CET 00:31:53 - 03/04/2009

من الاخر

بقلم / أماني موسى
جلس "سرور" ابن عم سعيد مسعد أبو السعد وهو يمسك رأسه بشدة بين كفيه ويصرخ (آآآه يا راسي، الحقوني ... راسي هتطق من الصداع) وكان والده وأمه وإخوته يجلسون حوله وعلب الأدوية متكاثرة بشدة على السرير (لأن كل جار قال على وصفة واسم دوا غير التاني) وكانت أمه تجلس بجواره وتمسك بطرف جلابية قديمة وتبللها بالماء وتضعها على راسه لتقلل حرارته، وإخوته يجلسون حوله ولكنهم يتسلون بالكلام ومشاهدة التليفزيون أما عم سعيد فكان جالس حزين مش لمرض ابنه طبعاً لأنه عارف أنه هيخف لكن بيفكر هيجيب فلوس الدوا والأكل منين...

وأخذ يقول لابنه (قوم بلاش دلع، دول شوية برد وهيروحوا بسرعة، بينما أخذت اخته سعاد تتضحك عليه وتقول له استعد يا بطل للموت، معروف أنه بيبدأ بدوخة وبرد وعطس، أديك هتقابله –الموت- قبل ما تقابل المدير بتاع الوظيفة الجديدة).
ولكن "سرور" أغمض عينيه وراح أبوه يغفي جفون ابنه وراحت النسوة الموجودين في البيت يتسابقن في إطلاق الصرخات وأخريات ممن احترفن الصراخ أخذن يصرخن بكلمات تسير على وزن وقافية كالأبيات الشعرية –طبعاً مجاملة ظريفة منهن لجارتهم أم سرور-.

وأخذ أصدقائه يتوافدون على منزل سرور للقيام بواجب العزاء ويشربون القهوة –وطبعاً كل واحد منهم بيشربها حسب ذوقه سادة أو سكر زيادة، طبعاً لازم يشربوا بمزاج عشان يعرفوا يعزوا كويس- وزي ما المثل بيقول (الشيء لزوم الشيء)، وراحوا أصدقائه يسردون في حسناته وحركاته المليئة بالرجولة والجدعنة، وقال صاحبه كريم (سرور الله يرحمه كان طيب وغلبان وكان نفسه يجيب شقة يتجوز فيها، لكن للأسف مات وملحقش أديه راح شقة تمليك أهو طول العمر وببلاش كمان وفي منطقة هادية) وراح كل الأصحاب والأحباء شاركوا في الحديث (والأهي اللي بيموت بيرتاح من المصاريف ولا بيفكر في شقق ولا جواز)، وكمل بقية الأصحاب ودخلوا في موضوع ارتفاع أسعار الشقق ومنها إلى غلاء المعيشة ثم تقصير الحكومة ومنها هجرة الشباب للخارج بحثاً عن حياة كريمة أو الوقوع في براثن الإدمان والإرهاب....... وتعالت أصواتهم وأخذوا يتناقشون في كل قضايا المجتمع ويستمتعون بشرب القهوة ببلاش ثم تعالت ضحكاتهم وكان لا ينقصهم سوى حجرين شيشة وكم لعبة طاولة على دومنة!!!!!

وانتهت الجنازة وراح الموجودين يودعون والد سرور وأمه، وكان أولهم "حسن ريسيفر" بتاع الدش اللي ساكن على أول الشارع وقال لعم سعيد البقية في حياتك، ابنك ارتاح بس أنا مين هيريحني؟ فنظر إليه عم سعيد بدهشة قائلاً: يعني إيه يا بني؟ فأجابه "حسن ريسيفر" أن ابنك كان واخد وصلة دش ومدفعش حقها ولا تمن الاشتراك بتاع شهرين، وبعده تقدم "علي فون" بتاع محل الموبايلات وقاله يا عم سعيد أنا عارف أن الوقت مش مناسب بس أنا محتاج منك 150 جنيه.... فقاله عم سعيد (يا بني هو أنا معايا أديك سلف؟؟؟ دة أنا في موقف محتاج فيه لـ 50 جنيه لو معاك) فرد "علي فون" لا يا عم سعيد دول كانوا تمن كروت شحن لموبايل ابنك سرور ومدفعش حاجة منهم قبل ما يموت.

ثم يتقدم سيد سكسة صديق ابنه سرور وقاله يا عمي أنت عارف كنت أنا وسرور زي الأخوات، فنظ عم سعيد للأرض بحزن وقاله فعلاًًًًًًًً يا بني البركة فيك لما أشوفك هفتكر ابني سرور كأنه معانا بالظبط واحتضنه ليودعه ولكن سكسة قاله أنا لسة مكملتش كلامي كله يا عمي، بصراحة سرور كان واخد مني تمن الشبكة اللي كان هيقدمها لخطيبته لكن للأسف اتزف للآخرة قبل ما يتزف على عروسته......
وتقدم طابور العزا "حسون دوت كوم" بتاع محل الكمبيوتر ، فسبقه عم سعيد قائلاً: خير بعد البقية في حياتي فلوسك كم؟ فأجابه حسون دوت كوم ولا يهمك يا عمي في بيتهم وأنا مش مستعجل، معاك وقت أسبوع والمبلغ كله حاجات بسيطة 3 آلاف جنيه تمن كمبيوتر كان حاجزه سرور الله يرحمه، أصله كان دماغ وصاحب مزاج ومدمن .....، فصرخ عم سعيد بوجهه (ابني مدمن؟؟ هو كان لاقي ياكل ولا يشتغل؟؟ كان بيجيب فلوس منين؟؟) فضحك حسون وقاله لا يا عمي ابنك كان مدمن نت وكمبيوتر والذي منه....

أما خطيبة "سرور" فكانت في شدة الحزن على خطيبها، لكن الحزن مش بيدوم والزمن بينسي زي ما كلنا عارفين وبعد تلات أيام كان بيتها فيه زغاريد لخطوبتها على "خالد ندالة" صديق المرحوم "سرور" واللي كان بيحبها بس مكنش قادر يقول لأن سرور كان حجر عثرة في طريقه!!!
وبعدها... فتح "سرور" عينيه بعد غفوة قليلة أخذها ليجد نفسه كان بيحلم ونائم على السرير وسط أسرته وأصحابه وهم يقولون له بضحك (كفاية دلع... قوم أنت زي الحصان).

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٤ صوت عدد التعليقات: ٩ تعليق