CET 00:00:00 - 02/02/2010

مساحة رأي

بقلم: غادة يوسف جمشير
للمرأة الحق في الحياة.. وحق العمل.. وحق الاختيار في كل شؤونها، ولها حق ممارسة الحياة السياسية والاجتماعية وغيرها، لأنها تمثل النصف الآخر للمجتمع، ولن ينهض هذا المجتمع وتقوم له قائمة إلا بمشاركتها.
وعليه فإن هيمنة الرجل في مجتمع ما، والقبض بيد من حديد على أفكار الناس وإقصاء المرأة ومحاربتها وعدم إعطائها الفرصة لإثبات جدارتها ومقدرتها، وجعل الهيمنة في يد الرجل وحده بسبب التعصب الذكوري في مجتمع ذكوري؛ جعل المجتمع مجتمعًا أعرج لا يقدر على أن يستمر على طريق العمل، والنهوض به، مجتمعا ينظر بعين واحدة، ويفكر من زاوية ضيقة. إذا كان هذا هو شأن مجتمعاتنا العربية، فمتى ينهض يومًا بنياننا، ونشد أعمدتنا، ونشق طريق التقدم، ونرتقي بأمتنا؟
إن الأمة التي لا تعير اهتمامًا لنسائها هي أمة تخجل من نفسها، وتدفن مزاياها وتغطي على خطاياها، لأنها لا تريد لتلك الفئة أن تشاركها وأن تساندها بأفكارها وما تمتلكه من مواهب وقدرات، لأنها تشعر بشيء من الخجل والخوف من أن يكون لها قصب السبق والريادة والتقدم، فتتكشف عورات الرجل ذو التفكير المحدود كما هو شأن المتأسلمين، يريد أن يستبد برأيه وفكره دون مشاركة من أحد إلا من ينتمي إلى جنسه الذكوري. ولم يعلم أن الرجل والمرأة صنوان، وكلُ يكمل الآخر، وأن سفينة الحياة لا يمكن أن تمخر عباب البحر إلا بهما.

إن مشاركة المرأة ينبغي ألا تكون من زاوية واحدة وإنما ينبغي أن تشمل شتى ميادين الحياة، وأما النظرة التي ينظر إليها بعض الناس من أن المرأة تابعة للرجل ومشمولة بولايته ووصايته وأنه لا حرية لها ولا استقلال فهي نظرة شيطانية مقيته.
إن منع المرأة من المشاركة السياسية هو ظلم كبير للمرأة، ووأد لحريتها، وإسقاط لكرامتها، فهل يعي المجتمع هذا الأمر؟ لا يشك أحد في أن تقدم المرأة علميًا وسياسيًا واجتماعيًا وتنمية قدراتها سيساعد حتمًا في وصولها إلى موقع اتخاذ القرار وتأجيل الديمقراطية الغائبة، وبث الرخاء في المجتمع، فهي أقدر بأن توصل رسالتها بكل دقة وأمانة.

إن جميع المواثيق الدولية تؤكد على حق المرأة في اتخاذ القرار وصناعته. منها الإعلام العالمي لحقوق الإنسان 1948م، اتفاقية العمل الدولية. ميثاق الأمم المتحدة عام 1945م، وكذلك الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979م حيث ورد في الاتفاقية "تكفل للمرأة قدم المساواة مع الرجل بالحق في المشاركة في صياغة سياسة الحكومة وفي تنفيذ هذه السياسة، وفي شغل الوظائف العامة، وتأدية جميع المهام العامة على جميع المستويات الحكومية".
وعليه فإن إيماننا هو أن تقاسم العمل والمسؤوليات بين الجنسين مما يؤدي إلى النهوض بالمجتمع ورقيه، وأنه لا بد من العمل على تحقيق المساواة وتكافؤ فرص العمل وإن كان هذا الأمر يعد –ربما– مهمة غير يسيره في دولنا العربية نظرًا للعادات والتقاليد السائدة والراسخة فيه، إلا أننا نستطيع كسر تلك الحواجز، وتحطيم تلك القيود التي كبلت المرأة سنوات نتيجة الهيمنة غير المشروعة من قبل المتأسلمين والسلطة.
وحينما نطرح هذا السؤال على أذهاننا ونقول: ما هي الآثار الإيجابية التي تعود على المجتمع من مشاركة المرأة في صنع القرار السياسي؟
لا شك أن الآثار واضحة وبينة، فإن مشاركتها يعني تقدير دورها وأنها قادرة على النهوض بالمجتمع، وتأدية رسالتها السامية، فالعين الواحدة ربما لا تبصر لضعفها، فتأتي العين الأخرى لتقوي منها فترى الشيء واضحًا فهي عضد لها وسندًا، كما أن مشاركتها ينعكس على الأسرة التي هي أساس المجتمع. ورغم الاعتراف الدستوري لحق المرأة في دولنا العربية إلا انه لا يزال دون طموح المرأة في دولنا، وأنه لن تهب رياح التغيير مالم نقوم بتوسيع مشاركة المرأة في شتى ميادين الحياة. ولأن مشاركتها الفعلية لن تكون بمجرد وعود وأماني وخطابات، بل لا بد من التحرك الفعلي الجزئي، وطلب المزيد قبل أن ينحسر دور المرأة.

وحينما ننتقل إلى حقوق المرأة الأسرية فإن المقام بنا يطول ولكن نعرض له بشكل موجز. منها موضوع الحد الأدنى للسن عند عقد الزواج ينبغي مراعاة سن المرأة فلا تزوج وهي صغيرة كما فعل ببعض القوانين العربية، وكما هو راسخ في بعض المجتمعات التي لا تريد أن تبارح فكرة أن صون البنت في زواجها في سن صغيرة.
كما انه لا ينبغي لولي المرأة أن يتعسف في إبرام عقد الزواج ولا أن يمنعها من الشخص الذي تريد الزواج منه. فهي حرة في اختيار من تريد وهي من ستقرر حياتها وأسلوب عيشها. وكذلك حقها في الطلاق، كما أن الرجل يملك حق الطلاق فإن للمرأة أن تطلب ذلك كلما رأت انحرافًا في سلوك الزوج وخيانته، ويجب أن يُجاب إلى طلبها كلما أرادت ذلك لا أن تؤخر وتأجل قضاياها وكأنها تنتظر صدقة أو منة من أحد، فهذا حقها لا يجوز أن يجور فيه القضاء، وأن يكون القاضي واعيًا مدركًا لنفسية المرأة لا الحكم بمجرد التشهي والتشفي، فإن مثل هذه الأحكام ربما أضرت بالمرأة، وحرمتها من حقوقها.

إن غرضنا من ذلك المقال هو أن نبني حضارة عريقة، حضارة صامدة، ولن يأتِ ذلك إلا بأن يتكاتف فيها الرجل مع المرأة، ويسيرا جنبًا إلى جنب من أجل أن ننهض بمجتمعنا ونصنع حضارة وتاريخًا ومجدًا مؤثلاً، لكي بعد ذلك يحترمنا العالم.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٥ صوت عدد التعليقات: ٢ تعليق

الكاتب

غادة جمشير

فهرس مقالات الكاتب
راسل الكاتب

خيارات

فهرس القسم
اطبع الصفحة
ارسل لصديق
اضف للمفضلة

مواضيع أخرى للكاتب

ليرفع المتأسلمون وصايتهم عن المرأة

جديد الموقع