أجل.. ربما تكون أكبر عملية اصطياد فى التاريخ!.. اصطياد علنى.. واضح.. شارك فيه الملايين من المصريين بحب.. إنه اصطياد المستقبل.. ذلك الطائر المراوغ المتخفى فى أدغال الغيب!
لقد أثبت المصريون أمس أننا شعب يمتلك حساسية مفرطة تجاه مستقبله، وأنه يدرك جيدًا كيف يدير بوصلته فى الاتجاه الصحيح، وأنه قرر الانحياز للمستقبل وآماله، لافظا الماضى وخرافاته، وهكذا احتشدت الجموع أمام لجان الاستفتاء على الدستور لتعلن رأيها بوضوح وتقول «نعم»، ليس للدستور فحسب.. بل للمستقبل الآمن!
الجدير بالحفاوة والانتباه فى اليوم الأول للاستفتاء، أن المرأة المصرية خرجت بكامل طاقتها وجديتها وجمالها، ذهبت لتحمى أبناءها وأسرتها، بعد أن شاهدت كيف أهانت جماعة وطنا بأسره، فروّعت أهله بالتفجير والقتل. وعت المرأة المصرية الدرس، وأعلنت أمس فى مشهد بالغ الروعة رأيها بوضوح وبحسم: المستقبل لنا، والماضى لكم أيها القتلة والفاسدون!
من حسن الطالع أن الظروف ساعدتنى أمس لأقوم بجولة فى عدد من اللجان فى المعادى وزهرائها، وكم أدهشنى حجم الإقبال الكثيف من أول نقطة ضوء تهديها الشمس إلى الأرض، كما ثمنت الاستعدادات التى اتخذتها القوات المسلحة ورجال الشرطة، حتى يدلى أهالينا بأصواتهم فى مناخ هادئ ومطئن، وهو ما كان بشكل عام، برغم بعض المنغصات القليلة جدًا هنا أو هناك.
المثير بحق أن الذين يعترضون على الدستور سواء من الجماعة وأشقائها، أو من بعض الشباب الثائر، فاتهم أمر بالغ الأهمية، وهو القراءة الواعية للمزاج العام للشعب المصرى، فالمعترضون لا يدركون أن الملايين فى حاجة إلى فترة هدوء بعد ثلاث سنوات قضوها فى مظاهرات واحتجاجات واعتصامات أدت كلها إلى طرد رئيسين بائسين من القصر الرئاسى، وهو إنجاز مدهش جدًا، صحيح أن حلم العدالة الاجتماعية، الذى طالب به الشعب فى ثورة يناير 2011 المجيدة، لم يتحقق حتى الآن، بما يليق بالتضحيات الضخمة التى قُدمت، إلا أن الأمل قائم فى مستقبل أفضل ما دمنا نعض على هذا الأمل بالنواجذ.
بقى أن تعرف أن من أجمل أحداث اليوم الأول فى الاستفتاء على الدستور أن السيدة فاتن حمامة – رعى الله أيامها ولياليها – خرجت عن صمتها وطلبت من المصريين أن يقولوا «نعم» للدستور من أجل المستقبل وهو ما تحقق بالفعل.
تخيل.. شعبًا بأسره يصطاد المستقبل.. حقا.. ما أجمل هذا الشعب!
نقلا عن اليوم السابع |