بقلم: محمود الفرعوني انتشار التعليم وتزايد أعداد المتعلمين كانت كلمة السر في طريق التقدم والاقتباس من الغرب الحضاري وكانت في نفس الوقت كلمة السر في الطريق العكسي عندما تزايد أعداد المتعلمين زوي الأصول الريفية في صفوف الطبقة المتوسطة ففقدت المدينة السيطرة وتسلمت القرية زمام الأمور. القرية تنظر إلى التقدم بخوف وتخشى الحريات الفردية والتمرغ في تراب الميري أصبح حلم الجميع. وقد تحقق الحلم وقامت ثورة 52 وحصل كل مصري على نصيبه من التراب. وفي عام 56 تخلصت ثورة العسكر من أعداد كبيرة من الأجانب المتمصرين بعد العدوان الثلاثي على مصر خاصة اليهود المصريين الذين تم طردهم رغم كونهم يحملون الجنسية المصرية كواحد من أكثر التصرفات السياسية غباءاً وقصر نظر. وفي هذا العام تأكد للجميع أن مصر الليبرالية انتهت إلى غير رجعة وأن الدور الذي يلعبه الأجانب في تقدم مصر قد صار محل شك كبير؛ خاصة بعد أن اشتعلت حرب الشعارات مثل شعار الشعب وأعداء الشعب؛ الحرية للشعب (الحرية هنا حسب المفهوم الريفي المعادي للحريات) وأعداء الحرية ؛ كانت هناك أرضية جديدة يتم عليها فرز الناس إلى معسكرين متناقضين؛ معسكر الشعب وله كل الحريات ( رغم أن هذا لم يحدث) ومعسكر أعداء الشعب ولا حرية لأعداء الشعب (اللي هما أي حد معارض). كانت ما يمكن أن نسميه "ثقافة الاضطهاد" تأخذ طريقها إلى الظهور في حياة المصريين. أصابت ثقافة الاضطهاد في بدايتها بقايا الليبراليين من الأحزاب القديمة حتى قضت عليهم وعزلتهم وبالتالي تخلت الطبقة المتوسطة عن جميع الأفكار الليبرالية التي تتميز بها هذه الطبقة وصار عمودها الفقري يتكون من أعداد متزايدة من البيروقراطية المصرية القادمة من الريف والتي تعلمت الجهل بعد أن أصبح التعليم الجامعي مجاناً. ومن عجائب القدر أن الضحية ساعدت الجاني ووضعت السكين في يده؛ كانت الضحية هي الأقباط وكان السكين هي الانصراف عن العمل السياسي وترك الساحة خالية لأنصار الفرز الديني بعد أن قضى العسكر على كافة أشكال العمل السياسي. ما الموقف اليوم؟ إن الجريمة التي اقترفها جمال عبد الناصر في حق الأمة المصرية حين قام بتجريم العمل السياسي إلا من خلال صبيانه ومريديه وتحويل الطبقة المتوسطة إلى مجموعة من الموظفين المعادين لكل الحريات وللغرب الحضاري؛ إن هذه الجريمة لن تنتهي أثارها سوى باستعادة الطبقة المتوسطة عافيتها واهتمامها بالعمل السياسي والحزبي وانتشال العمل الحزبي من براثن المتطفلين عليه من بقايا الاتحاد الاشتراكي. |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا |
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا |
تقييم الموضوع: | الأصوات المشاركة فى التقييم: ٤ صوت | عدد التعليقات: ٧ تعليق |