CET 00:00:00 - 01/02/2010

مساحة رأي

بقلم: أنور عصمت السادات
قبل أن يفوت الآوان، وبسبب الهروب من الفقر، والجري وراء الوعود الكاذبة، والحلم بالثراء، وابتعادًا عن معاناة المحن والأزمات المالية الشديدة، وضعف الوازع الديني، وأحيانًا الطمع – حيث إنها جميعًا أمور جعلت مجتمعنا في مواجهة مع قضايا ومستجدات لم نكن نعهدها من قبل-  لابد أن نتصدى لنمط غريب فرض نفسه بقوة كأحد الظواهر السلبية التى طرأت على مجتمعنا المصري وهي (ظاهرة زواج القاصرات).

كشفت دراسة حديثة أعدتها وزارة التضامن الاجتماعى بالتعاون مع منظمة "اليونيسيف" أن حالات زواج المصريات من أجانب تزيد على 40 ألف سيدة مصرية ليصل عدد أبنائهن إلى 150 ألف ولد وبنت، وأن نسبة زواج القاصرات في مصر11%.. وتكشف أيضًا دراسة قامت بها وزارة الأسرة والسكان على ثلاثة مراكز بمحافظة 6 أكتوبر أن نسبة زواج القاصرات بهذه المراكز بلغت 74%.

أرقام ونسب شديدة الخطورة لكن للأسف الشديد بعد كل ذلك ما زالت هذه الظاهرة لا تنال الاهتمام الكافي على كل المستويات سواًء كان حكوميًا أو مجتمعيًا.. من العيب أن يأتي إلى بلادنا سائح عربي ويتزوج فتاة خلال فترة إقامته (5 أيام – أسبوع-10 أيام) أيًا كانت تلك الفترة مقابل مبلغ مالي ثم ينتهي الزواج بمجرد عودته إلى بلده ليترك الفتاة المخطئة في حق نفسها ومجتمعها لتواجه مشكلات لا حصر لها كانت بعيدة عن تفكيرها.. ويبحث عن أخرى ثم يعود ليسئ إلى سمعة مصر وبناتها في بلاده، وقد يجلب إلينا أصدقاءه لنفس الغرض والمسلسل يتكرر والمشكلة تتفاقم.

مصر مليئة بالرجال لكن لكل قاعدة شواذ ولا شك أن هناك طائفة معدومة الغيرة افتقدوا معنى الرجولة ولا أظن أن لهم أدنى انتماء لمصر وهم سماسرة التزويج الذين يمتهنون تزويج القاصرات مقابل مبالغ مادية ليقوم بإحضار الفتاة للسائح العربي ويعطيها نسبة مالية والأدهى أنه قد يكون من أهل الفتاة التى سبق لها الزواج بهذه الطريقة وقد يصبح متعهدًا لباقي فتيات العائلة وقد يستقطب فتيات الجيران أوالمنطقة المحيطة به.. ناهيك عن صور التحرش الجنسي التي نتجت من الانحلال الأخلاقي وتدني القيم والسلوكيات ومن جراء أطفال الشوارع وضحايا العنف الأسري وخادمات المنازل اللاتى يتعرضن للإساءة الجنسية والمعنوية فضلاً عن التحرش اللفظي من قبل بعض الشباب ضد الفتيات في الشارع وداخل الحرم الجامعي ,,,,الصور كثيرة.. وكلنا نعرفها ونشاهدها كل يوم.

ولن نغفل أيضًا دور شبكة الإنترنت كأداة ووسيلة فعالة في زيادة أو معالجة المشكلة، فما يحدث على الساحة العالمية من تقدم علمي وتكنولوجي يجذب بإلحاح بعض ضعاف النفوس نحو العيوب أكثر من المزايا وتتعقد المشكلة.. لكنني أقول إننا في أمس الحاجة إلى وقفة ومواجهة صادقة لهذه الظاهرة التي تجعل مصر بمثابة محطة انتقال (ترانزيت) لزواج الصغيرات أو الزواج السياحي,,,, ولن يتأتى ذلك إلا من خلال رفع الوعي وإدماج الفتيات في الأنشطة الأسرية والاجتماعية وإيجاد ضوابط وقوانين وعقوبات رادعة لنقضى على تلك الظاهرة المخيفة.. بالإضافة إلى تعديل نص المادة 5 من قانون التوثيق رقم 68 لسنة 1947 المعدل بقانون 103 لسنة 1976 المتعلق بشروط توثيق عقود زواج المصريات من الأجانب.. ولابد من إضافة مواد جديدة في القانون المصرى تعالج تزويج القاصرات وتتصدى للظاهرة بكل حزم وعلى المجتمع تغيير نظرته التي تحمِّل المرأة المسئولية كاملة عما يحدث لها من إيذاء جسدى أو معنوي.

وحسنًا فعل "مركز عيون لدراسات وتنمية حقوق الإنسان والديموقراطية" حين أطلق حملة بعنون (مش للبيع) لمناهضة التجارة بالفتيات وتزويجهن من عرب أثرياء، ونأمل أيضًا أن تكلل المساعي الأخيرة التى ناقشت أوضاع ومطالب المرأة المصرية في جنيف بما يحقق دعم وتمكين المرأة ومشاركتها في النهوض بالمجتمع، فلا نجاح لأي مجتمع مادامت العقلية الذكورية وحدها هي السائدة والمهيمنة.. وعلينا جميعًا أن ننتبه إلى أن تزويج القاصرات ناقوس خطر يدق على أبواب مصر ويتطلب حشد الجهود الاجتماعية والمدنية وتضافر المجتمع بكافة مؤسساته، خصوصًا المؤسسات الإعلامية قبل أن يفوت الآوان ويخرج الأمر من أيدينا..

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٠ صوت عدد التعليقات: ١ تعليق