلطان.. هو دا القانون، واللي مافهمتوش شهرزاد.. السلطان مش ممكن ياكله سلطان.. قانون... فاخترعت حكاية الجوع والهم وعدم السمنة علشان تنجي المدعو سندباد البحري)
المهم إنه بعد سبع سنين، وسبع رحلات في سبع بلاد، شاف فيهم سلطاننا سبع عجايب، صحي سلطاننا من نومه في يوم على صورة أرض عارفها وناس حافظ أشكالها وتفاصيلها... كانوا زي ما سابهم بالظبط، واقفين على نفس الشط، بنفس الهيئة ونفس اللبس، في نفس الوضع... كل واحد زى ما سابه بالظبط إلا هي.. اتغيرت خالص عن يوم ما سابها... كانت الخضرة كستها.. مابقتش ملط زي ماكان سايبها.. زي ماكان حاكمها...

"ياترى هتقبله تاني سلطان.. يا ترى هتفتح له تاني بابها وتسيبه يمشي تاني في شوارعها... تنام في حضنه وتنسى كل اللي ماتوا عشانها وللا... الخضرة دفتها ونستها دفى السلطان..؟"
سلطاننا نده على وزيره... لكن فين وزيره.. ماتحركش.. مانطقش.. نده على رجال قصره... على عساكره... لكن مافيش حركة.. مافيش صوت... كل إللي كان فاضل منهم هياكل عظم... لما ضربهم صوت السلطان وقعوا واتحطموا وصاروا تراب.....
عارفين أنا خلقت لنفسي مشكلة مالهاش حل... سلطان مالوش وزراء ومالوش بلد يبقى عليها سلطان... ووزراء ورجال دولة ماقدروش وما يقدروش (وأنا مفروض إني عارف دا) يعيشوا من غير سلطان... ودولة ماعرفش مين بيحكمها لكن بالتأكيد بعد ما لبست خضرتها مش هتقبله تاني عليها سلطان... أعمل إيه بيه؟!..
أقول لكم.. أنا هاسيبه في الصفحة واقف على الشط يرعى بقرات حلمه ويراجع حياته، يمكن ترجعه تاني مهنة الرعي لإنه يعيد التاريخ من أول وجديد..

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٠ صوت عدد التعليقات: ٠ تعليق

الكاتب

ماهر طلبه

فهرس مقالات الكاتب
راسل الكاتب

خيارات

فهرس القسم
اطبع الصفحة
ارسل لصديق
اضف للمفضلة

مواضيع أخرى للكاتب

أبناء الأسد

ليلى والبنات الثانية

النساج والتوب

الصياد والبحر

السلطان والحلم

جديد الموقع