بقلم: د. صبري فوزي جوهرة
تقول نكتة قديمة أن أحد الأونطجية أراد أن يركب الاتوبيس درجة أولى سفلقة دون أن يدفع قيمة التذكرة. وعندما جاءه المحصل ادعى هذا النصاب أنه بحث عن محفظة نقوده ولم يجدها وأعلن أن أحدًا من الركاب قد نشلها ونزل من الأتوبيس. فعرض عليه المحصل النزول الفوري من الحافلة أو إن أراد إكمال رحلته أن "يلطعه على قفاه" عشر لطعات عوضًا عن أجر التذكرة إن اراد الجلوس في الدرجة الأولى وخمس لطعات إذا قرر الرجوع إلى الدرجة الثانية. قبل النصاب العرض وتلقى خمس لطعات مشبعات على قفاه وذهب إلى خلف الحافلة.
وفي المساء, عندما ذهب ليجلس على القهوة, لاحظ احد اصدقائه احمرار قفاه الشديد مما دعاه للاستفسار عن هذا التغيير الملحوظ فى لون قفا سمير الانس. فقص الاونطجى القصة لصديقه معترفا انه قد تلقى خمس صفعات شديدة من محصل الاتوبيس مما اثار ضحك وسخرية السامعين. فازداد حرجه امام الشلة واردف قائلا: لكن انا برضه خميته (يقصد المحصل), واول ما دور وشه رحت قعدت فى الدرجة الاولى!
تشابه هذه النكته ما قاله معلم مسمط الشعب المعروف بصاحب قراره. ففى لغة يحسده على اناقتها اجدع حشاشى الباطنية, تهلل المعلم مبشرا اترابه فى الغرزة بان قرار ادانة البرلمان الاوروبى لحكومته لخيبتها وربما تآمرها فى تناول مذبحة نجع حمادى "طلع فشنك" وان معاليه اخد خمس لطعات على قفاه بس مع انه تسلل بعد كده وقعد فى الدرجة الاولى وكان لازم يتلطع عشرة! قولوا لى انتم اية خيبة واسفاف وسوقية تدنى اليها البنى آدم الذى يمكن ان ينتهى به الامر رئيسا لجمهورية مصر حسب الدستور فى حالة اختفاء الرئيس المتربع حاليا من على المسرح , وان كان ذلك مؤقتا, الى ان يتوج الوريث الشرعى رئيسا مستديما للعزبة. تصوروا رئيس جمهورية يتحدث امام العالم بمثل هذه اللغة وهذا المنطق!
على ان بتاع الخطوط الحمراء لم يكن فى امانة وشجاعة البلطجى المذكور عاليه فى النكته, فلم يذكر لنا دولته باس كم حذاء ايطالى فاخر وكم "لوفر" المانى متين وكام كعب عالى نمساوى انيق وغيرها وغيرها, ليتمكن من احراز هذا النصر البرلمانى المبين و"يخفف لهجة" القرار الاوروبى. لم يخبرنا المعلم عما قاله الطرف الاخر له وهو يتضرع لتخفيف لهجة القرار, عندما با س القدم (و مش عارف اذا كان ابدى الندم ام لا) "لفشنكة" الادانة الاوروبية الجماعية ؟ وهل هناك احد وصلت به البلاهة والبلادة بالقدر الذى لا يرى مقدار الادانة العالمية الصارخة لجرائم السلطة المصرية التى هو ركن من اركانها المتهاوية بحق اقباط مصر؟ يعنى لازم يهزؤك اكتر من كدا علشان تحس؟ من الواضح انك مش ناوى تحس!
ولكن لماذا العجب والتعجب؟ اليس هذا الشخص هو واضع تقرير العطيفى فى اعماق درج مكتبه ودفس الى جانبه مشروع القانون الموحد لبناء دور العبادة دون سبب معلن؟ اليس هذا هو ذات المخلوق الذى يترأس "مجلس" يتربع فيه تجار المخدرات ومرتكبى العن الموبقات والسرقات او المتغاضين عنها؟ اليس هو الذى سعى بكل غطرسة وتجبر الى اسكات الدكتورة جورجيت قلينى عندما تبين له انها قاربت على اخراج جرذان مذبحة نجع حمادى من جحورهم ؟ اليس هو الذى سكت سكوت الموتى عندما هاجم صبيه "الغول" نائبة بوقاحة لانها "مسيحية" عندما تعرضت لفوضى الزواج العرفى فى البلاد؟ ولم يقتصر الامر على "المستخبى" نسبيا, بل ان دولته, وهو كما نعلم مسؤل رسمى على ثانى اعلى مستوى فى الدولة قد كذب كذبا مبينا عندما اعلن على التلفاز ان" فتاة فرشوط" الشهيرة التى حاول وغيره تبرير قتل الاقباط الجماعى بسبب ادعاء العدوان عليها من قبل رجل قبطى قد ماتت بالرغم من انها ما زالت حية. فهل وصل به الجهل او القاءالكلام على عواهنه الى هذا القدر؟ يا معلم اصحى! انت لسه معانا؟ انت بتتكلم على مصر ولا بلد تانية؟ انت تمثل مصر امام العالم! عيب عليك تبقى مش دريان او تتعمد الكذب او حتى المبالغة. الرجالة تتمسك من لسانها يا معلم وانت تمثل رجال ونساء مصر. انت عارف ايه هى مصر؟ انت عارف ايه كانت قيمة مصر قبل ما تخيب وترص امثالك على كراسى الحكم.
طبعا دولتك مش مكسوف. ولكن هل تتفضل وتسمح لنا نحن المصريين الذين قتل ابنائهم غدرا وجبنا ليلة عيدهم, نحن الاقباط الذين يستمدون اسمهم من اسم مصر, والمسلمين الذين لا يقبلون ان يدفنوا ضمائرهم فى غياهب التعصب والتقهقر والفشل والبؤس, هل تسمح لنا يا صاحب الدولة ان نتكسف على دمنا ليس فقط لان الامر قد وصل بنا ان يتولى امثالك مقادير بلادنا بل اسمح لنا نتكسف لك, يعنى نيابة عنك.
يا اقباط لا تخدعكن محاولات "الكلفتة" السريعة للقضية. ففى اقوال وافعال المسيطرين على الحكم ما يشير بقوة الى النية فى اخفاء الكثير من الحقائق بل الحقيقة ذاتها. انه رد فعل طبيعى ومتوقع منهم. الشلة الحاكمة مثل رداء من التريكو: اذا جذبت خيط منه انفرط الشىء باكمله: الكمونى سيجر البعبع والبعبع يجر بتاع الحديد وبتاع الحديد ... كفاية كدا, أنتم من ذوى الالباب, واللبيب بالاشارة يفهم. |